هيثم المالح عزيمة لن تلين وتحدّي للغاصبين
الأستاذ هيثم المالح
إياس المالح
ختم هيثم المالح كلماته باللقاء الذي أجرته معه السيدة سهير الاتاسي بالقول : " الله يرضى عن ابني اياس قام بعمل عظيم .. الله يرضى عليه " هذه الكلمات كان لها بالغ الأثر في نفسي ، وموضع اعتزازي ليس لأنها صدرت عن أبي وهو يترضى على ابنه الذي هو أحوج مايكون الى هذا الرضا تقرباً الى الله سبحانه ، ووفاءاً وعرفانا من الإبن لأبيه بالرضى عنه ، مع أنني لم أقم بواجبي كما ينبغي تجاهه لما يقدمه هذا الأب العظيم لي وأسرتي وعائلتي واقربائي فهو الأب المثالي وهو الزوج المحبوب وهو الصديق المحترم ولكن لأنّي أسمعها من هذا الرمز السوري الكبير ، الذي أجمعت كل الأوساط على إكباره والإقتداء به ، وجعله رمزاً من رموز الوطن الذين يعتز بهم شعبنا ، لينضوي تحت لائحة عظماء سورية الوطنيين الذي ضحوا بالغالي والنفيس من أجل سورية
وليُذكرني عناد أبي وتصميمه الكبير وقناعته وثقته بموعد انعتاق سورية مما هي فيه من الظلم ، والتوجه الى الحرية ، بالمناضل الوطني الشهير معروف الدواليبي ، الثابت على الحقوق والشرعية وهو يُشكل حكومة التحدّي بأمر من الرئيس هاشم الأتاسي الأكثر صلابة منه ، والتي رفض فيها ربط الشرطة بالجيش الخاضع لسلطة مجموعة الضباط الذي يترأسهم الشيشكلي ، بل بوزارة الداخلية التابعة للحكومة ، وكذلك احتفظ هو بحقيبة الدفاع ورفض تسليمها للعسكر ، وأيده عليها الآتاسي ، مما اعتبرها الشيشكلي كإهانه متعمدة ن أدت الى الإنقلاب عليه ، وسجن الدواليبي الذي رفض التنازل عن رئاسة الوزارة الشرعة ، ولم يخرج من السجن إلا بعد خمسة أشهر ، واعتبر انقلاب الشيشكلي العسكري غير شرعي ، ولم يتنازل عن الرئاسة إلا على إثر الإنقلاب على الشيشكلي في شباط 1954 ، وعودة الرئيس الشرعي هاشم الأتاسي ، ليُسلمه حينها استقالة حكومته
وكذلك الحال مع أبي المُحتفظ بكل الثوابت ،، بل أبو الوطن باكمله هذه الأيام ، الرافض لأي تنازل عن الحقوق ، ، وهو غير مُقر بهذه السلطة الغاشمة ولا بقوانينها ، ولا بإجرامها وتعسفها ، وهو يدعو الجماهير للتهيئ والتخلص من هذا النظام ، والإستعداد لدفع الأثمان للتخلص من هذا الكابوس ، وهو من يتقدم الصفوف رغم بلوغه الثمانين ن وهو يُنكر هذا السن ، بل يعتبر نفسه ابن الأربعين ، تدليلاً على أن المحنة لم تزده إلا ثباتاً وعزيمة وإيمانا وثقة بانتصار شعبنا على جلاده ، ولن يتقاعد هو عن نصرة شعبه وقضاياه مادام فيه حياة وعرق ينبض ، ولكنه وعد بالتقاعد بعد موته ، وأنا لا اظن حتّى بهذه ، لأنّ روحه ستبقى حاضرة ، ومُحفزّة على الحقوق والإستلهام الثوري ، والشعب بكل فئاته سيردد ماقاله أبو الأحرار هيثم المالح " لمّا اعتقلوني – بعمره الثمانيني – واعتقالهم لطفلة مثل طل الملوحي ، وحكمهم عليها بخمس سنين ، قلت أن النظام سقط خُلقياً ـ وهو بالأساس ساقط تشريعياً ، وهو لايفهم بحقوق الإنسان ولا بالانسان ، وسورية تُحكم بالأوامر والتعليمات وليس بالقانون ، وأنا اعتقلت بسبب رأي ومقالات منشورة
وأبي لايختلف كثيراً عن احرار سورية المماثلين له في الوطنية والثبات على الحق / ومنهم قادة إعلان دمشق ، وعلى رأسهم المناضلة الكبيرة فداء الحوراني ، وسهير الأتاسي ، اللتان أذكرهما بالحديد لأنهم مفخرة سورية في مقامة الطغيان ، ولأنهما يُمثلان العنصر النسائي الذي نُعول عليه كثيراً في ثورتنا الشعبية ، كما رأينا العنصر النسائي في كل من تونس ومصر وليبيا في اسقاط هذه الأنظمة القمعية البوليسية المجرمة ، والمثل الأكبر على ذلك الشابة الصبية طل في مقارعتها لتكميم الأفواه ، فلم تأبه لطاغية حقير ، مما أثارت تعاطف الكثير من الفتيات الشابّات المُعول عليهم الوقوف الى جانب زملائهم الشباب ، عند انطلاق الثورة الشعبية المُباركة باذن الله في سورية ، يوم 15 / 3 ، وكما قال أبي وأبو الأحرار السوريين ، نقلاً عن سيد المرسلين " ( أشَدُّ النَّاسِ بَلاءًا الأنبِياء ثمّ الأمْثَلُ فَالأمثَلْ ) وأمّا البقية من الذين لايُبالون ، فهؤلاء بلا هدف ، ونعرف بأن الطريق فيها صعوبة ، ولكننا نسلكها وندفع الأثمان والضريبة ، ويدعو كل الأحرار ، اصحاب القضايا السامية لأن يدلو بدلوهم ، فأصحاب القضايا والمبادئ ، هم الأقوى والأثبت
يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاء.
والجدير بالذكر أن المناضل هيثم المالح قد أُعتقل سبعة أعوام في الثمانيات لنشاطه الحقوقي والنقابي ، وحكم عليه بثلاث سنوات لمجرد ابداءه الراي في مقالاته المنشورة ، قضى منها سنة ونصف في السجن ، ومعظمها كان نومه على الأرض ، وبلا عناية ولا اهتمام ، كان في إحدى مرضاته وصل الى درجة الموت دون مُراعاة لسنه أو لأي ظرف انساني ، لأن مثل هذه الظروف تُعطى للمرتشين ، ولا تُعطى للأحرار ، ولسان حاله يقول ولست أبالي حينما أُقتل شهيداً ، على اي جنب كان في الله مصرعي فيقول : "إنني أسير على ضفاف قبري، ولا اعرف متى سأسقط فيه" ، وقال مُنبهاً لأخطر نقطة .. بأن لديه 135 أية تدعوا الى العمل والنتائج هي بيد الله ، وأنّ هذا النظام ليس بمنجاة عن التسونامي الذي كنس العديد من الأنظمة ن وإنا غدا لناظره قريب ، والنصر لشعبنا السوري العظيم ، ولأبي أبو الأحرار التحيّة منّي ومن كل أحرار العالم وليس السوريين فحسب.