نظرات في العهد المعروض كأساس للدولة السورية الحديثة
نظرات في العهد المعروض
كأساس للدولة السورية الحديثة
زهير سالم*
طبعا ينبغي أن نكون دائما إيجابيين في دعم أي توافق وطني . ونتفهم المناخ الوطني السائد ونحرص على أن نكون شركاء في تدعيمه وتعزيزه . ولكن هناك فرق بين أن نكون شركاء وبين أن نكون تابعين .
وحتى لا نكون معرقلين أقترح دائما أن نحرص على الغياب على أن نكون مجرد تابعين أو يكون حضورنا معرقلا أو مثيرا للشقاق الوطني في وقت أحوج ما تكون فيه المعارضة السورية للالتحام لنترك الفرصة للآخرين أن يتفقوا .
لا أرى من اللائق بنا لا شرعا ولا مروءة أن نوقع على أشياء لا نؤمن بها ولا نعزم صادقين على الوفاء بها هذه خبابة مرفوضة وليست سياسة . تأباها الأخلاق التي تربينا عليها .
وصلتني نسخة من العهد الوطني المعروض والذي يبدو أنه سيناقش في لقاء الجامعة العربية ..
أولا – أتساءل أين ومتى تم صياغة العهد المعروض علينا ومن شارك في صياغته ؟ هل كان أحد منا حاضرا ؟ ولماذا لم نستشر قبلا وإن كان الجواب : لا لم يحضر أحد منا فلا أرى من الحكمة أن نقبل أن نكون في مقام من يدعى إلى التوقيع . الذي أقترحه للمشورة أن يمتنع جميع المدعويين – وأنا واحد منهم – عن الحضور .
سيكون من الصعب اقتراح ترقيعات للنص المذكور . وسيكون مناخ الجلسات غير قابل لذلك . وسيظهر التمسك بالموقف كنوع من العرقلة . ولا مصلحة لنا أن تنسب العرقلة إلينا .
تساؤلات أساسية وعامة جدا حول العهد المطروح
أي مرجعية يطرحها أصحاب هذا الميثاق للشعب السوري بعد أن تم عمدا إقصاء الله والأديان والقيم ؟! قبلنا بالمرجعية الشعبية الديمقراطية ولكن أين هي المرجعية الشعبية الديمقراطية التي يجب ألا يتقدم عليها أحد ؟! الاعتراف بحقوق الأقليات ضروري ومطلوب ولكن الذهاب بحق الأكثرية شيء آخر . كل ما تحاوله هذه الوثيقة هو مصادرة حقوق الأكثرية على كل المستويات حتى على المستوى السياسي الديمقراطي . هذه الوثيقة عمل استباقي لمصادرة حقوق الأكثرية . وأكثر ما أحذر منه أن نوقع على شيء اليوم ثم نتملص منه غدا وهذا أمر لا يليق لا دينا ولا مروءة . أقترح أن تنص الوثيقة صراحة وبلا لبس
على أن الشعب السوري وقراره الديمقراطي هو المرجع الأول الذي يحدد مرتكزات الدولة وهويتها ويقر دستورها حسب مشيئته . ويمتلك الأولوية لاختيار أصحاب الولايات فيها في ميادين السلطات الثلاثة . الشعب مصدر الولايات والشعب ولا وصاية عليه فيما يقر من تشريعات .
ثانيا –
أين هي ثوابت الهوية في هذه الوثيقة ما هي هوية الشعب السوري : الدينية والقومية والثقافية ؟! ولماذا تم تجاهلها والقفز عليها ؟ هل نحن شعب بلا لون ولا طعم ؟ لسنا ضد النص على حق أي مكون من المكونات ولكن كيف يصح النص على لون الفرع والتجاهل المتعمد للون الأصل ودينه وثقافته ؟ أين الإسلام ؟ أين العروبة ؟ أين اللغة العربية في هذه الوثيقة ولماذا يتم تجاهلها كوعاء للفكر والحضارة ...
ثالثا –
أين هي الأسرة في هذه الورقة بوصفها
الوحدة المجتمعية الأولى ونواة بناء المجتمع و الإطار الشرعي الوحيد للقاء بين
الجنسين ....وهل الحديث عن
مكتسبات حققتها المرأة هو نوع من الاعتراف بفضل النظام السابق وما هي هذه المكتسبات
بالتحديد حقها في أن يذبح أطفالها ويسجن زوجها ؟!
رابعا
أين الحدبث عن متطلبات العدالة فيما
تم على الشعب السوري من قتل واعتقال وإقصاء وتعذيب خلال نصف قرن من عمر هذا النظام
أين الحديث عن القانون 49 والعدالة لأصحابه أين حقوق المفقودين والمشردين وأين رد
الاعتبار بكل أبعاده للقوى التي شارك الكثيرون في إقصائها وتشويه سمعتها
الوقت المتاح أضيق من الوقوف على كل التفاصيل في هذه
الوثيقة الخطيرة وغيابنا عنها أفضل من نقاشها . والورقة أخطر من أن نمضي فيها بهذه
العجالة ...
ما أشرت إليه ليس كل شيء وهو العناوين العريضة المفتقدة . نحرص على التوافق في أفق وطني رحب وصادق
وتقوى الله خير عاصم
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية