"سيداو".. ظاهرها المساواة
"سيداو".. ظاهرها المساواة..
وباطنها من قِبَلِه دمار الأسرة!
سحر المصري
طرابلس - لبنان
[email protected]
قبل أن أبدأ حديثي عن "سيداو" يجدر بي أمران:
الأول.. الطلب للجهات المعنية الإيعاز لمن يهمه الأمر بالبدء في
بناء سجون لتستوعب الأعداد التي سيفرزها تطبيق هذه الاتفاقية..
والثاني.. الطلب من الآباء والأمهات والأزواج والزوجات
والغيّورين على الأسرة على حد سواء أخذ نَفَسٍ عميق لِما سأضطر لسرده..
فوالله إن الأمر لجَلَل!
سيدي الأب.. ستُسجَن! نعم ستُسجن! إن أنت فكرت يوماً أن تزوِّج
ابنتك وهي دون الثامنة عشرة من عمرها!
أو فكرت يوماً في منعها من الخروج إلى حيث شاءت!! أو توجيهها إن
هي استمرأت أن تصبح "سحاقية"!! أو تأنيبها إن هي أقامت علاقة مع شاب وحملت! أو لم
تراعها ولم تيسِّر لها سبل الإجهاض إن لم ترد استمرار حملها من الزنا!!
وستُسجن.. إن حاولت ردع ابنتك عن الزواج بمن تريد! وهي لن تكون
بحاجة إلى ولايتك أصلاً لأنها ستزوِّج نفسها بنفسها.. وقد تختار كتابياً فهي حرّة..
فالقانون في صفّها!
وأنتِ أيتها الزوجة.. أصبحتِ مُلزَمَة بالإنفاق وتحمل المسؤولية
مع زوجك! وعليك التبرؤ من مشاعر الأمومة فهي مهمّة يستطيع أن يمارسها أيّ كان!
وأنتَ أيها الزوج.. أبناؤك سيحملون اسم زوجتك معك وعليك الرضوخ!
وممنوع عليك مناقشة الإنجاب إن رفضت زوجتك! فجسدها ملك لها! وقد سُلِبتَ القِوامة
وحق الطلاق والتعدد.. وبموجب القانون!
هذه هي سيداو.. اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة!
وما هي في حقيقتها إلا سلبٌ لأنوثة المرأة وخصوصياتها.. وحربٌ
على الشرائع السماوية والقِيَم الأخلاقية..
تحريم الحلال وتحليل الحرام!هذا باختصار ما يمكن وصف المادة
(16) من اتفاقية سيداو به..
عنوان برّاق.. جذّاب.. رائع! لمضمون خبيث.. خبيث!
إنّ من واجب كلّ منصِف حكيم أن يعمل على إكرام المرأة ويحرص
على رقيّها في مدارج المجتمع كافة!.. ليكون لها الثِقَل في وجودها وإثبات قدراتها..
والتحرر من كل قيد يشلّ حركتها وتطوّرها وتعلّمها.. وكذلك يهمّه أن تكون المرأة في
أعلى درجات التقدير والاحترام والرعاية.. وقد كرّم الله جل وعلا المرأة وشرّع ديناً
قويماً أنصفها وأعلى قدرها.. وهو أعلم بمن خلق.. وبما يُصلِح حال عياله.. فجعل لكلّ
من الرجل والمرأة أدواراً تتكامل لتستمر الحياة.. وساوى جل وعلا بينهما في القيمة
الإنسانية والحقوق والواجبات والعبادات.. ولكنهما مختلفان في التكوين الحيوي
والوظائف الطبيعية.. ما ينتج عنه اختلاف في التكاليف والأعباء الحياتية.. فهي إذاً
ليست اختلافات تاريخية واجتماعية.. وإنما اختلافات خَلقية.. أرادها الخالق لتستقر
الأُسَر.. فإن كان هناك تجاوزات أو سوء تصرف من الرجل..علينا أن نحاول إصلاح الخلل
والتوجيه والإرشاد وليس نسف الأحكام الشرعية التي ارتضاها الله جل وعلا لنا.. لنحيا
بسعادة واستقرار!
ولنعُد إلى سيداو.. كيف بدأت الحكاية؟!
في 18 ديسمبر 1979 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية
القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).Convention
on the Elimination of All Forms of Discrimination AgainstWomen
هي تتألف من ثلاثين مادة تتعلق–حسب ادّعائهم- بالمساواة في
الحقوق بين المرأة والرجل، في جميع الميادين المدنية والسياسية والثقافية، وهي
بمثابة قانون دولي.. فالدول المصدِّقة على الاتفاقية ملزمة قانونيًّا بتنفيذ
بنودها.. و مُلزَمة بتعديل قوانينها وتشريعاتها على كافة المستويات للتوافق مع
اتفاقيةCEDAW..! وقد وقَّع على
هذه الاتفاقية إلى الآن 170 دولة..بينما لم تكن أميركا ولا سويسرا من ضمن الدول
الموقعة على هذه الاتفاقية!! فلماذا تمنعت هذه الدول عن التوقيع؟ بكل بساطة لأنها
تتعارض مع الدستور ولا تتناسب مع مجتمعاتهم.. ولماذا رضي العرب؟!! أفتتناسب مع
مجتمعاتنا العربية إذاً؟!!
ومن ناحيته صدَّق لبنان على الاتفاقية في 26/7/1996 وتحفّظ على
بعض البنود التي تشكِّل بنظره اعتداء على سيادة الدولة.. وتعارضاً واسعاً مع
المجتمع..والمواد المتحفظ عليها هي (2) و (9) و (15) و (16) و (29)..
وكذلك تحفظت مصر حين وقّعت على الاتفاقية عام 1980 على أربعة
مواد، المادة (2) والمادة (9) فقرة 2 والمادة (16) والمادة (29) فقرة 2..
وما يهمنا في هذا المقام بيان خطورته هو المادة (16) التي تتعلق
بقوانين الزواج والأسرة.. والتي يطالب البعض برفع التحفظ عنها! والتي قطع البعض
مسافة في طريق تطبيقها..
هذه المادة الخاصة بالأسرة تُعَدّ من أخطر مواد الاتفاقية على
الإطلاق؛ حيث تضمّ كل ما يمس الأسرة كمؤسسة، ونظام قِيَم، ونمط حياة.. وتعمل على
فرض نمط الحياة الغربي، وتتجاهل معتقدات شعوب العالم، ومنظوماتها القِيَمِية،
وأنساقها الإيمانية. وتطالب المادة بتحقيق التساوي التام بين الرجل والمرأة في كل
من الأدوار والتشريعات داخل الأسرة، من خلال ما تنص عليه بنودها..
هذه هي اتفاقية إلغاء التمييز ضد المرأة.. فأين مراعاة
أنوثتها.. وخصائصها النفسية والخَلقية والجسدية..
وكيف نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟! أنترك شرع ربنا جل
وعلا الذي ارتضاه لنا لنلتزم بشرع الأمم المتحدة بكل قصوره وسماجته؟!
إن كان الغرب يتميّز بمواثيقه الأسرية هذه فلِماذا نجد أسرهم
مفككة؟ وعلاقاتهم الأسرية معدومة؟ ونسب الطلاق والعنف عندهم عالية؟! أفهانت علينا
شريعتنا وحضارتنا وقِيمنا لنرضى بهذه الترّهات؟!
يريدون تحطيم البنيان الأساس للمجتمع..المتمثِّل بالأسرة.. لفرض
النموذج الاجتماعي الغربي على العالم.. ويستهدفون المرأة بالذات لأنها عماد
الأسرة.. فإن استطاعوا إغواءها بهذه الدساتير الباطلة وجعلها في مواجهة دائمة مع
زوجها كأنها في حرب وليست في أسرة دعائمها المودة والرحمة والسكينة.. فحينها ينجحون
في تحقيق مخططاتهم.. والتي من أبرزها تحديد النسل..حيث تربط اتفاقية التمييز ربطاً
كاملاً بين زيادة السكان وبين الفقر واستحالة التنمية!
وبين أيديهم أدوات وأبواق تردد ما ينفثون! منظماتٌ في المجتمع
المدني خاوية الفكر مبهورة بالغرب وكل ما فيه من مضار ومساوئ، ديدنها السعي لتحقيق
هذه الآثام.. وجنّدوا لذلك أسلحة الدمار الشامل: المال والسلطة والإعلام.. ونحن في
سباتنا غارقون!
آن الأوان لنقول بملء أفواهنا: لا! لا لسيداو.. ولا للتعرّض
للأحكام الشرعية الربانية المباركة.. ولا للشعارات البراقة التي تهدم أولادنا
وأسرنا ومجتمعاتنا!
ونقول لِمن يعتقد أن أحواله الشخصية "تحت الزفت"..هذه مشكلتك..
لأننا-وبالرغم من بعض الممارسات المتطرفة والتطبيقات الخاطئة- إلا أننا نؤمن أن
أحوالنا الشخصية "فوق الغيم"..لأنها نزلت من لدن حكيم خبير.. من فوق سبع سماوات!
لا مساس! فارفعوا أيديكم الآثمة.. عن أحوالنا الشخصية!