من المسئول عن الحيلولة دون ديمستورا واختراق الفضاء الثوري وتفتيته ؟!
من المسئول عن الحيلولة دون ديمستورا
واختراق الفضاء الثوري وتفتيته ؟!
زهير سالم*
من المسئول عن الحيلولة دون ديمستورا وتفتيت موقف المعارضين والثوار السوريين ؟! سؤال ليس استفهاميا على وجه الحقيقة ، ولا هو استنكاري تقريعي ، ولا هو تعجيزي أو تهكمي ، كما تخرج التساؤلات في بعض الأحيان ؛ بل هو سؤال تذكيري في وقت لم تعد تنفع فيه الذكرى عند كثيرين ...
ولا يخفى على متابع حاضر غير غائب أن مبادرة ( ديمستورا ) في أصلها ماهي إلا نسخة معدلة عن فكرة المصالحات التي خرجت أصلا من ( جحر الأسد ) ، وسوّق لها إعلامه طويلا وأشاد بنجاحها ونجاعتها وتقدمها .
وإذا كان للمعارضة من دور في مشروع هذه المبادرة فهو الدور الذي قامت به المعارضة المصنوعة على أكثر من عين ( أمريكية – أوربية – إيرانية – أسدية ... ) ، فقد تواترت الشواهد أن فريقا من هؤلاء ( الموالين ) لبشار الأسد أعادوا وأبدؤوا بما يسمى اليوم ( مبادرة ديمستورا ) . المبادرة التي يؤكد طرف معارض رسمي معترف به دوليا يُسمى (الائتلاف الوطني ) أن المبادرة لم تعرض عليها بشكل رسمي وكامل حتى اليوم ...
وخطورة مبادرة السيد دي ميستورا تقع في آلياتها أكثر مما تقع في بنودها وتفصيلاتها ، مع أنها تهدف إلى إعادة سورية الأرض والإنسان إلى بيت الطاعة الأسدي ، تحت عناوين مموهة ومزخرفة . ومن هنا تأتي خطورة الاختراق الخبيث في مبادرة ديمستورا الذي أخذه فريق الكيد والمكر للثورة ومشروعها في مبادرة ديمستورا في حسبانهم ..
فما تعاني منه قيادة المعارضة ، وقيادات الثورة من غياب وضياع وشلل وعجز ، وما يعاني منه الإنسان السوري بالمقابل من قتل وحصار وتشريد ويأس وجوع وحرمان كل أولئك يجعل من مبادرة ديمستورا مشرطا حادا يفري أديم هذا النسيج المترهل ويذهب به أيدي سبا ...
لا خوف على رجال ( الائتلاف ) كائتلاف من المبادرة ، كما أنه لا خوف على أي فصيل معارض مخضرم في العمل السياسي من هذه المبادرة ، ومن قدرتهم على تقويم المقدمات بنتائجها والمدخلات بمخرجاتها ..
الخطر كل الخطر فيما سيقدم السيد دي ميستور هذه الأيام عليه ، زيارته المرتقبة إلى الحدود السورية في عينتاب . للقاء قادة فصائل وكتائب عاملة على الأرض وفي مدينة حلب بالذات وكلا على حدة ، واللعب على تناقضاتهم واستغلال ظروفهم .والخطر لن يأتي من تساهل هؤلاء القادة ، ولا من قلة وعيهم ، ولا من ضعف إدراكهم للمدخل والمخرج وإنما الخطر الأكبر من حال نفسي تحكمه ظروف شديدة الصعوبة بالغة التعقيد ، شديدة التناقض ، ستدفع الثوري إلى موازنات السياسي : أهون الشرين ، وأخف الضررين . ومتى دخل الثوري في هذا الباب من الفقه فقد صادر على نفسه مشروع الثورة من أصله ...
ومن هنا فإن واجب الوقت الملح ممن حمله الله ثم السوريون مسئولية قرار الثورة السياسي والميداني أن يحشد القوى في ظرف ساعات ليشكل الجدار الصلب الذي يقف في وجه محاولة ديمستورا الأسدية الاختراق .المطلوب مبادرة عاجلة من أهل الرأي والحكمة وأصحاب القرار لجمع كلمة قادة الفصائل والكتائب على قلب رجل واحد ، وفي الوحدة قوة ، وتبني موقف موحد يحفظ على السوريين ثورتهم ، ويظل وفيا لدماء شهدائهم وتضحيات رجالهم ونسائهم ..
سيكون من الخطير والمستنكر أن يتمتع ديمستورا في الفضاء الثوري بما يتمتع به الطيران الإسرائيلي في الفضاء الأسدي فهذا من هذا وكلاهما يحمل مشروع تدمير وعدوان ..
مرة أخرى ليس تثريبا .. ولا استنكارا .. ولا تعجيزا وإنما هي ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين...
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية