غباء السياسة الروسية في التعاطي مع القضية السورية
غباء السياسة الروسية
في التعاطي مع القضية السورية
محمد عبد الرازق
عادةً ما يكون صواب الفعل قياسًا إلى نتائجه، و ذلك أن المجتهد في خضم الأحداث قد تغيب عنه الرؤية الكاملة للحدث، و لكن عندما تبدأ النتائج بالظهور يأخذ المراقبون بتقييم ما كان وفقًا لما تحقق من إيجابيات، و سلبيات.
و بناء على ذلك فلننظرْ إلى صواب المواقف التي تبنتها ( روسيا ) في القضية ( السورية )، و لنبدأ كما يقال من الصفحة الأخيرة، فها هي نتائج هذه السياسة على المستوى الاقتصادي قد أخذت بظهور نتائجها؛ و أولها ما كان لوفد رجال الأعمال الروس من خيبة أمل لاقَوْها في السعودية من قبل غرفتي تجارة، و صناعة ( الرياض، و جدة )، لقد بُذِلت جهودٌ كبيرة من أجل فتح أسواق المملكة للبضائع و الصناعات الروسية حتى بلغ حجم التبادل التجاري بينهما (ثلاث مليار، و أربعمائة مليون دولار)، أي ما يعادل ( تسع مليارات، و ستة ملايين ريال سعودي)، و كان متوقعًا له أن يصل في سنة ( 2015م) إلى ما يقرب من ( عشرة مليارات دولار)، و قد أصبح كل ذلك على المحك، رهنًا بالتطورات القادمة في مواقفهم من الملف السوري. هذا فضلاً على تغير المزاج العام في العالمين ( العربي، و الاسلامي) تجاه كل ما هو منتج لهم؛ و الأمر منذرٌ بما هو أشدُّ، ولا سيما في السوق السورية، فلم يعد المواطن السوري يتقبل أن يمسك بيده، لا بل أن تقع عينه على ما يحمل اسم هذا البلد الذي جعلَ قسمٌ كبير من أبنائه مظاهرات الجمعة الماضية تحت شعار ( روسيا عدو الشعب السوري ).
هذا بعضٌ ممَّا لحق بالجانب الاقتصادي الذي هو الدافع الأول لكل ما تنتهجه روسيا من خطوات سياسية تجاه ما يحصل، هل يسرهم أن يكون جلُّ ما يسعون إليه من مردود مادي متأتٍ من صفقات السلاح، التي رأى العالم أجمع كم قتلت من السوريين العزَّل ، و كم هدمت من مدنهم و قراهم، لقد حولت شُحنات سلاحهم التي يديمون بها معركة النظام ضد أبناء الشعب سوريةَ إلى أرض يباب، و دمرتها ( تاريخًا، و جغرافية )، و ( حاضرًا، و مستقبلاً )، و (إنسانًا، و أرضًا) .
هل هذا يخدم مصالحهم الآن، و مستقبلاً، و هل هذا ما عملت عليه لجان الصداقة التي كانت بين الشعبين على مدى عقود طويلة، و هل في هذه السياسة ما يراعي مصالح الشعوب بعد زوال الأنظمة، التي حدثنا التاريخ أن عمرها أقصر من عمر شعوبها، فهي إلى الزوال، و هم إلى البقاء، و التاجر الفطن من يكسب دائمًا، و ليس من يربح صفقة، و يخسر صفقات، و قديمًا قالت العرب: ( فلان يعرف من أين تأكل الكتف).
فهل عرف ساسة الروس ذلك، أم أن غباءهم قد أطبق على مسعاهم؛ فأصبحوا، و دِبَبُ قُطبهم سيَّان؟.