إلى أين نريد أن نتجه
إلى أين نريد أن نتجه؟
ياسر أبو الريش
كاتب ومحرر صحافي وباحث
إن التعليم هو وسيلة، هو ليس هدف ، هو وسيلة لخدمة الرؤية الاستراتيجية للدولة، ماذا نريد أن نفعل، ماذا نريد أن نصنع بدولنا.
فهذه تقارير البنك الدولي واليونسكو تشير أن الدول العربية تنفق على التعليم مبالغ لا تقل -بل ربما تزيد في بعض الأحيان- عن التي تنفقها الولايات المتحدة وكندا أو دول أوروبا واليابان إلا أن الغرب ينهض بينما العرب يتراجعون، وعلى سبيل المقارنة فإن ما تنفقه الولايات المتحدة الأميركية على التعليم يصل إلى 5.5% من الناتج القومي الأميركي، في الوقت الذي تصل فيه نسبة الإنفاق على التعليم في الدول العربية إلى 5.8% بينما تنفق مصر على كل ألف طالب أكثر مما تنفقه الولايات المتحدة على نفس العدد، وهناك إحصائية نشرت من فترة في الأهرام تشير إلى أن ما ينفقه المصريون على الدروس الخصوصية يصل إلى 4 مليارات جنيه في السنة(وحسب تقرير مجلس الشورى عام 2002تلتهم أكثر من 15 مليار جنيه مصريا من جيوب اؤلياء )، وعلى الجانب الاخر قد نشرت جريدة (لوس أنجلوس تاميز) تقرير في يناير 2001م تقول فيه: " أن حجم المواد التي يدرسها طلاب التعليم في مصر أضعاف ما يدرسه الطالب الأميركي.. وأن ما يقضيه الطلبة المصريون في المذاكرة يفوق أضعاف ما يقضيه الطلبة الأميركيون...
لكن ما هي المخرجات لهذا الإنفاق وهذه المواد؟ فإن في مصر ¼ مليون حامل للدبلوم عاطلين عن العمل ، ومخرجات وكوادر غير مؤهلة لسوق العمل ولا حاجة له بها.
ولذلك يجب ان تثير المناهج حب الاستطلاع والرغبة في طلب المزيد من المعرفة وهذا ما أكده الفيلسوف بارنت قائلا " لا يمكننا ان نفلح في تحسين نوعية التعليم بالنظر اليه على انه مجموعة من المهام ضمن اسلوب من اساليب العمل فحسب ولا يمكننا استخدام مصطلح الجودة استخداما معقولا بطريقة لا تأخذ في اعتبارها القيمة فلا يمكن القيام بتحديد وتقدير وتحسين الجودة النوعية بوصفها مهمة تقنية بحته ".
ودور المنهج هنا هو أن يعكس مقومات الفلسفة الاجتماعية ويحولها إلى سلوك يمارسه التلاميذ بما يتفق مع متطلبات الحياة في المجتمع بجوانبها المختلفةة.
ووهذا يعني وجود رؤية واضحة عند القيادة السياسية، أين نريد أن نتجه؟وما هو نوع التعليم الذي نريد أن نصل إليه ليحقق رؤيتنا؟
ففي ماليزيا في عام 1985عملوا مؤتمرات وطنية لقضية التعليم. ولاستراتيجية الدولة كدولة إلى أين سنتجه كدولة وقرروا أن تكون ماليزيا دولة صناعية، هذا القرار تغيرت على أساسه مناهج التربية والتعليم، تغيرت على أساسه البعثات الدراسية، تغيرت على أساسه نظم الهجرة ونظم الاستثمار، فمناهج التعليم كلها تحولت لخدمة هذا الهدف وفعلاً خلال عشر سنوات..تغير الوضع ، وكانت النتيجة عام 1995، ماليزيا عاشر دولة صناعية في العالم.
يعني التخبط السياسي له دور أساسي في قضية انهيار مستوى التعليم.
كل وزير يأتي لا يكمل من حيث انتهى الذي قبله بل يبدأ من جديد وحسب رؤيته هو . فكيف سيصلح التعليم.
اذن سياسية التعليم لا ترتبط باستراتيجية بل يرتبط بشخص الوزير.
وعلى سبيل المثال فالمناهج الدراسية في كوبا تخضع باستمرار للإصلاح والتعديل لمواكبة تغير الاوضاع المحلية .
ويتبادل المعلمون تجاربهم فيما يخص استخدام اساليب التدريس ومواده في اطار الجمعيات التربوية التي تختص منها بمادة دراسية معينة وحظى بدعم من احد الخبراء بحوثا تطبيقية ويتم تشاطر افضل النتائج خلال المؤتمرات المتخصصة بالتعليم التي تعقد على صعيد البلديات وتتولى المعاهد مع المجتمع المحلي بتنظم اللقاءات الكبيرة وغير ذلك من الانشطة التشاركية ويتم كل من التدريب من قبل الخدمة وأثناءها داخل المدارس (لمدة خمس أو ست سنوات على التوالي) مما يكفل ربط المدارس بالمؤسسات المعنية بالتدريب.
فيجب ربط موضوع اصلاح التعليم بموضوعات أخرى مثل القدرة التنافسية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي وبناء الامة.
ومرة أخرى إلى أين نريد أن نتجه؟
وما هو نوع التعليم الذي نريد أن نصل إليه ليحقق رؤيتنا؟