العرب الغزاة ..
العرب الغزاة ..
وأصحاب البلد ؟!
أ.د. حلمي محمد القاعود
ألقت سلطات الأمن القبض على مجموعة من الشباب في الإسكندرية ( 26 شخصاً ) بحجة أنهم من المنتمين إلى مجموعة 6 إبريل التي نظمت الإضراب العام على " الفيس بوك " ، ووجهت السلطات لهؤلاء الشباب تهمة " تهديد الأمن الوطني " .. كما ألقت السلطات القبض على عدد أكبر من طلاب ينتمون إلى الإخوان المسلمين على شاطئ بلطيم بتهمة تشكيل تنظيم محظور .. وقبل أسابيع كان الداعية المصري الشيخ وجدي غنيم حائرا بين مطارات العالم لأنه لا يجد بلدا تستقبله للإقامة فيها ، وكان أولاده في مكان آخر بعيد عنه ، وجريمته أنه يتحدث عن الإسلام ، وهو ما لا يعجب الحكومات المسلمة وغير المسلمة ... وقررت دولة عربية طرد أحد الصحفيين المصريين الذي يقيم بها منذ 44 عاما لأنه يكتب على الشبكة الإلكترونية موضوعات لا تعجب الحكومة المصرية الذكية !
في الوقت ذاته كان المتمردون الطائفيون يقومون بمظاهرات أمام السفارات والمراكز المهمة والأماكن التي ينزل بها رئيس الدولة زائراً ، لإحراج السلطة في مصر ، وإظهارها في صورة عنصرية بغيضة بزعم اضطهادها للنصارى والتمييز بينهم وبين المسلمين !أما مواقعهم الإلكترونية وقنواتهم التلفزيونية فتلعن الحكومة ومن فيها وتسب الإسلام وتشتم المسلمين بمنتهى الحرية والجرأة والعجرفة والبذاءة على مدار اليوم والليلة !!
السلطة تحركت ضد شباب صغير وداعية وصحفي يسعون للتعبير عن أنفسهم أو دينهم ، وهو حق تكفله الدنيا لشعوبها ومواطنيها ، ولم تتحرك قيد شعرة ضد من يُشهّرون بالوطن وينفذون أجندة صليبية استعمارية وحشية ، وإذا استثنينا بعض الكتابات الماسخة في صحف النظام ، فإن السلطة أثبتت للعالم كله أنها تقمع الأغلبية المسلمة وتمارس ضدها أبشع ألوان الاستبداد والقهر ، وفى الوقت نفسه تُدلّل الأقلية الضئيلة المتمرّدة ، المستقوية بالخارج ( عيني عينك ) ، ولا تستطيع أن تتخذ موقفاً قانونيا حازماً ضد إجرامها وتمرّدها وكذبها الفاجر !! إنها سلطة رخوة أمام المتمرّدين الطائفيين ، ووحش شرس مع الأغلبية الإسلامية ، وهو ما قد يكون مردوده عنيفاً وقاسياً ومدمراً على الوطن كله ، وليس المتمردين وحدهم .
إن قيادة التمرد الطائفي تلعب على المكشوف ، وفى جرأة غريبة ، ولا تبالي بمصلحة القاعدة العريضة من الطائفة ، ولا تهتم بمصالح البسطاء فيها ، متأكدة أن من تستقوي بهم سيتدخلون في اللحظة الملائمة ، أو إنهم سيكونون بمنأى عن لسع النار ، حيث يعيش معظمهم في الخارج ، وينفذون المخطط الطائفي الإجرامي وهم في مأمن .. ثم إن السلطة الرخوة تزيد من تدليلهم كلما أمعنوا في إجرامهم وإهانتهم لها .. ففي الوقت الذي وضعوا فيه لائحة اتهام ضد رئيس الدولة لمحاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية مثل الفريق " عمر حسن البشير " رئيس السودان ، فإنها – أي السلطة - تفتح لهم أجهزة دعايتها وأجهزة دعاية رجال القروض الموالين لها ، وتخصص لهم فترات زمنية طويلة على الأقمار الصناعية كي يتحدثوا عما يُسمى حقوق الأقلية والعدوان المزعوم على النصارى ، ولك أن تعجب أو لا تعجب من لغة الذلة والمهانة التي يتحدث بها المذيعون والمذيعات إلى هؤلاء المتمردين الطائفيين العملاء بينما يحظر على أصحاب التصوّر الإسلامي أن يُخاطبوا الناس أو يتجهوا إليهم بالخطاب ، لأنهم محظورون ومرفوضون وممنوعون .. وهم الذين يُموّلون إعلام السلطة ورجال القروض جميعاً !
من المؤكد أن السلطة الرخوة ، وهى عاجزة عن تطبيق القانون على قاتل المسلم البائس في قصر هور ، وعدم قدرتها على ردع الرهبان المحاربين الذين استولوا على أرض الدولة وإهانة النظام ممثلاً في محافظ المنيا ، ورفض التعامل معه ، ووصفه بأوصاف لا تليق لدرجة اتهامه بالانتماء إلى الإخوان المسلمين ؛ إنما تضع الوطن على حافة بركان ، نسأل الله أن يُجنبنا الكارثة ونتائجها .
كان من المضحك أن يذهب نائب في مجلس الشعب عن دائرة دير مواس بالمنيا إلى أمريكا لتقديم مجموعة عروض للأنبا شنودة لتسوية جريمة أبو فانا التي ارتكبها الرهبان المحاربون وقتل المسلم البائس والاستيلاء على أرض الدولة ، مقابل إلغاء مؤتمر صحفي كان مقرراً عقده بمعرفة الأنبا ديمتروس يوم 25/7/2008م ( البديل 25/7/2008م ) .. فهل هذا يدل على سلامة تفكير السلطة الرخوة مع التمرد الطائفي في الوقت الذي يعلن فيه محافظ المنيا أن أحداث أبوفانا قابلة للتكرار ما لم تتم مواجهة أسبابها بالجدية اللازمة وأن مطران الكنيسة هناك رفض الحل القانوني (؟!) للنزاع ، وطالب بمساحة كبيرة من الأرض ، وذكر المحافظ أن الدير لا يملك الأرض بوضع اليد ، لأن الملكية متنازع عليها وليست هادئة ( المصري اليوم 23/7/2008م ) .
وللأسف ، فإن البعض ما زال يختزل التمرد الطائفي في الرغبة بالاستيلاء على أراضى الدولة ، ويتجاهل أن الجريمة أكبر من ذلك . إنها عمل دائب لتمزيق الدولة وتفتيتها ، وتغيير دينها وهويتها ولغتها ، وفرض إرادة الطائفة المحدودة على الأغلبية الساحقة .. وقد كان الأمر يأتي من قبل على استحياء من داخل الغرف المغلقة والكنائس والأديرة ، وكان يكشف عنه العملاء والمرتزقة في المهجر عبر رسائل الشبكة الضوئية ، ولكنه اليوم يأتي بوضوح سافر على لسان أحد أركان التمرد في الكنيسة والمجلس الملي ، وهو الأنبا " توماس " أسقف القوصية الذي ذهب إلى معهد " هيدسون " الأمريكي الصهيوني ليعلن من هناك أن النصراني يشعر بالإهانة إذا قيل له إنك عربي (؟) ويُؤكد على أن العرب غزاة " احتلوا مصر " وأن كل المصريين كانوا نصارى حتى اعتنق البعض الإسلام إما بسبب ضغط أو طموح للتعامل مع القادة والحكام العرب أو للإعفاء من الضرائب . وهؤلاء لم يعودوا أقباطا ولكن صاروا شيئاً آخر ركز على جزيرة العرب بدلاً من مصر !
وقال توماس : نحن لسنا عرباً ولكننا مصريون . وأنه إذا كان يتكلم العربية فهذا لا يجعله عربياً وأنه يشعر مع طائفته بالخيانة في هذا الوطن ، بسبب سرقة ثقافة النصارى والفن الخاص بهم وإطلاق اسم " الأرابيسك " عليه مما يعد تزويراً في التاريخ !
الأنبا توماس هذا على علاقات بكثير من المسلمين ، ولكنه يؤسس لعالم آخر يُعبّر عن أحلامه وأحلام الطائفة في تحرير الوطن الضائع الذي هو مصر ، ولذا كرس جهوده لتعليم اللغة المصرية في الكنائس والنوادي والبيوت ، وفتح فصولاً في الوجهين البحري والقبلي لتعليم اللغة المصرية القديمة ( التي يُسميها القبطية ) لاسترداد الهوية الثقافية الضائعة ؟( المصري اليوم 20/7/2008م) [ هل تقوم قناة رجل القروض المتعصّب بدور في هذا السياق من خلال إصرارها على استخدام العامية المصرية التي تحتوى على مفردات من المصرية القديمة ؟ ] .
ما يقوم به المتمردون من خطوات محسوبة على مستوى الفكر والثقافة ، والواقع العملي ، والتظاهر الخارجي ، والدعاية من خلال وسائط مختلفة ، وتوزيع الأدوار بين الداخل والخارج ، والابتزاز الطائفي بأشكاله المتعددة ، وما يُقال عن تخزين السلاح في الأديرة وغيرها ، يؤذن بمرحلة جديدة ، مثيرة وخطيرة ، ويُشبه إلى حد كبير ما جرى ويجرى في جنوب السودان وكردستان العراق ، واليمن السعيد (!) ، فضلاً عن فلسطين ، فالمخطط واحد ، ويُحقق نتائج مثمرة دون شك للمتمردين ،في ظل الميوعة التي تواجه المخطط وأصحابه ، ويفرض على السلطة الرخوة مزيداً من التنازلات والهوان ، وعلى الشعوب كثيراً من الخسائر والتضحيات !
المصري رخيصا!
يوم الأحد الماضي بكيت كما لم أبك منذ سنتين على غرق أكثر من ألف مصري بائس في عبارة السلام 98.. وتأكدت بما لا يدع مجالا للشك أن المصري رخيص رخيص !!!