روسيا والعراق وسوريا

الحكومة الروسية تعتزم تزويد دمشق بأكثر من 20 مقاتلة من طراز "ميغ 29"

المالكي تلقى معلومات عن اقتراب سقوط الأسد ويحاول التواصل مع "الإخوان"

بغداد - من باسل محمد:

عواصم - وكالات:

كشفت مصادر بريطانية, أمس, أن الولايات المتحدة طلبت من المملكة المتحدة, المساعدة لاعتراض ووقف سفينة تشتبه في أنها تحمل مروحيات هجومية وصواريخ روسية إلى سورية, فيما خففت الحكومة العراقية من تأييدها لنظام بشار الأسد, عبر فتح قنوات اتصال بالمعارضة السورية, حيث طلبت منها ضمانات بمحاربة تنظيم "القاعدة" وإقامة حكومة وحدة وطنية.

وذكرت صحيفة "صندي تلغراف" البريطانية, أن سفينة الشحن الروسية (أم في ألايد) يُعتقد أنها تُبحر في الوقت الراهن عبر بحر الشمال, وجرى تحميلها بشحنة من الذخائر ومروحيات (أم آي 25) المعروفة باسم "الدبابات الطائرة" من ميناء كاليننغراد الروسي على بحر البلطيق.

وأضافت أن واشنطن, التي نددت الأسبوع الماضي بموسكو لاستمرارها في تسليح النظام السوري, طلبت من المسؤولين البريطانيين المساعدة في وقف السفينة الروسية ومنعها من تسليم شحنتها المزعومة عن طريق استخدام تشريع العقوبات لإجبار شركة التأمين التي تتخذ من لندن مقراً لها على سحب الغطاء عنها.

وأوضحت الصحيفة أن الحظر الراهن على الأسلحة, الذي فرضه الاتحاد الأوروبي ضد سورية في مايو من العام الماضي, يمنع نقل أو تصدير الأسلحة أو أي خدمات سمسرة ذات صلة مثل التأمين, مشيرة إلى أن سحب التغطية التأمينية سيجعل من الصعب على سفينة الشحن الروسية أن ترسو في مكان آخر من الناحية القانونية ويمكن أن يجبرها على إعادة شحنة الأسلحة إلى الميناء الروسي.

ولفتت إلى أن طلب الولايات المتحدة من لندن يأتي بعد أن كشفت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الثلاثاء الماضي عن أن موسكو تخطط لتسليم دفعة من المروحيات الهجومية إلى سورية, يُعتقد أنها جزء من شحنة مكونة من 36 مروحية طلبتها الحكومة السورية في نهاية الحقبة السوفياتية وتم نقل بعضها من سورية إلى روسيا في الآونة الأخيرة لأعمال الصيانة الروتينية.

وأضافت الصحيفة أن سجلات الشحن البحري تبين أن السفينة الروسية (أم في ألايد) كانت حتى يوم الخميس الماضي تُبحر قبالة الساحل الشمالي الغربي للدنمارك وتتجه على ما يبدو جنوباً نحو مدخل بحر المانش, وهي مؤمن عليها من قبل شركتي التأمين (ستاندرد بي) و (آي كلوب), اللتين يديرهما تشارلز تايلور وشركة لندن المحدودة التي يتولى إدارة عملياتها الخارجية روبرت دوري.

ونسبت الصحيفة إلى دوري قوله "تم إبلاغنا بأن سفينة الشحن الروسية قد تكون تحمل أسلحة إلى سورية, وعلى وجه الخصوص مروحيات هجومية وصواريخ وذخائر غير محددة, ونجري تحقيقات للتأكد من ذلك وهناك شروط استثنائية في عقد التأمين تمكننا من إلغاء التغطية في حال كانت الجهة المعنية متورطة في تجارة غير قانونية, وندرس الآن ما إذا كنا سنتخذ مثل هذه الخطوة أم لا".

وكشفت أيضاً أن روسيا والغرب دخلاً في خلاف آخر, حول خطط موسكو للمضي قدما في صفقة لتزويد نظام الرئيس السوري بشار الأسد بمقاتلات حديثة, وفي إطار خطوة يخشى مسؤولو أجهزة الاستخبارات الأميركية أن تدفع الأزمة في سورية للمزيد من إراقة الدماء على المدى الطويل.

وذكرت أن الكرملين يضغط للمضي قدما في تنفيذ بنود صفقة دفاعية لتزويد سورية بأكثر من 20 مقاتلة من طراز (ميغ 29) وقعها البلدان العام 2007 وقُدرت قيمتها بنحو 250 مليون جنيه إسترليني.

على صعيد آخر, كشفت مصادر في "حزب الدعوة" برئاسة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ل¯"السياسة" ان اتصالات جديدة تجري بين الحكومة العراقية وبين المجلس الوطني السوري.

وقالت هذه المصادر ان المجلس السوري طلب امرين عاجلين من بغداد: الاول هو وقف اي اتصالات سياسية واي دعم اقتصادي مباشر للنظام السوري, والثاني ينص على فك اي ارتباط مع الموقف الايراني المساند لنظام بشار الاسد.

في سياق متصل, أكد النائب في التحالف الوطني عبد الحسين الياسري, وجود اتصالات متقدمة تجري بين الحكومة العراقية والمجلس الوطني السوري وان لقاءات تمت بالفعل بين الطرفين في بلدان اخرى.

وقال النائب الياسري ل¯"السياسة" ان هذه الاتصالات مع المجلس السوري ضرورية لكي لا يكون البديل عن نظام بشار الاسد عدواً للعراق ولضمان عدم حدوث حرب اهلية ذات صبغة طائفية في سورية لأن من شأن ذلك ان يتسبب في اندلاع حرب طائفية في بلاده مجدداً.

واضاف ان الحكومة العراقية تريد من المجلس الوطني السوري بعض المطالب, أولها ان لا يسمح المجلس بأي ظهور لتنظيم "القاعدة" في سورية واي تنظيمات اخرى سلفية قريبة منه وان يتصدى لها ولا يسمح بمشاركتها في اي حكومة سورية في المستقبل, وأن يكون المجلس ممثلاً لجميع السوريين ويسعى في مرحلة ما بعد الاسد الى تشكيل حكومة وحدة وطنية في سورية, وأن يرفض المجلس اي تدخل خارجي من تركيا و الدول الاوروبية.

ورأى الياسري ان بلاده يمكن ان تؤيد اي تدخل عربي لإرسال قوات لحفظ الأمن و النظام لمساعدة الشعب السوري على الانتقال السلمي الى نظام الحكم الديمقراطي بما فيها مشاركة قوات من بعض دول الخليج العربي.

واشار الى ان اللقاءات بين بغداد و المجلس الوطني السوري ستسهم في توضيح حقيقة الموقف العراقي وان الحكومة العراقية لا تقف مع نظام الاسد لأنه شيعي وان ما يعني العراق هو ضمان انتقال سورية الى الديمقراطية مع تفادي وقوع حرب اهلية وتكرار السيناريو العراقي الذي جاء بالاحتلال والدمار والطائفية رغم ان سقوط الدكتاتور صدام حسين كان امراً حيوياً و مهماً للغاية.

من جهته, قال الباحث السياسي العراقي سالم محمد العزاوي ل¯"السياسة" ان الاتصالات بين بغداد والمجلس السوري خطوة ذكية لأنه من الضروري للعراق ان لا يكون بعيداً عن اي مفاجئات على الارض في سورية تقضي بانهيار نظام الاسد بين ليلة وضحاها.

واضاف العزاوي ان هناك تحولات في مواقف الاغلبية الشيعية الحاكمة في العراق وهي حصيلة مباحثات عميقة اشترك فيها سياسيون و رجال دين في ومدينتي النجف وكربلاء وتتضمن محورين الاول, عدم التورط في اي دعم طائفي لنظام الاسد لأن من اسوأ نتائجه عودة الوضع الداخلي العراقي الى مربع الاقتتال الطائفي في السنوات بين 2004 و2008 وهذا معناه ان المجتمع الدولي لن يدعم الديمقراطية في العراق, كما ان فرص عودة تنظيم القاعدة و فلول حزب البعث للعمل ستكون كبيرة, والثاني, القبول بحكم الاغلبية السنية في سورية لأن ذلك سيعزز في المقابل من استقرار حكم الاغلبية الشيعية في العراق في ظل نظام حكم ديمقراطي تعددي.

الى ذلك, كشفت اوساط رفيعة في الحزب الاسلامي العراقي السني ل¯"السياسة" ان اطرافاَ في الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي طلبت مساعدة الحزب لأجراء حوارات مع جماعة "الاخوان المسلمين" وبقية فصائل المعارضة في سورية.

وقالت هذه الاوساط ان التحركات الجديدة للمالكي بهذا الاتجاه لها دلالات منها ان رئيس الوزراء العراقي لديه معلومات ان نظام الاسد شارف على الانهيار والاهم انه يريد تفادي المصير نفسه الذي سيصل اليه الاسد ان بقي هو الى جانب النظام السوري حتى آخر رمق.