هذا ما قاد إليه تلكؤ العالم من قبل ..

هذا ما قاد إليه تلكؤ العالم من قبل ..

فإلى أين سيقود من بعد ؟!

 

زهير سالم*

[email protected]

أصبحنا أمام مشهد سوري مثير للخوف والاشمئزاز بكل المعايير . فنحن أمام نظام منسلخ عن أي خلفية أخلاقية ، يمتلك أدوات قتل متقدمة، تدعمه مباشرة دولتان كبيرتان على المستويين الدولي والإقليمي . وبينما يحتدم الجدل العالمي حول مشروعية التدخل في دفع سكين الجزار عن عنق طفل رضيع في بابا عمرو ، يتوغل الروس والإيرانيون في تسليح القاتل وتدريبه والتخطيط له والذبح معه والدفاع عنه ومشاركته الجريمة بكل أبعادها ..

وفي الوقت الذي يتسلم فيه القتلة المتسلطون على الشعب السوري الأسلحة والذخائر وأحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا التجسس والمتابعة والقمع والتدمير من روسيا وطهران ؛ يتبغدد بعض أدعياء الإنسانية المجردين منها ، بإعلان رفضهم مساعدة الشعب السوري بأي أداة من أدوات الدفاع عن النفس ؛ مما يعني عمليا إعطاء القاتل رخصة مفتوحة في قتل الرجال والنساء والأطفال ، و إعطاء الفاجر المغتصب الفرصة لاغتصاب المزيد من الحرائر من بنات الشام ..

إن الذين يحولون بين المجتمع الدولي ودوره في كف يد الجريمة عن أعناق أطفال سورية ، حرصا على السلم الأهلي فيما يزعمون ، إنما هم مؤيدون حقيقيون لمشروع ذبح الأطفال واغتصاب الحرائر على الأرض السورية ، مهما فذلكوا ذلك أو موهوه أو جملوه أو زخرفوه ...

إلى هذا الموقف الضنك أوصلنا تلكؤ العالم من قبل ، ربما قرار سابق من مجلس الأمن ، وتلويح بعصا غليظة من طرف قادر على استخدامها عندما يجد الجد ، كان سيوفر على السوريين الكثير من المتاعب والآلام ..

 ليعلم العالم الذي ما يزال يتلكأ تحت شتى المعاذير مراهنا على وقت إضافي يمنحه للقتلة لتطويع هذا الشعب الأبي بالمزيد من ممارسات القمع والقتل والاغتصاب أن شعبنا البطل سيسقط بحول ربه وقوته جميع هذه المراهنات .

 لقد استقرت الاستراتيجية الدولية كما هو واضح حتى اليوم ، على محاصرة هذا الشعب الأعزل بين قوسي التطويع والتدمير. أما خيار التطويع فهو ساقط في سنن الله وفي منطق التاريخ ؛ وأما خيار التدمير فسيكون أكثر كلفة مما يتصوره المجرمون والمغامرون . وستحرقهم النار التي بها يعبثون .

 إن السكوت عن حرب الإبادة التي تمارس ضد المدن والبلدات والقرى والأحياء في سورية هو شراكة مباشرة فيها من كل المترددين والمشككين والصامتين...

ومهما تكن الأعذار والمعاذير فإنه لا يمكن لمنطق إنساني قويم أن يحمل أطفال بابا عمرو أو نساء كرم الزيتون مسئولية ضعف المعارضة السورية أو تفرقها أو تشرذمها إن صح ما يقولون.

ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يخفي رغبته في خذلان السوريين ، وتسليم رقابهم للجزار ، وراء عذر اسمه ضعف المعارضة أو انقسامها ؛ لأن عضوية الطفل السوري في المجتمع الإنساني هي عضوية مباشرة لا تتأكد من خلال جسر عبور اسمه المعارضة ..

لا يمكن للفيتو الروسي أو الصيني أن يكونا ورقة توت تستر عورة الموقف الدولي المتمدن في تخلفها عن منع جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ، اللتين تستمران في سورية على مدى عام كامل ، بل إن الصامتين والمترددين وأصحاب الأصوات المرتفعة كل هؤلاء شركاء في جريمة الأمس وشركاء في جريمة اليوم وسيكونون شركاء في جريمة الغد ..

هذا ما أوصلنا إليه تلكؤ المجتمع الدولي من قبل وربما يكون الأشد والأقسى هو ما سيوصلنا إليه في الغد القريب ..

لن ندين ولن نستنكر ولن نشجب ولن نشكو وإن غدا لناظره قريب..

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية