هل تعلن الثورة السورية الفضاء السوري منطقة عمليات حربية

هل تعلن الثورة السورية

الفضاء السوري منطقة عمليات حربية

زهير سالم*

[email protected]

دعا رئيس البرلمان العربي علي الدقباسي مجلس الأمن الدولي إلى فرض منطقة حظر جوي فوق سورية وتشديد العقوبات على السلطات السورية كما نقلت عنه وكالة الأنباء الفرنسية ...

في ظل التطورات في الأوضاع لإقليمية في المنطقة . وبعد إقدام عصابات الأسد على القرصنة في الفضاء الإقليمي وإسقاط طائرة تركية في الأجواء الدولية كما يؤكد الأتراك ؛ هل يجد الثوار السوريون طريقهم إلى إعلان الأجواء السورية منطقة عمليات حربية ؟ !

لن يكون الأمر مكلفا من الناحية التعبوية واللوجستية . فانتشار الجيش الحر ووحداته على كل الأرض السورية من جبال اللجاة جنوبا وحتى أقصى الشمال والشمال الشرقي ، وتمكن الثوار السوريون من مناطق ريف دمشق ، وانخراط ضباط وجنود من كل الاختصاصات الميدانية بما فيها الدفاع الجوي في الثورة ؛ كل ذلك  سيسهل مهمة حماية الفضاء السوري من طائرات عصابات الأسد التي ما تزال تقصف المدن والبلدات والمزارع وتجمعات المواطنين في كل مكان .

قال كثير من المعلقين على حادث إسقاط الطائرة التركية أن العملية كانت محاولة لتجريب بعض المضادات الأرضية الروسية في الأهداف التركية !!!. لا نظن أن هناك هدفا أكثر مشروعية من هدف يدمر البنيان ويقتل الإنسان كما تفعل الحوامات والطائرات الروسية فوق الأرض السورية . يؤكد آخرون أن القيادة الروسية تستعرض عضلاتها بقتل السوريين ، وتجري بروفات بمختلف أنواع الأسلحة على استعادة مكانتها القطبية في عصر الحرب الباردة . ربما عندما سيسقط الثوار السوريون بعض هذه الطائرات سيجدون أن الطيارين الذين يقصفون القرى السورية بهذه القسوة هم من البلاشفة أو من الصفويين .

لنقرر بوضوح أن بإمكان الثورة السورية فرض حظر جوي على الأجواء السورية دون الحاجة إلى قرارات دولية ، ولا إلى مجلس الأمن ، ولا إلى تخوف من فيتو روسي أو صيني . وسيمثل فرض هذا الحظر دلالة جادة على تحول عملي في ميزان القوة في الوقت الذي يحاول فيه بان كيمون وكوفي عنان وغيرهما إلى اختزال ثورة الشعب السوري في دوائر الصراع الدولي والإقليمي .

وسيتم تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي الكبير ببعض المعدات البسيطة التي يحسن تقديرها أهل الاختصاص ، والتي ستمكن الأبطال السوريين من صيد الحوامات و الطائرات الروسية التي ما زالت تستبيح دماءهم تحت سمع العالم وبصره . دون أن تجد أشلاء الأطفال السوريين من يتعاطف معها  ...

وسيكون لهذه الخطوة ، حين يتم إنجازها مقترنة بما يقتضي المقام من مصداقية وجدية ، تداعياتها على أكثر من صعيد. إن امتلاك الثوار الوسائل المساعدة على التصدي لجميع أشكال الطيران التي تستهدف مدنهم وبلداتهم ومواطنيهم  ستجعل شركات الطيران العالمية وشركات التأمين التي تغطيها تفكر مرارا قبل اختيار الطيران عبر الأجواء السورية .

 دائما يجب أن يبقى حماية الطائرات المدنية هاجسا حاضرا . ولكن الشعور بالمسئولية الشرعية والمدنية عن أرواح المدنيين في الجو يجب أن يقترن بشعور مماثل بالحرص على أرواح المدنيين في الأرض . ويجب أن يكون هذا هاجسا مشتركا بين جميع أبناء الإنسانية ،  بمن فيهم شركات الطيران المعنية التي ستعتبر مغامرة بركابها بالمرور عبر أجواء تظلل وطنا ينتهك فيه الحجر والشجر والبشر .

سيكون الإعلان عن الأجواء السورية منطقة عمليات حربية بمثابة إعلان تحذير وليس إعلان تهديد . إنه فضاء مزروع بالألغام فاحذروا ..

هل ما زلنا بحاجة إلى قرار من مجلس الأمن ؟! هل ما زلنا بحاجة إلى استرضاء الدب الروسي الذي أعلن أنه لا يرى نفسه بحاجة إلى تقديم تبرير أخلاقي أو سياسي لتزويد عصابات الأسد بأدوات القتل ؟! يقول القادة الأتراك أنهم يفكرون بطريقة للرد الحاسم على إسقاط طائرتهم !! ويقول رئيس البرلمان العربي إنه يدعو إلى إعلان سورية منطقة حظر جوي . و يزعم التعبويون أن هناك بعض مضادات الطائرات الخفيفة تحمل على الكتف . هل هي كلمات متقاطعة ، إن تكن كذلك فهي ليست صعبة على ما نظن ؛ ولا ينبئك مثل خبير ..

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية