أخلاقيات الثورة والمعاملة بالمثل

أخلاقيات الثورة والمعاملة بالمثل

محمد زهير الخطيب/ كندا

[email protected]

قام الثوار في سورية يطالبون بالحرية والكرامة والعدالة، فحري بهم أن يتحلوا بالشجاعة والصدق والصبر والرفق، فانهم إن كانوا يألمون فأعداؤهم يألمون كما يألمون ولكنهم يرجون النصر وعدوهم سيبوء بالخذلان. ولئن كانت شيمة عدوهم الكذب فلتكن شيمتهم الصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وعليهم بالصبر فما اوتي أحد خيراً من الصبر، ورغم بطش العدو فعليهم بالرفق فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وليكن ديدنهم أن يوطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن يحسنوا وإن أساؤوا فلا يظلموا.

ومن جانب آخر نهانا الله عز وجل عن السب فقال (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) الانعام 108

وقال (ادع إلى سبيل ربك بالحكم والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هو أحسن) النحل 125

فليكن كلامنا نقداً بناءً مفيداً وليكن حيادياً (قل لا تُسألون عما أجرمنا ولا نُسأل عما تعملون) سبأ 25

هذه أخلاقيات الثواروالباحثين عن الحرية الابطال، ولكن هل تنفع هذه الاخلاق مع عصابات الشر الحاكمة في سورية؟!!! إن كثيراً من الناس بدؤوا يشكون في إمكانية تطبيق هذه الاخلاق في مواجهة حثالة من الوحوش التي لا تعرف الاخلاق ولم تسمع بالرحمة، حثالة من الوحوش والشبيحة تقوم بمجازر جماعية وحالات حرق واغتصاب ودفن أحياء... بينما المجتمع الدولي يقف متفرجاً ومتلكئاً لا يحسن إلا الادانة اللفظية والشجب.

لقد بدأت تظهر بين بعض الثوار رغبة باللجوء إلى المعاملة بالمثل لردع البادئين بالاعتداء، أو لفرض ما يسمى بتوازن الرعب، وهذا أمر يحتاج إلى نظرة متأنية لانه قد يفسد الثورة ويفتح أبواب الشر ويوقع مزيداً من الضحايا من المدنيين والمسالمين والنساء والشيوخ والاطفال، ووجب التنبيه لوقف هذا الاتجاه من التفكير وضبطه بالقواعد الاخلاقية والقانونية والشرعية.

فقتل المدنيين مرفوض عالمياً وقانوناً وشرعاً، والاعتداء على أهل وأقارب وأصدقاء المحاربين مرفوض، ولا تزر وازرة وزر اخرى، وكل إنسان مسؤول عن عمله، وأخذ الرهائن المدنيين مرفوض ويجب إدانته من الجميع.

وإذا قتل مجرمون نساءً دون وجه حق فليس القصاص أن نقتل نساءهم بل أن نجلب القتلة إلى العدالة ونقتص منهم دون أهلهم، فكل شخص مسؤول وحده عن أفعاله وإجرامه.

ولكن عندما يتعذر القصاص من الفاعل الذي يعتدي على النساء والاطفال لسطوته واحتمائه بآلته العسكرية وعتاده، وأمكن الاعتداء على أهله ونسائه وأطفاله بمثل ما اعتدى على الآخرين، فهنا تُطرح قضية المعاملة بالمثل، وهو باب شر أجارنا الله منه، لانه معاقبة لمن لم يجرم نيابة عن مجرم لم نقدر عليه، ولا شك أننا لا يجب أن نبدأ به ونسنّ سنته، ولو بدَأنا به العدو فعلينا أن نصبر ونحتسب ونعمل بالصبر الذي وجهتنا إليه الآية الكريمة، (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ). فالله عز وجل حثنا على الصبر فلا شك أنه خير لنا، وعلينا أن نستعين بقوى الخير والمنظمات الانسانية والدولية التي تحرّم هذه الاعمال لتساعدنا في حماية أنفسنا ومعاقبة المعتدين علينا، ولايزال في الناس بقية من خير نأمل عونها.

إن منظر النساء المغتصبات والاطفال المذبوحين والاشلاء المتناثر في مجازر الحولة وحمص والقبير تجعل الحليم حيران وتكاد تذهب بالعقل.

فهل ستترك لنا عصابات الاسد بقية من عقل نحافظ بها على أخلاقيات الثورة؟