تنظيم القاعدة بين النموذج السوري و النموذج اليمني
تنظيم القاعدة
بين النموذج السوري و النموذج اليمني
د
. حمزة رستناوي*سأعتمد طريقة المقارنة بين النموذجين في عرض نقاط الاتفاق و الاختلاف.
أولاً : تنظيم القاعدة في اليمن له وجود سابق على الثورة اليمنية ,بينما تنظيم القاعدة في سوريا ليس له وجود فعلي في سوريا قبل الثورة السورية.
ثانياً : حاول النظامان الاستبداديان اليمني و السوري الصاق تهمة القاعدة بالحراك الشعبي الثوري , و منذ المراحل البكرة و حتى النهاية ,لتبرير قمع الثورة و البقاء في السلطة و استعطاف و ابتزاز المجتمع الدولي.
ثالثاً : الحراك الثوري في سوريا و اليمن هو أساسا و إلى حد كبير حراك شعبي غير مؤدلج أفرز قيادات شابة من ضمنه , و هو حراك يتبنّى مطالب الانسان الاساسية في الحرية و العدالة و الكرامة , و لم يكن للمعارضة التقليدية لأنظمة الاستبداد أي دور في اطلاق شرارة الثورة و دعمها بشكل فاعل , و هذا أكثر وضوحا في المثال السوري لكون المعارضة التقليدية اليمنية لنظام علي عبد الله صالح ( أحزاب اللقاء المشترك) كانت أكثر تنظيما و إحساسا بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقها من المعارضة التقليدية السورية.
رابعاً : في الحالتين السورية و اليمنية يوجد تيارات اسلام سياسي " أخوانية أو قريبة منها " لا تشكّل عماد الحراك الثوري الشعبي و لكنها تدعمه و تتبنّاه بشكل أو بآخر كما في الحالة المصرية أيضا , و هذه التيارات لا ترحّب و ستقاوم أي حضور فاعل للقاعدة في المشهد السياسي , لكون القاعدة ستنازعها الأرض و المشروعية التي تقف عليها , من حيث أن تيارات الاسلام السياسي السابقة الذكر لا تتبنى السلفية الجهادية كفكر و ممارسة ,و كذلك لكونها أساسا هي تيارات سياسية وطنية لا تقدّم نفسها كمدافعة عن دولة الاسلام و المسلمين بالمطلق و بمعزل عن الجغرافيا السياسية , و لكونها تنتهج و تقبل بمرجعية الدولة المدنية و الديمقراطية و لو بارتباك معين و من دون تجربة سياسية مستقرة تدعم تطبيق التجربة , على النقيض من تنظيم القاعدة و مشتقاته التي تكفر الديمقراطية و من يقبل بها.
خامساً : المسافة التي تفصل بين الحراك الثوري الشعبي و القاعدة أبعد في الحالة اليمنية مقارنة منه في الحالة السورية لأسباب متعددة منها:
أ - أسبقية القاعدة على الحراك الثوري الشعبي زمنيا , و تمايز القاعدة عنه المستوى الفكري و السياسي .
ب- قوة الحراك الثوري الشعبي اليمني و نجاحه النسبي في اسقاط نظام علي عبد الله صالح , فهو حراك يعمل في ظروف أكثر علنية و في بيئة أقل قمعا و تأزّما.
ج - عدم وجود طبيعة طائفية للنظام الاستبدادي في اليمن مقارنة مع النظام السوري , حيث أن وجود عصبة طائفية للنظام السوري و إفراطه في استخدام العنف تزيد فرص الخيارات الأقل عقلانية و الأكثر انفعالا و الأكثر ارتكازا على الدين – كملجأ للإنسان في حالات الفقر السياسي - كرد فعل على ممارسات النظام. و رغم وجود الحوثيين في اليمن و لكنهم كانوا طرف هامشي التأثير في مجريات الثورة اليمنية.
* شاعر وكاتب سوري