شكراً لنشر وثائقهم غير المشكورة
"جوليان أسانج":
أ.د. ناصر أحمد سنه - كاتب وأكاديمي من مصر
أن تكتب متأخراً، ليتضح موقفك من هذا الحدث المُزلزل، خير من ألا تكتب علي الإطلاق. ولعل الخيار الثاني ـ أي الصمت المُطبق، وعدم الكتابة عن هذا الحدث الجلل، أو تحريفه، أو تشويهه، أو التقليل من شأنه، أو رصد فتات ايجابي فيه ـ هو خيار حملة المباخر، ولسنا منهم، وجوقة الأنظمة، وهم كـُثر، الذين/ التي نالهم ما نالهم من هول الصدمة من "انكشاف مستورهم".
لن أطيل، وقد كفانا غيرنا عناء هذا الأمر، فقط هي نقاط سريعة كشفت، ومازالت وستكشف عنها الوثائق المُسربة:
- كمّ مهول من الوثائق الحقيقية (وليست المُختلقة كما يدعي مناوئوها)، وسرعة ماحقة في نشرها وتتابعها، وأهمية متنامية مع نشر المزيد منها. ويبقي الكلٌ في دهشة/ صدمة، فاغراً فاه أمام وثائقه المٌسربة.
- كم صرّح بهذه الأمورـ تحليلاً واستشرافاً وإنذاراً، كثيرون.. وفقا لقراءتهم الواقعية السليمة والصادقة، والشواهد التي تصدم العقول والعيون. لكنهم وصموا بأنهم "خاضعون لنظرية المؤامرة"، وأسري التفكير التآمري.
- لم كل هذا التبسط/ الهرولة بالتحدث مع مستويات دبلوماسية غير متكافئة.
- كم أكد الكثيرون علي أهمية تحديد مفهوم "العدو"، إذا لا سياسيات صائبة، حالية ولا قادمة، إلا وفق تحديد هذا الآمر. مؤخرا رأينا "حلف الأطلس"، فضلاً عن "كوريا الجنوبية"، في نزاعها من أختها الشمالية يحددون من هو العدو" ويعدلون أستراتيجياتهم وفق ذلك. وتصويب مسار هؤلاء المتصهينين، وأذناب "المحافظين الجدد"
- غياب، وتغييب، وإقصاء موضع " الأمن القومي العربي/ الإسلامي" من قبل الأنظمة المتحكمة.
- ما أعلن من وثائق يكشف عن تعارض كبير بين سياسات الأنظمة وبين أراء وتوجهات وتطلعات أغلبية شعوبنا، مما يعكس تنامي الهوة السحيقة بين من يتحكم من أهل السلطة، وبين "الأمة مصدر السلطات".
- لم يكن مستغرباً انكشاف هذا التماهي "الدبلوماسي" العجيب مع كل ما تريده السياسيات الصهيوأمريكية ومطامعها في الهيمنة والسيطرة علي العالم كله، وعلي منطقتنا العربية الإسلامية بوجه خاص. في مقابل واحد ووحيد: بقاء هذه الأنظمة علي كراسيها، وترميم ما تهالك منها.
"جوليان": وأنت في محبسك، قلوبنا معك، دعمنا لك، شكرا لك.
يا "أسانج:" لست بحاجة لتذكيرك أنك أنت الطليق الحر، ومعتقلوك، ومن دعوا لقتلك، ومن يتعقبوك، حياً أو ميتاً هم السجناء المذعورون، الخائبون الخاسرون.