الفاروق عمر .. والحقد الفارسي

الباحث / محمد عبد الكريم النعيمي - المدينة المنورة

[email protected]

 أذكر أنني قابلت أخاً شيعياً عربياً من الأحواز في مطار كوالالمبور، فحدثني أن الشيعة العرب يلمسون من شيعة الفرس حقداً على العربي لا يوصف، حتى لو كان ذلك العربي شيعياً، فالقضية ليست قضية دين أو مذهب، وما التشيع بالنسبة للفرس إلا مطية ووسيلة للنيل من الإسلام من الداخل..

 أما حقدهم على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيقول في شأنه: إننا نعرف يقيناً أنهم يكرهونه لأنه أطفأ نار المجوسية وأزال دولة الفرس القومية. ويضيف مؤكداً على ذلك: إنهم - أي عرب الأحواز - كانوا يحفظون قصيدة باللغة الفارسية مقررة في المنهج الدراسي الإيراني - لأن لغة القرآن محظورة في إيران حتى بالنسبة للعرب - وهي في شتم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويقول: إنه من المدهش أن القصيدة تبرر هذا الحقد وهذا الشتم لهذا الخليفة - ليس لأنه سلب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حقه أو آذى آل بيته كما يدندن الشيعة - ولكن لأنه أزال دولة فارس ومدَّ نفوذ الإسلام على أرضها. انتهى حديث الأخ.

 ذكرني هذا بأن للفرس اليدَ الطولى في صوغ عقائد الشيعة وملامحها الفكرية، وذلك عبر جهود الدولة الصفوية، وقبل ذلك عبر جهود شيعة جبل عامل في لبنان ذوي الأصول الفارسية، والذين جلبهم معاوية بن أبي سفيان - وهذا من جملة عثراته العديدة - وأسكنهم تلك المنطقة لحماية الثغر المشرف عليها.

 ولعلَّ هذا الأمر هو الذي دفع كثيراً من مثقفي ومفكري الشيعة العرب للاتجاه إلى القومية العربية وتياراتها المختلفة، بعد أن تبيَّن لهم أن التشيع "بالمعنى الصفوي" ما هو إلا تصفية حسابات مع العروبة والإسلام مُجَسَّداً بشخصياته وقاماته التاريخية.

 ولأن محاولة زعزعة الإسلام لن تكون ممكنةً إلا باستخدام أدوات فكرية وخلافات داخلية، استغل شيعة الفرس جهاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه لمعاوية بن أبي سفيان لانقلابه على مفهوم الخلافة الإسلامية الشورية، وإعادة نظام الحكم الجاهلي الكسروي القيصري، كما استغلوا استشهاد الحسين بن علي رضي الله عنهما في جهاده يزيدَ بنَ معاوية لذات القضية، ليعقدوا من مظلومية أمير المؤمنين علي وسيد شباب أهل الجنة الحسين عقدةَ حقد وتفرقة بين المسلمين، وينفثوا فيها كلما هدأت وسكنت، كما تفعل النفاثاتُ في العُقَد من السواحر ليفرقن بين المرء وزوجه، والخلِّ وخليله.

 بل وأعقبوا ذلك بإضفاء القداسة والعصمة وشيءٍ من خصائص الألوهية على أئمة آل البيت رضوان الله عليهم، إغراقاً في تحريف الإسلام ونقضاً لأصوله، وإحياءً للمعتقد المجوسي المقدِّس للأسرة الساسانية، وما استماتة شيعة الفرس في إثبات زواج الحسين رضي الله عنه من ابنة كسرى، إلا تكريسٌ لهذه "القداسة" بامتزاج الدم النبوي بالدم الساساني "المقدس".

 تُرَى متى يدرك الشيعة العرب أن ما هم فيه من معتقد مَحْضُ تحريف وافتراء على الإسلام وكيد لرجاله؟! أم أن التهرُّب من لذعة الشعور بالخديعة طوال تلك القرون أهمُّ من الرجوع إلى الحق؟!.