الإنتربول وملاحقة القرضاوي: دلالات هامة
عبد السلام البسيوني
أعتقد أن علينا الآن أن نقرأ ما وراء قرار البوليس الدولي (الإنتربول) اعتقال سماحة إمام أهل السنة، شيخ الإسلام، العلامة الأستاذ الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي مثل أي إرهابي دولي، أو لص كبير، أو تاجر مخدرات عالمي مغضوب عليه، بدل أن يقابل بالتكريم والتعظيم، والورد وتقبيل اليد، كما يفعل النصارى بباباهم، واليهود بحاخاماتهم، والروافض بملاليهم، لما في ذلك من دلالات نحتاج أن نضعها نصب العيون، ومن ذلك:
· مع الرغبة في إعلان إسرائيل الكبرى من النيل والفرات - بعد إسقاط العراق وسوريا ومصر، وتخضيد شوكة حماس حماها الله - لا يبقى أمام إسرائيل والغرب إلا الخطر الإسلامي السني، الذي يتأبى على الذوبان والتنازل عن ثوابته، ومنهجه الرباني الرشيد، فالتيارات الأخرى الوضعية، والمحرِّفة، كلها تقبل أن تعيش تحت حذاء الآخر، وتترضاه ليعطيها مساحة - ولو بحجم العبودية - لتعيش؛ لذا فلا بد من استراتيجيات شتى للإجهاز على هذا الإسلام السني: == عسكريًّا - بأيديهم وأيدي المخططين - كما في العراق وسوريا ومصر واليمن وغيرها،
== وإعلاميًّا، عبر ماكينة جهنمية ليس دين ولا أخلاق ولا مروءة ولا شرف، في الداخل والخارج!
== واقتصاديًّا، بتدويخ الأمة من الخوج والعطش والحاجة لكل شيء وأدنى شيء،
== وإيمانيًّا، بضرب الثوابت كلها بجرأة منقطعة النظير!
ومن أشكال ضرب الإسلام السني:
*** ترويض المؤسسات الرسمية، وجعلها تابعة بالكامل للجالس على الكرسي، حتى باتت وزرارات الأوقاف وأجهزتها ناطقة بما يريده العسكر، كما في مصر وسوريا وليبيا وتونس، وحتى باتت تصادم جهرة تاريخها وتاريخ الأمة، وتجانف العقل والمنطق والحق والدين، لا تستحيي ولا تعتذر!
*** التشكيك - عبر شيوخ الضرار وأشباه (المسقفين) - في كليات الدين: كالكتاب والسنة، والصحابة، والتاريخ والفقه.. وغيرها.. والحملة مسعورة في الإعلام - لا تخفى - على البخاري وكتب السنة، وأعلام الأمة، على أيدي أشباه ميزو ومظهر وكريمة وأبي حمالات وعلي قفة وأشباههم، بعد أن أعطتهم المؤسسة الرسمية ضوءًا أخضر، ليصولوا سبًّا وتحقيرًا واستخفافًا!
*** إسقاط الرموز الحقيقية للأمة - علمًا وجهادًا وبصيرة - سواء كانت رموزًا تاريخية أم معاصرة، وتشويهها، ومطاردتها، وشيطنتها، ولدينا مئات من العلماء المقتولين، أو المساجين، أو المفقودين، أو المطاردين، أو الفارين.
*** محاولة قطع الرأس للإجهاز التام على المؤسسة السنية، والرأس هنا هو العلامة الإمام القرضاوي، الشخصسة (الوسط) بين العلماء، والمرتضاة على أوسع نطاق؛ مقارنة بغيرها - حتى تكون الجثة مجهولة الصاحب، والفأس التي تقطع الشجرة من الشجرة! فرأسه مطلوبة عبر عسكر بلده، وأزهره، وأدعيائه.
وبعد إسقاط الرأس لن يحترم رمز سني، ولا قامة علمية، ولا مجتهد بصير، في حين تعنو الجباه أمام (قداسة البابا) و(نيافة الأنبا) و(روح الله) والقطب الغوث!
· من الدلالات المرعبة أن يمنح النظام العالمي الخؤون اللص صك النقاء والطهارة والبراءة، ويحكم على إمام السنة بالدنس والرجس والإرهاب، وأن يمكن الزنديق أن يصادر العالِم، ويمكن اللص من أن يحكم على الرئيس، وهي المعادلة المقلوبة، أو القسمة الضيزى كما عبر كتاب الله تعالى!
ويدخل في هذا الباب تمكين البغايا والقوادين واللصوص والبلطجية من مقاليد الشرفاء والأطهار يسفهونهم، ويستخفون بهم، ويتطاهرون أمامهم، ويتبجحون بوساخاتهم وقذرهم، تمامًا كما فعل قوم لوط بنبيهم عليه السلام: (أخرجوا آل لوط من قريتكم)! وكما فعل فرعون السفاح قاتل الأطفال مستأصل الأجيال مع موسى وأخيه عليهما السلام (إن هذان "لساحران" يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما، ويذهبا بطريقتكم "المثلى")
· الأيام القادمة - وأسأل الله تعالى أن يخيب ظني - ستُجلِّي سطوة ملأ فرعون الملعون، ووسوستهم ودمويتهم ومنهجهم الاستئصالي بطرائق شتى: (أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض، ويذرك وآلهتك؟ قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم، وإنا فوقهم قاهرون)! ليس على مستوى تيار، ولا فصيل، بل على مستوى أمة السنة كلهم، بذرائع شتى، ناعمة واستئصالية، يتم تغيير الخارطة الدينية في المنطقة تغييرا كاملا!
· استئصال السنة سيعني تمدد الشيعة الروافض أعداء السنة في المنطقة والعالم، والتمكين للكنيسة بشكل واسع، مع تواطؤهم الفئتين مع الصهاينة بشكل سافر لا خفاء فيه!
· سيبقى في الأمة - على سبيل المخادعة لفئة تافهة من العامة - نوع من إسلام الإفك والدجل وعبادة الأشخاص وتقديس الموتى والترحيب بالمستعمر ومباركة قدومه، تقودهم مؤسسة رسمية داجنة، مذبوحة الحنجرة، سفيهة اللسان، زنديقة القلب، عانية الجبة، عبدة الهوى، ترضى بالانتفاع بالفتات، وتعشق تقبيل الأحذية.
· آخرة الدلالات عندي: - الفشل الذريع لمفكري الإسلام والسنة وعلمائه خلال سبعة أو ثمانية عقود ماضية - من قراءة الآخر، وتأمل مناهجه وطرائقه، والإعداد له، لاتقاء شره، غير حالتي تركيا وحماس، وحاشا فئة قليلة لم تمنع قلتها من هلاك الأمة لكثرة الخبث، كما قال سيدي المصطفى صلى الله عليه وسلم، والله تعالى أعلى وأعلم.. والحمد لله رب العالمين.