كلمة السلطان وسلطان الكلمة

محمود المنير

مدير تحرير جريدة الحركة/الكويت

[email protected]

"الكلمات" تجسيدٌ حيٌّ للإرادة وتعبير صادق عن معاناة الإنسان الحرّ في بلاده وعالمه وعصره، وعنفوانِ الإنسانِ وشموخه وصلابته في مواجهة الطاغوت، ورفضِ الإنسان للاستسلام مهما كانت الظروف، وتصميمِ الإنسانِ تصميما نهائياًّ قاطعاً على متابعة طريقه، ونيل حريته ، واسترداد حقوقه المسلوبة وأداء رسالته، ولو كان في ذلك في مقابل حياته .

وكلمة السلطان في مصر على مدار ثلاثين عاما كانت تقول للشعب ما علمت لكم من رئيس غيري ..وسلطان الكلمة في ميدان التحرير قال أن الشعب يريد إسقاط الرئيس.. فسقط .

كلمة السلطان في مصر كانت تقول للشعب أنتم أقباط ومسلمون ولستم نسيجا واحدا بل طوائف شتى ..وسلطان الكلمة في ميدان التحرير قال أن الدين لله ومصر للجميع وهتفوا من أعماق قلوبهم " مسلمون وأقباط إيد واحدة ".

كلمة السلطان في مصر سرقت الأحلام من الشعب وخدعت الجموع بالانجازات الوهمية والأرقام المزيفة والمشروعات الفاشلة ..وسلطان الكلمة في ميادين مصر استعاد الحلم وانتزع حريته ووضع أقدام الشعب على طريق استعادة وعيه من جديد .

كلمة السلطان في مصر كانت قبيحة أهانت كرامة الشعب لعقود من قبل مؤسسات كان الواجب عليه أن تخدمه وتصون هيبته ..وسلطان الكلمة في ثورة 25 يناير رفع هامة المصريين الذين دحروا فلول النظام البائد الذي سامهم سوء الهوان طيلة ثلاثة عقود.

كلمة السلطان في مصر أعلت كلمة الفساد في كل مؤسسات الدولة ونهبت مقدراته وبددت ثرواته حتى تجرع الشعب مرارة الفقر والحرمان والمرض والجوع .. وسلطان الكلمة الهادرة في الميادين والساحات والشوارع قرر القضاء على الفساد ومحاربة المفسدين .

 كلمة السلطان في مصر قتلت الإبداع ودمرت المواهب في الشباب.. وسلطان الكلمة في ثورة 25 يناير أبدع ثورة حضارية أذهلت العالم وأدهشت قادة المجتمع الدولي من صموده وإرادته وحتى هتافه في الميادين والساحات .

كلمة السلطان في مصر مزقت الشعور بالانتماء في نفوس الشعب وجعل عقولها المبدعة تهاجر خارج البلاد.. وسلطان الكلمة في ثورة 25 يناير أحي الانتماء في أرواح الملايين من أبناء مصر وفتح باب الأمل لعودة خبرات مصر وخيرة عقولها للمشاركة في بناء مصر الحديثة من جديد .

كلمة السلطان الظالم والفاسد في مصر كسرت الأقلام الحرة وطوعت المنبطحة وروجت لفن الإلهاء والخلاعة وصنعت رموز تافهة عبر وسائل الإعلام..وسلطان الكلمة طرد كل هؤلاء من ميدان التحرير وحدد قائمة العار وحاصر الإعلام الفاسد ودشن عهد الصحافة الحرة والإعلام المستنير وقدم النموذج لجيل رموزه هم شباب الثورة و التحرير.

كلمة السلطان في عهد مبارك المخلوع سلمت قيادة مصر للأغرار في مواجهة الثورة ؛ فهربوا من الميدان وأثاروا فيها الفوضى والرعب  فأسفر عن سقوط النظام ..وسلطان الكلمة  في الميادين والساحات في كل مصر جعل من الشعب قائدا يحمى ثورته وشعبه ويرسم مستقبله بعد أن أسقط النظام .

كلمة السلطان البائد في مصر جعلت مصر تابعة لأمريكا وحامية لإسرائيل طيلة ثلاثة عقود ..وسلطان الكلمة من ميدان التحرير ..أعلن أن مصر ستبقى رمانة الميزان وسيكون لها دور الريادة الوطنية في المنطقة وستمارس دورها الاقليمى بما يعزز ترابط الأمة وتحرير مقدساتها في فلسطين .

·  في السياق: جيل الكفاح وجيل الهزيمة

·  الجيل الذي يعرف كيف يضبط شهواته، يعرف كيف يحقق انتصاراته، والجيل الذي يرخي لشهواته العنان، لن يستطيع الصبر طويلاً في معارك التحرير والبنيان.

·  إما أن نرتقي إلى قمة ما يستطاع من الإيمان والإحسان والجهد الخالص الدائب البصير، وإما أن نسقط نهائيا من حساب العالم والزمان، وتدوسنا وتسحقنا الأقدام.