نعم للديمقراطية والعدالة
ولا لخرافة العلمانية وفصل الدين عن الدولة!
سليم مطر/جنيف
يبدو ان الكثير من المثقفين العراقيين لم يتعضوا من تجارب تاريخنا السياسي الخائبة والمدمرة. الكثير منهم ما زالوا يميلون الى طرح الشعارات التبسيطية والخلابة التي تسحر الجماهير وتقودوها في كفاحات فنطازية بعيدة عن الواقع. بل هي شعارات مصطنعة تخلق معارك جانبية وتبعدنا عن المعركة الحقيقية: من اجل الديمقراطية الحقة ومحاربة الفساد وساسة التخريب والتدمير الجارية من قبل القوى المعادية للعراق والمستحوذة عليه: امريكان وطائفيين شيعة وسنة وعنصريين اكراد.
لنتذكر شعاراتنا الكبرى السابقة: (الاشتراكية.. الشيوعية.. الوحدة العربية.. كردستان الكبرى.. تحرير فلسطين.. الخ)، التي امضت جماهيرنا الساحقة المسكينة التعبانة عشرات السنين في التضحية من اجلها، لكي تكتشف بعد خراب العمر انها مجرد شعارات وهمية ساحرة وهشة مثل لعب الاطفال.
وألآن يعود بعضهم علينا، بشعار (فصل الدين عن الدولة)، وهي اسطوانة قديمة مشرخة ولا يمكن تشغيلها الا على غرامفون عتيق من ايام الثورتين الفرنسية والروسية!!
ان العيب الكبير والعتيق والمكرر التي تعاني منه غالبية النخب الحداثية في العراق والعالم العربي، يمكن تلخيصه بالنقطة التالية:
انها تريد ان تأخذ بالنتائج التي بلغتها اوربا، مع الاهمال التام للعوامل والاسباب التي ادت الى هذه النتائج. أي على طريقة صاحبنا الرئيس السابق(حذفه الله) عندما اراد ان يخلق اقوى جيش في العالم و(ينتج) قنبلة نووية، في بلد ومجتمع يعاني من التخلف على كل الاصعدة ويحتاج اساسا الى البناء والاستقرار والكرامة. وكانت النتيجة كما نعرف هي تلك الكوارث المتوالية التي لا زلنا نعيشها.
الدين عقيدة!
دعونا اولا نناقش المسألة من الناحية النظرية، من خلال السؤال البسيط التالي: ماهو الدين؟
يمكن الاجابة بكل بساطة: ان الدين هو عقيدة، او رؤية كلية ازاء الحياة وعموم الوجود. أي هو مثل أي عقيدة كلية، يؤمن بها مجموعة من الناس ويعتبرونها الوحيدة الصحيحة القادرة على ان تمنحهم الامان النفسي وتجيب على اسألتهم ازاء الحياة وعموم الوجود. وتصاحب هذه العقيدة عادة مجموعة من السلوكيات اليومية والطقوس الرمزية، مثل الصلوات والنذور والاحتفالات الجماعية الحزينة والمفرحة. اي انها تحتوي على مقدسات ومحرمات ورموز وشخصيات مبجلة.
ليست جميع الاحزاب والافكار السياسية هي عقائد. بل العقيدة يجب ان تكون شاملة، أي ان تحتوي، بالاضافة الى برنامجها السياسي، كذلك فكرا وفلفسة او رؤية خاصة بها، ازاء الحياة وعموم الوجود.
مثلا، أن الشيوعية عقيدة، لانها منهج سياسي وفلسفة ورؤية كاملة ازاء الوجود. لهذا فأنها جهدت ان تحل محل الدين لدى غالبية شعوب الدول الاشتراكية السابقة. وهي ايضا مثل الدين إذ حوت على الكثير من المقدسات والمحرمات. فمن رموزها المقدسة: الطبقة العاملة، الملكية المشاعية، الفكر العلمي والالحادي، دكتاتورية البروليتاريا، اللون الاحمر والنجمة، حرية المرأة.. الخ
اما محرماتها فهي ايضا كثيرة: الطبقات المالكة، الملكية الخاصة، الايمان الروحاني، التحلل البرجوازي، الحرية الليبرالية.. الخ
وهي ايضا مثل الدين، لها قديسها وانبيائها وأئمتها الصالحين: ماركس وانجلس ولينين وستالين وتروتسكي وماو وكاسترو وووو الخ.. بل هي قد اسست لها (كعبتها) التي كان يحج اليها الملايين كل عام، والمتمثلة في (مرقد لينين) الذي تم تحنيطه لاضفاء هيبة التقديس والخلود عليه. بل هي ايضا لها جهنمها وجنتها ويوم حسابها، حيث تندلع الثورة البرولتارية التي ستقضي على الكفرة البرجوازيين وتدخل العمال المؤمنيين في جنة الشيوعية الخالدة!
على هذا المنوال يمكن اعتبار الليبرالية ايضا عقيدة. النازية ايضا عقيدة. البعثية تقريبا ايضا عقيدة. واكبر دليل على دينية هذه العقائد، انها تنزعج من الدين لانه بكل بساطة ينافسها بالسلطة على الناس، ويمنحهم رؤية وفلسفة مغايرة لتلك العقائد. لهذا فأنها تعمل بكل امكانياتها العلنية والخفية على محاربة الدين و(الكنيسة في اوربا) ثقافيا وسياسيا.
الحكومة والعقيدة!
دعونا نتحدث عن الحالة في الوضع الديمقراطي. هنالك الدولة التي تتكون من مؤسسات عديدة مثل الوزارات وتوابعها. وتقود الدولة عادة الحكومة والبرلمان، بالاضافة الى دور الاطراف المدنية من احزاب ووسائل اعلام ومنظمات اهلية.
أن جميع هذه المؤسسات التي تقود وتؤثر بالدولة بالنتيجة تضم مواطنين يحملون عقائدهم الخاصة بهم، سواء كانت دينية او غير دينية. من المستحيل ان تطلب من هؤلاء المواطنين ان يتخلوا عن عقائدهم هذه، فهذا حقهم الطبيعي المكفول ديمقراطيا.
ان اية حكومة منتخبة تمتلك عادة برنامجا للعمل يعتمد على عقيدة الحزب او الاحزاب التي تقود هذه الحكومة. قد تكون هذه العقيدة ماركسية او ليبرالية او قومية او كذلك (دينية). في الوضع الديمقراطي لا يمكن الاعتراض على عقيدة الحكومة مهما كانت، مادامت تؤمن بالديمقراطية وتحوز على اغلبية برلمانية. يحق للناس الاعتراض على سياسة الحكومة علنيا من خلال الوسائل الديمقراطية المعروفة. لكن لا احد يحق له مطالبة الحكومة بتخليها عن العقيدة الفلانية سواء كانت دينية او غير دينية. فالمشكلة ليس بعقيدة الحكومة بل بسلوكيات الحكومة وسياستها التطبيقية.
ان اي حزب سواء كان دينيا او غير ديني يحق له قيادة الحكومة في حالة حيازته على الاغلبية ويحترم قواعد اللعبة الديمقراطية المتمثلة اساسا بـ: البرلمان المنتخب. وحرية التعبير، والتعددية الحزبية.
العلمانية وتاريخها الدموي
ان اشكالية العلمانية، تعود جذورها الى تاريخها الدموي والملتبس. فهو شعار اوجدته وتبنته النخب الليبرالية واليسارية الاوربية منذ القرن التاسع عشر وخصوصا بعد الثورة الفرنسية ثم الثورة الروسية. لم يسد ولم يتم تبنيه رسميا الا نتيجة تطور وصراع فكري ـ ديني دام حوالي ثلاثة قرون. بل جذوره تعود الى القرن السادس عشر مع انقسام المسيحية وظهور البروتستانية وما صاحبها من حروب وحشية ادت الى القضاء على اكثر من ثلث سكان اوربا الغربية خلال 30 عام! نعم لقد اشتغلت النخب الاوربية على تطوير المجتمع والدين، بالدم والحبر، خلال عدة قرون وقامت بألوف المذابح وكتبت آلاف الكتب والبحوث والمؤتمرات والندوات والتجارب التي لا تحصى.
عملية تطوير الدولة في اوربا صاحبه تطوير المجتمع والكنيسة نفسها ومعها العقيدة المسيحية، وتطوير جميع الافكار الاجتماعية السياسية الاقتصادية الفلسفية. انها عملية تغيير وتطوير كلية وجذرية دامت عدة قرون واشتغل عليها الآلاف المؤلفة من المثقفين قبل السياسيين. كذلك لا ننسى الثورتين الفرنسية والروسية، ما صاحبهن من حروب اهلية مدمرة وتخريب وحرق للكنائس ومذابح ضد رجال الدين، من اجل ان تنتصر العلمانية اخيرا. هل نسينا ان اكبر جرائم تاريخ الانسانية بأجمعه، أي الحربين العالميتين الاولى والثانية التي كلفت اكثر من 60 مليون انسان، مع معسكرات الابادة الجماعية، قامت في ظل انظمة(علمانية) حداثية وباسم العلمانية والحداثة:(النازية والشيوعية والليبرالية)!
اذن مسألة العلمانية حالة خاصة باوربا، بل في اوربا نفسها يتم تطبقيها بدرجات واشكال مختلفة. فهنالك فرق كبير جدا بين علمانية فرنسا الالحادية المتطرفة، وعلمانية انكلترا المعتدلة وشبه الدينية. هل نسينا انه حتى الآن ان ملك انكلترا لا يحوز شرعيته الا بعد مباركة اسقف الكنيسة الانكليكانية! وهل نسينا ان غالبية اعلام دول ومدن وقرى اوربا لا زالت تحمل علامة الصليب! وهل نسينا ان ان غالبية العطل الرسمية في اوربا هي مناسبات دينية مسيحية، مثل اعياد الفصح والميلاد ونهاية السنة وغيرها الكثير. بل ان اختيار يوم الاحد عطلة رسمية لانه يوم مسيحي مقدس. بل حتى منع تعدد الزوجات ليس بدافع علماني حداثي، بل لانه تقليد مسيحي مقدس!
العلمانية والدكتاتورية
بصورة مختصرة يمكن القول، ان العلمانية في اوربا لم تأت نتيجة طرح شعار ونظال مطلبي، بل هي عملية طويلة دامت قرون حدثت في المجتمع نفسه وثقافته وعقائده، قبل ان تحدث في الدولة. نعم العلمانية عملية اجتماعية ثقافية اولا قبل ان تكون سياسية مطلبية.
نكرر، ان العلمانية يجب ان تحصل اولا في المجتمع وثقافته قبل ان تحصل في الدولة. ان مجرد مطالبة الدولة بتحقيق العلمانية يعني بكل بساطة مطالبة الدولة بفرض عقيدة مخالفة للعقيدة او العقائد الدينية السائدة في المجتمع وثقافته. وهنا تكمن العلاقة بين الدكتاتورية والعلمانية. واكبر مثال لنا، تجربة الحرب الاهلية في الجزائر اعوام التسعينات بعد رفض(العلمانيين وعسكرهم) القبول بنتائج الانتخابات التي ادت الى فوز جبهة الانقاذ الاسلامية.
ـ كيف نطالب الدولة العراقية بفصل الدين عنها، وهذه الدولة نفسها ، 70% من الاحزاب التي تقودها هي احزاب دينية حتى النخاع؟!
ـ كيف نطالب الدولة بفصل الدين عنها، و80% من المجتمع العراقي متدين ويعيش، بشيعته وسنته، ردة فعل دينية مذهبية مرتبطة بالتغييرات السياسية ـ الاجتماعية الكبرى التي تعيشها بلادنا منذ 2003 ؟!
ثم ان التاريخ اثبت لنا ان ايمان الحكومة بالعلمانية والحداثة والعلم، لا يعني شيئا في الممارسة السياسية على ارض الواقع. لنأخذ امثلة حية نعيشها حتى الآن: هل نسينا نظام البعث، كان من اكثر المتشدقين بالعلمانية والحداثة بحيث انه كان يقدس مؤسسه المسيحي(ميشيل عفلق)! كذلك نظام بن علي في تونس، الذي كان يعتبر منذ ايام الرئيس السابق بورقيبة، اول واكبر وانقى نظام علماني حداثي في العالم العربي!! كلذلك نظام مبارك في مصر، لا يمكن لاحد ان يتهمه بأنه نظام ديني! بل الغالبية الساحقة من الانظمة الدكتاتورية الفاسدة في العالم هي انظمة علمانية، او على الاقل معادية للدين!
ثم لننظر الى هذه الحقيقة المهمة جدا جدا: ان الطبقة الماسكة بالوضع العراقي(حكومة ومعارضة ومقاومة)، ليس محكومة فقط بالاحزاب الدينية، بل ايضا بالاحزاب العلمانية. وجميع العراقيين يعرفون ان فساد العلمانيين وتخريبهم للوطن لا يقل عن فساد المتدينين وتخريبهم.
ـــــــــــــــــــــــ
القسم الثاني
مشكلتنا ليست بالدين بل بامريكا!
مع اعتزازنا بالكثير من الشخصيات التي اشرفت ووقعت على هذا النداء، ولا يمكن ابدا التشكيك بوطنيتهم ونزاهتم، الا انه هذا لم يمنع من وجود تقصير وتسرع كبيرين في اطلاق هذا الشعار. من اكبر الدلائل انه تم تناسي اول واهم عامل له علاقة مباشرة بتكوين دولتنا الحالية وعلاقتها بالدين ، ونعني به دور(امريكا) القيادي والحاسم هذا في العملية السيباسية الجارية في بلادنا منذ عام 2003؟
انه سؤال ضميري وانساني ووطني. بل هو خصوصا سؤال اكاديمي يطرحه أي باحث اجنبي ومبتدء يريد ان يتناول مسألة(الدولة العراقية والدين) من وجهة نظر علمية حيادية. فكيف اذن يتناساه مثقفون عراقيون يطالبون بالتغيير؟! اما كان من العدل والعقلانية ولو الاشارة بكلمة واحدة الى امريكا ودورها؟! فحتى لو بقينا ضمن موضوع(العلمانية)، فهل ننسى الحقائق التالية:
ـ ان امريكا الديمقراطية العلمانية هي التي جلبت للعراق هذه الاحزاب الدينية. اليست امريكا نفسها التي تدعي محاربة ايران، هي نفسها التي تفاوضت مع الاحزاب الدينية المقيمة في طهران، بالاضافة الى الاخوان المسلمين، وتحالفت معهم وسلمتهم السلطة على طبق من ذهب؟؟؟؟!!!
ـ اليست امريكا نفسها التي اصرت على التقسيم العرقي والطائفي للدولة العراقية، وهي التي ادخلت لاول مرة في تاريخ العراق هذا التوزيع الطائفي والعنصري لادارات الدولة والمجتمتع!
ـ اليست امريكا وخبرائها الديمقراطيين العلمانيين هم الذين كتبوا وفرضوا علينا هذا الدستور العنصري والطائفي والمضاد للوحدة الوطنية؟
ـ اليست امريكا هي التي دمرت الدولة العراقية وتركت الحدود مفتوحة لسنوات طويلة وعملت ما عملت سرا وعلنا من اجل خلق الميليشيات الشيعية والسنية والقاعدة والارهاب وتشجيعها واشعال وتغذية الحرب الطائفية؟
ـ اليست امريكا هي الحامية والراعية والمشرفة على الدولة العراقية الحالية بكل فسادها وتدينها وعلمانيتها؟
سطحية هذا الشعار
اكبر دليل على سطحية هذا الشعار، بل وسلبيته ضد الوضع العراقي، انه سمح بتبنيه والدفاع عنه من قبل شخصيات لها دور فعال ومباشر في تدمير العراق وتخريبه. (نكرر اعتزازنا بالكثير من الشخصيات والزملاء المساهمين بالنداء)، لكن هذا لم يمنع من وجود بعض النماذج التالية:
ـ السيد (كنعان مكية) المتهم بلعب دور المطبل للاحتلال الامريكي، وخصوصا دوره المهم بكتابة هذا الدستور(الطائفي)، بالاضافة الى اتهامه من قبل الدولة العراقية نفسها بالاستحواذ على الآلاف من وثائق دولتنا ووضعها في امريكا!
ـ السيد(محمود عثمان) ممثل البرزاني في البرلمان. الذي لا يطالب فقط بفصل الدين عن الدولة، بل هو خصوصا وطيلة عمره يطالب ويؤمن ويعمل بـ(فصل كل شمال العراق، بما فيه كركوك والموصل واجزاء ديالى، عن الوطن)!! باسم ذلك الشعار التخريبي والمتعصب:(كردستان الكبرى). كيف يمكن ان نتناسى دور الاحزاب العنصرية الكردية في تأسيس هذه الدولة العراقية الخربة بالتحالف مع الامريكان والاسرائيليين. بل ان هذه الاحزاب العنصرية لا زالت مستمرة بتغذية كل عوامل الفساد في الدولة العراقية والتآمر المستمر على سلامة بلادنا. وآخر فصولهم الجهنمية لعبهم ذلك الدور القذر في تهجير المسيحيين نحو شمال العراق من اجل تكوين محمية انفصالية تابعة للبرازني بالتعاون مع اسرائيل!
ـ اننا نطرح السؤال الضميري التالي على كل الرسميين والبرلمانيين وكبار الحزبيين الموقعين على نداء(فصل الدين عن الدولة): اما كان من المشرف لكم فعلا، قيامكم بخطوة رمزية برفض ذلك الفساد (العلني والقانوني) السائد في الدولة والبرلمان نفسه من خلال تلك الرواتب والامتيازات التي لم يتمتع بها أي مسؤول وبرلماني على وجه الارض!
ثم ايضا نطرح عليكم هذا السؤال البسيط:(( هل توافقون، مثل كل السياسيين المتحضرين والعصريين(كما كتب بالنداء)، على التخلي عن بعضا من رواتبكم الخيالية من اجل تمويل ـ مركز دراسات عراقيةـ مخصص لدراسة وتطوير اشكاليات الدولة العراقية، وبالذات مطلب العلمانية الذي تدافعون عنه))؟
الشعارات المطلوبة
لهذا نقول ، ان شعار(العلمانية) هذا ليس ضروريا بل هو مستحيلا، ولا يجلب للعراقيين غير الكفاحات الوهمية وزيادة الشقة بينهم ودفع الاسلاميين الى المزيد من الانغلاق والتعصب. وهو خصوصا يبعد العراقيين عن الشعارات الحقيقية الواقعية المباشرة، والتي من اهمها بـ :
ـ (تعميق الديمقراطية واصلاح الدولة التي تستولي رئاساتها وحدها على ثلث الميزانية) و(فضح الفساد ومحاربة المفسدين)، سواء كان متدينين او مدنيين.
ـ ادانة العنصرية القومية والسياسة الانفصالية الممارسة من قبل القيادات القومية الكردية، ودورهم المباشر في التآمر على الوطن الذي من آخر فصوله المساهمة بتهجير المسيحيين الى الشمال من اجل تكوين محمية مسيحية تابعة لسلطة البرزاني.
ـ فضح الدور الامريكي التخريبي من اجل الابقاء على العراق والدولة العراقية ضعيفة منقسمة تنخرها الطائفية والعنصرية القومية بالاضافة الى الجماعات الارهابية المدعومة سرا من قبل امريكا.
ـ العمل والكفاح الثقافي والسياسي من اجل، ليس الغاء الطائفية من الدولة، بل خصوصا الغاء الطائفية من الحياة السياسة من خلال الغائها من الاحزاب العراقية نفسها، التي جميعها بما فيها العلمانية منقسمة طائفيا وقوميا. نحن بحاجة الى خلق بنية ثقافية وشعبية لتكوين احزاب وطنية عراقية حقيقية، دينية وغير دينية، منتشرة فروعها في جميع انحاء العراق وتضم في صفوفها جميع العراقيين بمختلف تنوعاتهم القومية والدينية.
اخيرا نقول ونكرر القول، ان معضلة العراق والعراقيين بجميع قومياتهم ومذاهبهم ومناطقهم، لا تكمن بالدين ولا حتى بالدولة نفسها، بل تكمن في(ضعف الهوية الوطنية) لدى غالبية ابناء(النخب العراقية) : مثقفين ورجال دين وسياسيين ومتعلمين.
انظروا الى ملالي ايران، فان تشيعهم لم يمنعهم من تعصبهم لايران واقامتهم دولة، مهما كانت عيوبها، الا انها وطنية بامتياز. بينما نحن ملالينا للأسف غالبيتهم يعتقدون ان الوطنية للعراق نوعا من الكفر والخيانة للطائفة!!
نفس الحال بالنسبة للكثير من متديني العرب السنة، فأنهم باسم الاسلام والعروبة يعتبرون العراق دولة مصطنعة يجب ازالتها لاقامة دولتهم المفترضة. القوميون الاكراد وغيرهم لا يقلون رفضا وكرها للعراق ودولته وحدوده. نعم ان مشكلتنا الحقيقية تكمن في ان غالبية نخبنا الفاعلة والقائدة لا تؤمن بالعراق وترفض الانتماء لماضيه وحاضره ومستقبله، بل هي كثيرا ما تتفاخر بالتخلي عنه ورفضه وادانته والتبجح بشتمه والنيل من شعبه والتذكير فقط بمساوئه وتناسي محاسنه وامجاده.