هل المسلمون العرب عنصريون
هل المسلمون العرب عنصريون ؟
محمد هيثم عياش
برلين/06/03/11/ تحظى الاقليات العرقية ، ولا سيما الاكراد ، التي تعيش ببلاد العالم الاسلامي العربي ومعها الاقليات الدينية مثل اليزيدية وبعض الحركات الباطنية الدخيلة على الدين الاسلامي مثل النصيرية والمعروفة ايضا بـ /القرامطة / اضافة الى الدروز والاسماعيلية والبهائية حتى الشيعة بعاطفة جياشة من الغرب اذ استطاع بعض هؤلاء الاقليات الذين يعيشون في اوروبا تشويه سمعة المسلمين العرب بأنهم عنصريون ويمارسون تمييزا عنصريا ودينيا ضد هؤلاء عند الغرب الامر الذي جعل من بعض منظمات سياسية وانسانية من بينها جمعية حماية الشعوب من الاضطهاد والتصفية التي تتخذ من مدينة جوتينجين احدى مدن ولاية سكسونيا السفلى / شمال شرق/ مقرا لها اضافة الى منظمات سياسية سياسيين من احزاب مختلفة المشارب يحملون راية الدفاع عن هذه الاقليات والمطالبة بتحقيق اهدافهم وحمايتهم من بطش المسلمين العرب .
والاسلام دين يعادي العنصرية فقد صهر بين جناحيه جميع العرقيات التي اعتقنته في مقدمتهم الاتراك والاكراد الذين دافعوا عنه وعن لغته اضافة الى ان كل غير عربي اعتنق الاسلام يجد نفسه غريبا عن هذا الدين اذا لم يتعلم العربية وقد حرص اتباع هذه الاقليات تعريب انفسهم ونجد منهم فحولا حافظوا على اللغة العربية وساهموا بتقديم الفوائد العظيمة للحفاظ على اللغة العربية والتحذير من الاخطار التي تحدق بها ، اضافة الى علماء الحديث والسنة الذين لا تزال ألسنة أهل العلم تثني عليهم ، فلا فضل لعربي على اعجمي الا بالتقوى ، والعنصرية عامود من أعمدة الجاهلية . وقد ساور القلق بعض حكام المسلمين لاشتهار علماء الاسلام من الموالي جراء ابتعاد بعض المسلمين العرب عن علم الحديث واشتغالهم بامور الجهاد والحياة . ولما ضعفت الدولة العباسية وأفول قوة العرب المسلمين واستلام الاتراك والاكراد وغيرهم مقاليد السلطة كانت دعوة الشعوبية قد ازدادت قوتها الا أنه كان هناك من ينظر الى قوتهم بقلق شديد .
حدث القاضي عبد الرحمن بن أبي ليلى قال لي عيسى بن موسى / ابن عم الخليفة المنصور / وكان شديد العصبية للعرب ، من كان يسود مكة واهلها قلت عطاء بن ابي رباح ، قال فمن العرب أم من الموالي قلت من الموالي قال فيما سادهم قلت بالديانة والرواية قال ان اهل الديانة والرواية لينبغي ان يسوّدوا، قال فمن يسود البصرة ومصر والشام والجزيرة قلت طاوس بن كيسان ويزيد بن حبيب ومكحول وميمون بن مهران سادوهم مثل سيادة عطاء ، قال فاحمر وجهه وانتفخ جفنته فسألني من يسود اهل الكوفة ، قلت ولولا خوفه لقلت له الحسن وابن سيرين والحكم بن عيينة وعمار بن أبي سليمان ولكنني رأيت فيه الشر ، فقلت له ابراهمي النخعي وعامر الشعبي وهما من العرب ، فقال الله أكبر وجلس وقال لي ويلك يا ابن ابي ليلى فرجت عني والله لتسودن الموالي على العرب في هذا البلد حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها ، فقلت له ايها الامير انما هو دين من حفظه ساد ومن ضيعه سقط .
وقد أكد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله في كتابه / نقد القومية العربية / بأن القومية العربية لا تعتبر دعوة من دعوات الجاهلية فحسب بل هي عامل هدم للاسلام وقطع الجسد الاسلامي ولا احد يستطيع أن ينكر فضل الاتراك والاكراد وغيرهم على حماية الاسلام فالاكراد ومعهم المماليك استطاعوا تحرير العالم الاسلامي من الصليبيين واعادوا للاسلام مجده واستطاع الاتراك حماية العالم الاسلامي لمدة وصلت لأكثر من خمسمائة عام ولولا دعوتهم الاخيرة للعنصرية التركية قبيل انهيار دولة الخلافة لكان لهم شأن .
ويعود سبب عاطفة الغرب للاقليات العرقية والدينية التي تعيش في منطقة الشرق الاوسط الى ظهور الاحزاب القومية في تلك المنطقة اضافة الى التدخل العسكري الامريكي في العراق فقد ساهمت الولايات المتحدة الامريكية بزرع الفرقة بين فئات الشعب العراقي وتشجيع الاكراد على قيام دويلة لهم تعتبر محورا استراتيجيا هاما لتحركات المخابرات الامريكية ومراقبتها لجميع الحركات الاسلامية والمنظمات المناوئة للوجود الامريكي بمنطقة الشرق الاوسط برمته .
ويؤكد مرشد الخزنوي وهو احد مشايخ الاكراد السوريين / نجل الشيخ معشوق الخزنوي الذي قتلته الحكومة السورية عام 2005 / بندوة دعا اليها مبرة هاينريش بول للدراسات والمساعدات الدولية بالعاصمة برلين يوم السبت 12 آذار/ مارس الحالي ان الاحزاب القومية التي نشأت في سويا ولبنان والعراق كانت وراء اضطهاد الاقليات العرقية والدينية فالاكراد ضحية اتفاقيات سايكس بيكو اذ ضمت بعض اراضيهم / أي مناطق الاكراد / الى سوريا والعراق والحاق بعضها بتركيا وايران وهم محرومون في سوريا وتركيا من ثقافتهم فالحكومة السورية تمنع الاكراد انشاء صحف ومدارس بلغتهم وتلاحقهم ايران وتقوم بتصفيتهم ويوجد في السجون السورية الكثير من المسجونين الاكراد مؤكدا ان الاحزاب القومية وهاصة البعث وغيره يرفض انضمام كردي الى الحزب . وأكد الخزنوي ان النظام العَلَماني / فصل الدين عن الدولة / ضرورة ملحة في جميع دول منطقة الشرق الاوسط لأنه يساهم بمساواة جميع الاقليات الدينية والعرقية مع اكثرية شعوب المنطقة اي العرب والمسلمين السنة اضافة الى المسيحيين مشيرا الى ان دعوته وتأييده للنظام العلماني ساهم بغضب بعض علماء المسلمين عليه في مقدمتهم الشيخ يوسف القرضاوي الذي دعاة الى التوبة ساخرا منه بأن التوبة تنطبق على شخص ارتد عن الاسلام او ارتكب فاحشة ودعوته للعلمانية لا يعتبر ارتدادا عن الاسلام او ارتكاب فاحشة .
ويرى رئيس قسم الشرق الاوسط في المبرة المذكورة بيرند الينسباخ ان الاقليات الدينية مثل اليزيدية والبهائية والاقليات العرقية مثل الاكراد وغيرهم لم تتعرض للاطضهاد الا منذ نشوء الاحزاب القومية تلك فالاكراد ساهموا ببناء العراق الحديث وكانوا من بين حمل راية الثورة ضد الاحتلال البريطاني وكذلك الحال في سوريا مشيرا الى ضرورة ضغوط تساهم على الحكومة السورية لتحسين وضعية الاكراد ورفع الضغوط عنهم ومساواتهم مع فئات الشعب السوري مطالبا في الوقت نفسه الاتحاد الاوروبي السماح لاحزابهم بنشاطات سياسية في اوروبا من جديد فالحوار الاوروبي العربي مع الاكراد والاقليات العرقية في تلك المنطقة ضرورة محلة للتعايش السلمي في ضوء تغييرات سياسية تجري في منطقة الشرق الاوسط .
وأعرب خبير شئون منطقة الشرق الاوسط والاسلام النمساوي جيرهارد شفايتسر عن قلقه أزاء التغييرات السياسية في منطقة الشرق الاوسط فيؤكد ان التغييرات السياسية التي طرأت على تونس ومصر واحتمال تغييرات تقع في الجزائر دول مغاربية اخرى لا تعتبر خطيرة على الاقليات الدينية والعرقية فتلك الدول لا يوجد فيها اقليات عرقية تذكر مثل الاكراد الذي يعيش كلهم في الشرق الاوسط كما لا يوجد في الشمال الافريقي اقليات دينية كثل الموجودة في الشرق الاوسط واذا ما وصلت الاحتجاجات الى سوريا فان الخطر يكمن بوقوع انتقام من الاكراد في سوريا والعراق جراء مساعدتهم الولايات المتحدة الامريكية بغزو العراق ومساعدة امريكا لهم باقامة دويلة كردية اذ سيعمد النظام السوري اذا ما وصلت الاحتجاجات الى سوريا للانتقام من الاكراد مشيرا الى ضرورة حماية هذه الاقليات العرقية في العالم الاسلامي وعدم مساعدة الارووبيين للمنتفضين ضد انظمتهم قبل الاخذ بوعود واتفاقيات مكتوبة بالمحافظة عليهم في بلادهم على حد اقوالهم .