الصراع السياسي في سورية بعد إسقاط النظام
الصراع السياسي في سورية
بعد إسقاط النظام
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
سنحاول هنا رسم وطبيعة الصراع السياسي في سورية المستقبل , وقبل أن نخوض في لب الموضوع يوجد سؤالين أمامنا وهما :
الأول :ماهو نوع الصراع السياسي في سورية المستقبل ؟
الثاني :ماهي الايديولوجيات الحزبية والمتوقع أن تسيطر على المشهد السياسي المستقبلي في سورية ؟
فعند الاجابة على السؤال الأول , يخطر للبعض أن الصراع سيكون طائفي , بينما يرى البعض الآخر أن الصراع سيكون سياسي , والمتمثل بالأغلبية السياسية
أما حول الاجابة على السؤال الثاني , لابد لنا من الدراسة الديموغرافية لسورية , من حيث نسبة وجود القوميات العرقية , ونسبة توزيع الطوائف في المجتمع السوري .
مع أنه لاتوجد إحصائيات دقيقة , ولا توجد اماكن منعزلة تمثل عرق أو ظائفة , وإنما توجد بعض المناطق فيها زيادة تنتمي للون معين من فسيفساء المجتمع السوري .
نشر على موقع العربية نت التوزيع الديموغرافي السكاني في سورية , وهي أرقام تقريبية , ولكنها قريبة من الحقيقة , وجاءت التقديرات كالآتي :
70% من السّنة (العرب)، 8 إلى 9% من العلويين (العرب)، 8% من السنة (الأكراد)، 8% من المسيحيين (العرب الأرثوذكس في الدرجة الأولى)، 2 إلى 3% من الدروز (العرب)، 1% من الشيعة (العرب وسواهم)، أقل من 1% من السنة (الشركس)، أقل من 1% من أقليات أخرى كاليزيدية والإسماعيلية، ومنها عدة آلاف من اليهود.
من هذه النسب التقديرية, يمكننا مباشرة استبعاد صراع طائفي مستقبلي في سوريا , لآنه لايوجد تكافؤ , بين الطوائف , والفرق شاسع جداً , نجد ان السنة تشكل نسبة ثمانين بالمائة تقريباً من المجتمع السوري , ولو اعتمدنا الصراع العرقي فالتكافؤ عينه فالعرب يشكلون حوالي تسعين بالمائة من المجتمع .
نصل لنتيجة حتمية أن الصراع سيكون سياسياً, والمتمثل بالأغلبية السياسية هو الذي سيقود البلاد في المرحلة القادمة .
الكتل الرئيسية والتابعة للمعارضة كلها تبنت مفهوم الديمقراطية في بناء الدولة الحديثة , وكتقسيم عام للكتل الحزبية الرئيسية على أساس إيديولوجي هي , الأحزاب ذات الايديولوجية الاسلامية , ومن ثم العلمانية والتي تقسم لقسمين رئيسيين هما:
القوميون واليساريون .
وبالعودة للتركيبة الديموغرافية للسكان , فال70% من الطائفة السنية العربية , تحمل أحزابها الايديولوجيات الثلاثة أعلاه , وعندما نجري مسحاً شاملاً داخل الطائفة السنية نستطيع تقدير المنحى الاسلامي فيها ب60% فيكون الناتج التقديري للأحزاب الاسلامية الحصول على 42% , والقومية واليسارية 28% , فالأحزاب الكردية كلها تحمل الطابع العلماني , وبعد سقوط النظام سينشأ فيها أحزاب اسلامية من الأقليات السنية غير العربية , ولو أضفنا الأقليات من الطائفة السنية غير العربية , ذات المنهج الاسلامي , فقد تصل نسبة الاسلاميين في أول انتخابات ديمقراطية حرة في البلاد إلى 45% , وبالتالي لن يستطيع أي طرف سياسي الانفراد في الحكم , وستكون هنالك اتفاقات وصفقات بين الأحزاب التي ستفوز في الانتخابات وتحصل على نسب متفاوتة من ال55% الباقية .
وبالتالي نستطيع القول مما سبق أعلاه , أن الصراع في سوريا المستقبل لن يكون صراع طائفي , ولن يكون صراعاً قومياً , وإنما سيكون صراعاً سياسياً بامتياز , نابعة من أن الصراع الطائفي , لايوجد تكافؤ بين الطوائف حتى يتم , وكذلك الصراع العرقي .
وهنا لايمكن لأي ايديولوجية حزبية أن تفرض إيديولوجيتها على الآخرين , وستكون هناك مشاركة فاعلة للأحزاب الفائزة في الانتخابات , ولكن الدلائل الحتمية تشير إلى أن الاسلاميين سيحظون على النسبة الأكبر , ولكن لن يستطيعوا الانفراد في الحكم .
هذه الدراسة البسيطة , تضع كل الآطراف امام مسئولياتهم في بناء سورية الحديثة , وانه لاوجود لهواجس مصطنعة , مفبركة من قبل الكتل ذات التوجهات غير الاسلامية , أو مايسمى بمصطلح الأقليات.