ليبيا والنصر القادم
ليس لها من دون الله كاشفة
معتز فيصل / ألمانيا
أحداث ليبيا تتسارع وتتأزم وتزداد عنفاً ودمويةً بعد أن قرر القذافي المجرم ان يُجري الدم فيها أنهاراً قبل أن يغادرها إلى الآخرة أو إلى أي مكان قميء يؤيه. صار المجرم بمعاونة أولاده الذين رباهم على الإجرام خير تربية، يقصف المدنيين والثوار في جميع أنحاء ليبيا بالطائرات والمدافع الثقيلة والدبابات ولا يتورع عن قتل كل ما يتحرك في المدن التي يهاجمها، كل ذلك في سبيل حكم لن يدوم سوى أيام بعون الله تعالى، وفي سبيل مال جمعه وخزنه ولكنه لن يعيش ليصرف منه فلساً واحداً إن شاء الله.
الشعب الليبي سينتصر بعون الله تعالى وتأييده، وبإصراره وعزمه على الخلاص من هذا الظلم، وبإخلاصه لله عز وجل، وبإرادته للحرية التي منحها الله تعالى لكل البشر. الشعب الليبي صبر أربعين سنة ونيف، ولم يعد امامه الآن إلا متابعة الكفاح والنضال بكل السبل الممكنة حتى يأتي نصر الله. قد يكون الثمن غالياً ولكن البضاعة أغلى وأثمن، قد يُستشهد كثيرون، ولكن ما المانع: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ أليست الشهادة أمنية كل مسلم؟ أليس الشهيد يشفع لأربعين من أهله؟ أليست الشهادة خيراً ألف مرة من حياة الذل والهوان؟ طبعاً كنا نتمنى أن يكون النصر بثمن أقل ولكن مراد الله غالب وحكمته قد لا نفهمها في الدنيا وستنكشف لنا في الآخرة، والله يريد أن يتخذ منكم شهداء، وأن يميز الخبيث من الطيب، وأن يعلم الصادقين منكم ويعلم الكاذبين. وهكذا تطول المعاناة ويطول الألم ولكن الفرج قادم طالما أن هذا الشعب العظيم أخلص نيته لله أولاً، وقام بالعمل الذي طلبه الله منه وهو الجهاد والثورة والتضحية وبذل النفس والغالي والنفيس ثانياً، وطالما أنه على الحق ثالثاً، وأنه يتوكل على الله وحده رابعاً.
لقد حقق شعبنا الليبي الأبي بإذن الله هذه الشروط الأربعة، فلن يتخلف وعد الله ولن يُحتبس نصره، وإن النصر صبر ساعة.
إخوتنا الأحبة في ليبيا: في هذه اللحظات العصيبة والحاسمة، ليس لكم إلا اللجوء والتضرع إلى الله عز وجل وتسليم الأمر إليه حق التسليم وحق التفويض والعلم اليقيني أن النصر من عنده وحده، لا من شرق ولا من غرب، مع الأخذ بالأسباب التي أتقنتم الأخذ بها بعونه تعالى، وبذل الجهد الذي قمتم به على أحسن وجه بتأييد الله تعالى، فأخلصوا واصبروا وصابروا وتوكلوا فلن تضاموا وسيأتي النصر عاجلاً قريباً ويُهدم هذا الصنم كما هُدمت أصنام من قبله.
أما أمة العرب وأمة الإسلام فلا بد من أن تتوجه إلى الله تعالى في هذه الأيام وفي هذه الأوقات وتجأر إليه بالدعاء وتلهج إليه بالتضرع في ظلمات الليل وساعات السحر وأيام الجمعة وأوقات الإجابة ومواضع السجود وساحات المساجد، فالله يحب أن يسمع صوت عبيده في ساعات الشدة كما في ساعات الرخاء وهو القريب المجيب الرافع الخافض المعز المذل القوي المتين، ماهي قوة القذافي ومن يساند القذافي أمام قوة الله عز وجل؟ ما هو مكر هؤلاء امام مكر الله عز وجل؟ ماهي قدرة هؤلاء أمام قدرة الله عز وجل؟ هل نسينا من أخرج بن علي من تونس؟ أليس أقرب المقربين إليه مع الوعود بأنهم سيرتبون الأمر ليعود فإذا بهم يلحقون به بعد أيام؟ هل كان هذا تدبير الناس في الشوارع أم تدبير الله عز وجل؟ من أخرج مبارك الذي كان يدبر لضرب الشعب بالجيش والجيش بالشرطة العسكرية؟ أليس هو الجيش الذي أنار الله بصره وبصيرته فلم يقع في الفتنة، وكان على يده درء معركة لم يكن يعلم نتائجها إلا الله؟ وسيتكرر الأمر في ليبيا بإذن الله، سيدبر الله لأهلنا هناك أمر رشد وفرج ونصر، بعد أن أخذوا بالأسباب وأخلصوا النيات وجاهدوا في الله حق جهاده فلن يخذلهم خالقهم الذي لا يرضى لعباده الكفر ولا الذل ولا الهوان.
أيها المسلمون في كل مكان: لا تستهينوا بواجباتكم الأساسية في هذه الأيام: الدعم الإعلامي وخاصة في بلاد الغرب الذين قد تُحجب عنهم الحقائق أو تُلبّس عليهم الأمور، التظاهر ضد طاغية ليبيا في كل مكان، التبرع بالمال والدواء والمساعدة المادية والنفسية والمعنوية في كل مجال، وأولاً وقبل كل شيء الدعاء والتبتل والقنوت والعمل الصالح والتداعي لإخوانكم بالسهر والحمى كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا الجهد الذي نستطيع كلنا، والذي سنُسأل عنه يوم القيامة، يومٌ قد تُنقذك فيه كلمةٌ قلتَها أو دعوةٌ دعوتَها أو دمعةٌ ذرَفتَها أو حتى نيةٌ نويتَها، فلا تحقرن من العمل شيئاً ولا تكن من القانطين ولا من المثبطين ولا من المتمنين على الله الأماني دون قول ولا عمل.