حول مبادرة هيئة التنسيق

عقاب يحيى

حين قرأتها خلت للوهلة الأولى أنني أمام مبادرة تقوم بها جهة خارجية، أو عربية لا علاقة لها مباشرة بالشأن السوري، أو أن دولة عظمى حيادية تتألم لما يجري لبلدنا من قتل ودمار.. فحنّ القلب.. لخطوة عاطفية علها تسجل في التاريخ في باب : قمنا بالواجب .. ولكن .....

ـ ولكن هيئة التنسيق تعيش داخل سورية، وتفاخر على الطالع والنازل بأنها في الميدان، وليست مثل الآخرين في الخارج، و

أنها تدفع الثمن الكبير نتيجة ذلك، وكثير من تسويق ومبررات طالما سمعتها وتناقشنا فيها .. وهيئة التنسيق تضم قوى مخضرمة أمضى عديدها العقود في المعارضة، أي لا يحتاج الخبرة والحنكة كي لا يقع في سذاجة المواقف السياسية، وهيئة التنسيق شاركت في مؤتمر المعارضة بالقاهرة ووافقت على الوثيقتين، ومنها الشرط الواضح القاطع الذي ينص على أن القبول بأي مبادرة سياسية لا بد أن يكون مدخلها، وشرطها تنحية رأس النظام ورموزه، وتقديم المتورطين بالقتل إلى المحاكمة.. وكأنها نست ذلك أو ندمت، مثلما حدث في " بيان روما"..

ـ مبادرة" هيئة التنسيق" بإعلان الهدنة(( بين جميع الأطراف التي تمارس العمل المسلح في مقدمتها قوى النظام....)) تبدو أنها تعيش في القمر بصفة مراقب، فهي تعلن وجود طرفين على قدم المساواة يمارسون العمل المسلح، وعلى هذا الأساس التنظيري تطلب منهما القيام بهدنة كي تسمح لبقية بنود" المبادرة" بالعمل، والتطبيق !!! .. بما في ذلك أعمال الإغاثة، وب

كل ذلك يحب أن يكون تحت إشراف الهيئة الأممية..!!! ..

 شيء غريب فعلاً هذا التوصيف للثورة السورية ومسارها، واضطرارها لحمل السلاح دفاعاً عن الروح البشرية، وحدّاً لعمليات الإبادة التي تقودها طغمة مجرمة، وبالتالي من يضع نفسه على تلك المسافة من الثورة.. سيخرج بتلك الاقتراحات الهوائية.

ـ لعل الأهم من كل الحكي الذي ستذروه رياح الطغمة وصواريخها وقاذفاتها.. أن هناك في سورية من ما زال يتصور أنه يمكن للمبادرات السياسية أن تجد مرتسماتها في نهج النظام وواقع الأمور، وأن " هيئة التنسيق" تغمض العين عن الشرط البديهي بضرورة رحيل النظام بكل رموزه.. وتلفّ بكلمات مغمومة لا تمشي حتى على السذج.. " للتفاوض بين قوى المعارضة وبين وفد من النظام يملك يملك صلاحيات تفاوضية مطلقة يضم شخصيات لم تتلوث ايديها بالدماء من أجل البدء بمرحلة انتقالية محددة المدة (سنة) تهدف تحضير البلاد من اجل التوصل الى نظام ديمقراطي تعددي برلماني" . 

أي .. لا مانع من بقاء النظام... ولو .... إلى عام.. ولا أدري الحاجة للكلمات التجميلية في المقدمة، وذلك الحشو الذي لا لزوم له عن الدولة الديمقراطية طالما أن بيت القصيد التفاوض مع النظام.. لكن شرط أن يكون المفاوضون ممن لم تلوث أيديهم بالدماء.. دون أن أفهم سرّ هذه الفذلكة اللغوية والحاجة إليها طالما أن القبول ببقاء النظام واضح..

ـ ستلعب الريح بكل المبادرات وتلقيها على هوامش الأرصفة، وبين أنقاض الدمار.. لأن النظام اغتالها بدءاً.. ولم يبق سبيل سوى الخيار الذي أجبر شعبنا على ممارسته ..