المجازر الكبرى والجزار الأكبر
المجازر الكبرى والجزار الأكبر
د. منير محمد الغضبان *
دعونا نتكلم ونحن نتفجر ,ونحن نتأجج غضباً وحنقاً وغيضاً ومقتاً , فمن أين نأتي بالحكمة ونحن نرى خمساً وخمسين طفلاً مذبحين بالمدى والسكاكين , كيف يبقى لدينا عقل ونحن نرى ثلاثين شهيدة من حرائرنا
تسقط صرعى بيد الجزارين المجرمين الطواغيت .
دعونا نتكلم , وهل بقي في العالم كله أحد يسمعنا أو يحس بنا أو يرى أرضنا تحترق , وبيوتنا تدمر , وإنساننا
يستشهد شاباً وشيخاً وامرأةً وطفلاً , وشعبنا يستأصل.
دعونا ننادي أولاً أمريكا وروسيا والإتحاد الأوربي الذين يخافون على سوريا من الحرب الأهلية , ألستم أنتم
الذين تشعلون الحرب الأهلية حين تتغاضوا عن جرائم النظام الطائفي , ألا تروا حمص كيف تنقسم قسمين ,
قسم السنة فيه الذبح والقتل والدمار والإفناء والاستئصال , والقرى الطائفية لا تمس بسوء خدماتها , كهربائها ,
وأهلها الذين يتسللون ليلاً لينفذوا مخططات النظام . إذا صرخنا آخ , قالوا أنت طائفي تثير الطائفية , وإذا ذبح بشار
شعبه , وخصص بالفضل قتل السنة كافأتموه وقلتم له : لا شك أن القاعدة تتحرك في سوريا
ماذا تريدون منا يا قادة العالم ؟ -- أن نكون ملائكة : نذبح , نموت بالصواريخ والدبابات والطائرات وندفن مع الأنقاض
ويستوي الأحياء والأموات وأن نسكت . لا نسمع ولا نرى ولا نحس , ونشكر لكم إدانتكم للقتيل والقاتل والجلاد والضحية
في كل بيان تصدرونه ( العنف لم يتوقف من الطرفين )
ترى لو رأيتم في اليوم الثاني خمسين طفلاً علوياً مذبوحاً في القرداحة أو قرى جيراننا العلويين , نكون نحن المجرمين
الطائفيين, نحن نريد أن نملك عقلاً لنناشد العقلاء , فما نفعل إذا فقد العقلاء عقلهم وخرج الشباب الثائر إلى كل قرية
صامتة مستسلمة للنظام تريد أن تثأر لقتلاها وجرحاها وحرائرها وأطفالها .
نريد فقط أن نوجه هذه الصرخة أعينونا على وأد الحرب الأهلية التي يقودها بشار مجرم الحرب وطاغوت سوريا .
أين ذلك الإنذار الذي يقول لبشار خلال يومين اسحب أسلحتك الثقيلة من شوارع سوريا , وأخرج عشرات أو مئات
الآلاف من المعتقلين أو سوف نسقط نظامك بالقوة لأننا لن نسمح بذبح شعب على أعين العالم , وإلا فأنتم تعبثون
سكارى بدماء شعبنا فرحين بإبادته , تتلهون بتدميره
ونداءً ثانياً نوجهه لأصدقاء سوريا
ماذا فعلتم وأنتم ثمانون دولة ومنكم الإتحاد الأوربي , ومنكم أمريكا أقوى قوة في العالم . ماذا فعلتم لحماية هذا الشعب يا
أصدقاءه الكبار والصغار . قدمتم مبادرة عنان والتي كان من ثمرتها أكبر مجازر سورية الحديثة مجزرة الحولة وأكبر
إبادة لمحافظة كاملة محافظة حمص . وقتلى وجرحى بالمئات والآلاف ,ومجازر في كل أنحاء سوريا بلا استثناء
وأنتم حينئذ تنظرون . أين دفاعكم عن شعوبكم التي سيأتيها البلاء ما لم نقض على هذا النظام
يا أيها العالم العربي والإسلامي
هل هانت عليكم أمتكم ودينكم إلى درجة أن يستأصل شعب لعيون بشار وأنتم تنظرون . أين أخوتكم حيث ميثاق الشرف
العربي وحيث المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يظلمه , وأين نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم (انصر أخاك ظالماً
أو مظلوماً , قالوا يا رسول الله ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً ؟ قال تردعه عن ظلمه فإن ذلك نصر له )
لقد يئسنا من العالم كله وربطنا عقدنا وعهدنا مع رب هذا العالم , رب العالمين , إنساً وجناً وغير ذلك , وانظروا إلى هذا
الشعب العظيم الذي ستكون على يديه صياغة البشرية من جديد
انظروا إلى الشام وأهلها معقل الإيمان والعلم . انظروا إليها بالأفعال لا بالأقوال . وهي تقول :
لبيك – لبيك – لبيك يا الله ,,, لبيك – لبيك – يا إسلام
لن نركع إلا لله --- ,,, يا الله مالنا غيرك يا الله
وكلما زاد الذبح والتقتيل والتمثيل والتنكيل . كلما زاد من شعبنا الإصرار والإقدام والاستعداد للموت وهم يهتفون
عالجنة رايحين شهداء بالملايين
لقد علمٌوا خلال هذه السنة والربع البشرية معنى الاعتماد على الله والتوكل عليه , والصبر في البأساء والضراء
وحين البأس وكما قال أول شهداء بدر :
ركضاً إلى الله بغير زاد ------ إلا التقى وعمل المعاد
والصبر في الله على الجهاد ------ وكل زاد عرضة النفاد
إلا التقى والبر والرشاد
شعبنا العظيم يتسابق إلى الموت . اختلطت أفراحه بأتراحه . فالشهادة عنده عرس والعرس عنده شهادة , لقد صرنا نملك
أعظم الثكالى و اليتامى والأرامل . وشعبنا يلد كل يوم بطلا جديداً ينظم إلى قائمة وقافلة الأبطال من الشهداء أو المعتقلين
أو المتظاهرين أو الشهيدات أوالمعتقلات المتظاهرات
ستكون سوريا بإذن الله النار التي تحرق الطغاة , وسيرى العالم منها عصراً جديداً بزغ عليها وعلى البشرية هو
عصر خلافة النبوة إن شاء الله
وإن كانت جمعتنا التي مضت هي جمعة دمشق والنصر القريب فستأتي الجمعة إن شاء الله التي تكون ساعة الصفر
وتكون جمعة الزحف على دمشق , وعلى القصر الجمهوري وعلى قلاع الطغاة التي ستتهاوى كلها بإذن الله
لأن النصر قادم
لقد حقق شعبنا الشرط الأول إن شاء الله من عهده مع الله وهو
( وانتصروا من بعد ما ظلموا )
ولكل شرط جوابه فسيتحقق الشرط إن شاء الله
( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون )
وعندها تتم فرحة القلوب الكسيرة , وفرحة شعبنا الجريح الذي أصابه القرح , وهو يقبض ثمن صبره وتضحياته
وانتصاراته وجهاده
( ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم )
إلى ما أعده الله للشهداء الأبرار والمجاهدين العظام من النعيم في جنات الخلود
وهذه هي المعادلة كاملة :
( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ؟
تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون).
هذا الثمن وما هو الجزاء؟
(يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك هو
الفوز العظيم )
(وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين )
* باحث إسلامي سوري