عندما يختبئ المسيحيّون في جلباب الملحدين ليشتموا الإسلام
عندما يختبئ المسيحيّون
في جلباب الملحدين ليشتموا الإسلام
مادونا عسكر/ لبنان
يفترض الخلق الرّفيع لأي إنسان أراد التّعبير عن ذاته أو انتقاد ما لا يراه متوافقاً وفكره أو معتقده، أن يحسن المعاملة ويبدي الكثير من الصّدق والاحترام والمحبّة.
ولمّا كان أيّ شخص يعرّف عن ذاته أنّه مؤمن فعليه أن يتصرّف وفق ما يمليه عليه إيمانه ألا وهو عدم الرّياء والبعد عن الخبث والنّفاق. هذا لا يعني أنّ غير المؤمن منافق أو خبيث، ولكنّ على من اختار أن يلتزم بمعتقده أن يلتزم به حتّى النّهاية. كما عليه أن يعكس صورة محترمة عن معتقده دون فرضه على أحد.
إذا كان هدف الدّين هو الإنسان فالمسحيّة بفكرها ومضمونها هي حضارة المحبّة والإنسانيّة، ونصوصها الكتابيّة الّتي هي خبرة الله الحبّ مع الإنسان خالية من العنصريّة ومن أيّ نوع من التّعدّي على الآخر وإن أراد البعض تحويرها وتحريف مضمونها لاستخدامها لمآرب شخصيّة لا تليق أبداً بالفكر المسيحي. وبناء على ذلك من اختبر المسيحيّة كعلاقة حبّ بين الله والإنسان، لن يتردّد أبداً في السّعي إلى الآخر بكلّ ما يحمله كيانه من محبّة وإنسانيّة، حتّى ولو تطلّب منه الأمر بذل الذّات. وبالتّالي على المسيحيين أن يعوا أوّلاً أنّهم ليسوا موكلين من الله بمحاربة أيّ عقيدة أخرى، لا ولا حتّى مكلّفين بنشر المسيحيّة على أنقاض معتقدات أخرى سواء اعتبروها سماويّة أم لا. كما أنّهم ليسوا مطالبين بنقد أيّ معتقد من باب الاستهزاء والسّخرية.
نشهد بكثافة على المواقع الإلكترونيّة وشبكات التّواصل الاجتماعيّ الصّراع العنيف والسّخيف بين من يدّعون الدّفاع عن أديانهم. ولا ينتج عن هذا الصّراع إلّا المزيد من الانحراف الأخلاقيّ والفكريّ والرّوحيّ. وباتت صفحاتهم تثير الاشمئزاز وكأنّها تتعمّد تشويه صورة الأديان النّبيلة.
ليس موضوعي الدّفاع عن الأديان، إنّما تسليط الضّوء على ما أثار اشمئزازي من بعض الّذين يعرّفون أنفسهم أنّهم مسيحيون، ويتلفّظون بألفاظ مقيتة ينتقدون فيها الإسلام الكريم. كما أنّ ليس هدفي الدّفاع عن الإسلام وليس هذا من اختصاصي، وإنّما ما يهمّني هو أن أبيّن لهؤلاء قدر الخبث والانحدار الأخلاقيّ اللّذين لا يمتّان للمسيحيّة بشيء. ويكمن خبثهم في أن يتفاخروا على صفحات الملحدين بشتم الإسلام وانتقاده أسوء انتقاد. وإن دلّ هذا السّلوك على شيء فهو يدلّ على عدم قدرتهم على الانتقاد البنّاء كما يدلّ على نقص كبير في ثقافتهم المسيحيّة فيلجأون للشتم والسّخرية.
كما نشاهد معظم الفضائيّات المسيحيّة الّتي تكرّس وقتها وطاقتها في تصحيح أخطاء الدّيانات الأخرى، في حين أنّ من واجبها فحص كتبها وإعادة قراءتها بشكل سليم لتفهم أهمّيتها. فلا أفهم كاهناً أو عالماً في الكتاب المقدّس يشرح لي القرآن الكريم ويبيّن لي أخطاءه! كما لا أفهم أن تسمح تلك الفضائيّات بأن يظهر على شاشاتها بعض الملحدين لانتقاد الاسلام!
مع كلّ الاحترام للملحدين ولآرائهم وأفكارهم، ولحقّهم في التّعبير، إلّا أنّه من الخبث أيضاً أن يظهروا في فضائيّات مسيحيّة لينتقدوا الإسلام. أم تراها مصالح مشتركة؟ نعم، هي مصالح مشتركة وعصابات تشترك في نشر حضارة الانحطاط الفكري والدّيني. وتساهم في شحن الإنسان واستثارة عواطفه وتدمير عقله.
من أراد أن يعبّر عن رأيه فليفعل باحترام وعقلانيّة، ولا يضرّ الانتقاد أحداً بل يساهم في تطوير الإنسان. أمّا الاستهزاء والسّخرية والاختباء في جلباب الآخر لإعلان حرب شرسة فهو إنسان ضعيف ولا يملك في قلبه سوى الحقد والكراهية، ولا تعرف الحكمة طريقها إلى عقله.
ليس من شأن المسيحيّ أن ينتقد الإسلام بهدف انتصار المسيحيّة، فالمسيحيّة ليست بحاجة لحروب كلاميّة لتظهر. كما أنّ الأخطاء الموجودة في معتقدات أخرى بحسب من يبحثون عنها لا تساهم في نشر الرّسالة المسيحيّة.
إلى من يدّعون نشر الرّسالة المسيحيّة واستقطاب عدد كبير من المعجبين بها للدّخول إليها، اعلموا أنّ المسيحيّة ليست بحاجة لترويجكم لها، ولا لتحالفاتكم البغيضة. هناك من ينشر المسيحيّة بخدمته للنّاس واحترامه للآخر وبفضلهم ستبقى هذه الحضارة حضارة المحبّة والإنسانيّة. وإلى الإخوة الملحدين، ولا أتوجّه بشكل عام بل بشكل حصريّ إلى من دخلوا تلك اللّعبة المقيتة والّذين يعتبرون أنّ المسيحيّة خرافة، فليعبّروا عن آرائهم بحرّيّة وشرف طالما أنّهم يريدون التّحرّر.