مثقفو السلاطين والثورة المصرية
جميل السلحوت
معروف ان العلاقات بين الدول تقوم على المصالح، والأنظمة الحاكمة هي التي ترعى هذه المصالح، بغض النظر ان كانت تحمي مصالح شعوبها وأوطانها، أو تتهاون فيها وتفرط بها، ومن هنا يمكن فهم موقف بعض الأنظمة العربية التي اتخذت الحياد من الثورة الشعبية قبل سقوط نظام مبارك، وبقيت تراقب الوضع، ولا تريد الصدام مع نظام يمكن ان يبقى حاكما، ويمكن أيضا فهم موقف بعض الأنظمة التي دافعت بشراسة عن نظام الطاغية، ليس لأنها اتخذت الموقف الصحيح، بل لأنها خائفة من أن تؤكل عندما يؤكل الثور الأبيض، وهي تعيش الآن حالة رعب بعد سقوط النظام وانتصار الثورة، لكن لا يمكن فهم موقف بعض المثقفين وأشباه المثقفين، وهم كثيرون، ممن داهنوا النظام الديكتاتوري وتملقوه، أو دافعوا عنه، تماما مثلماهي بعض وسائل الاعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة التي لم تعط هامشا لمن وقفوا مدافعين عن حق الشعب المصري العظيم في الخلاص من الديكتاتورية، ومن عصابات البطش والطغيان والفساد والفساد والنهب والسرقة، وشكلت وسائل الاعلام هذه من نفسها غطاء نتنا تفوح منه رائحة العفونة التي تقف في خندق معاداة شعوبها وأوطانها مما يعني أن القائمين عليها اما جهلة لا يعرفون قراءة الواقع المعاش وحركة التاريخ، أو أنهم أبواق مأجورة لتسويق أجندة أجنبية معادية، وكلا الأمرين ليس في صالحهم.
ولن تنسى الشعوب العربية أن هناك أقلاما ووسائل اعلام، ورجال دين يتبوأون مناصب دينية رفيعة، كانت مجندة للدفاع عن النظام الديكتاتوري، وعن ممارساته القمعية والوحشية، وعن نهبه لثروات الشعب، ومسؤولة عن تسويقه كراعٍ للحمى ومدافع عن قضايا الأمّة.
والأقلام المرتزقة ووسائل الاعلام المرتهنة للسياسات المعادية، التي وقفت ضد الثورة الشعبية هي التي ستركب موجة انتصار الشعب وثورته وسقوط النظام، وستزايد على كل الشرفاء، وذلك لأنها لا تجيد الا التذيل للواقف دائما، لكن بخبثها المعهود واستمراريتها في دسّ السم في العسل.
فهل ستنطلي مخازي هؤلاء المتخاذلين على الشعوب الثائرة؟ أم أنهم سيسقطونها كما أسقطوا النظام الديكتاتوري.؟