أنا، أو لا أحد

علي مسعاد

[email protected]

العناوين " الصادمة "، التي أصبحت، تتصدر الصفحات الأولى ، لكثير من اليوميات والأسبوعيات المغربية ، الصادرة في السنوات الأخيرة ، مردها ، بالأساس ، من وجهة نظري على الأقل ، إلى تسلل الإحساس ب "الخوف من الفقر"، لدى الكثيرين ، بسبب عوامل عدة ، منها :غياب أي وازع ديني أو أخلاقي لديهم ،وفي حب ، العديدين ، في تسلق سلالم المجتمع دون جهد أو تعب .

عناوين " حارقة " ، يهدف من ورائها ، أرباب الصحف ، خلق مزيد من "الإثارة "، التي تحقق الأرباح ، لمؤسسات إعلامية ، أصبحت تعاني ، في ظل تدني المستوى الاقتصادي ، التربوي و التعليمي ، من غياب شبه تام  "للقراء "، المداومين على قراءة الصحف ، و الاكتفاء ب" سرقتها " من المقاهي ، التي انتشرت كالنار في الهشيم ، في معظم الأحياء والدروب الشعبية منها والعصرية .

و بسبب ، " القضايا " الكبرى ، التي تؤرق ، بال الكثيرين ، في مجتمع " شفاهي " ، انحصرت ،هموم معظم ، أفراده ،  فيما "تحت الحزام " و"البطن ".

" الهموم " الكبيرة ، التي ساهمت في انتشار العديد من الظواهر ، المجتمعية " الخطيرة " ، ك" النصب ، الاحتيال ، السرقة ، الاعتداء ، الاغتصاب و القتل " .

وغيرها ، من الظواهر ، التي لم تكن لتنتشر ، لولا تفشي ، بعض السلوكيات " الخاطئة " ، الناتجة عن قناعات " انتهازية " و " وصولية " على حساب الشرف والكرامة .

بحيث ، لا يكاد يمر يوم ، حتى يتسابق مراسلو الصحف والمجلات ، وراء خبر " انتحار " شاب أو شابة ، هنا أو هناك ، لسبب من الأسباب ، أو لنشر القصة الكاملة ، لحالة " اغتصاب " أو ل" زنا المحارم " أو في أحايين كثيرة ، حلقات متسلسلة ، عن جرائم " قتل " أو حالة " اعتداء " أو " نصب واحتيال " .

لكن ، دون الوقوف عند الأسباب " الحقيقية " وراء انتشار ، هذه الظواهر " السلبية " ، التي تسللت في غفلة ، عن خطباء الجمعة والوعاظ .

فالعامل " الاقتصادي " برأيي ، إن لم يكن " أس " الدوافع ، فهو ، على الأقل ، عامل مهم ، في انتشار ، كل الآفات ، في مجتمع ، أصبح أفراده ، " ماديون " ، لدرجة الاستعداد ، لبيع " ماء الوجه " من أجل حفنة دراهم .

إلى جانب ، انتشار " الفردانية " و " حب الذات " لدرجة الهوس ، على حساب حقوق الآخرين ، فالكل يتحدث بلغة "  تبكي مو ، ما تبكي مي " ، وغيرها ، من الأمثلة ، التي تظهر درجة ، تدني المستوى الأخلاقي والقيمي لدى الكثيرين ، في مجتمع " أنا ومن بعدي الطوفان " .

مجتمع ، أعلن فيه " الضمير" عن استقالته وغابت عنه " القيم " الروحية ، وأصبحت  لغة " المصلحة " ، هي اللغة المتداولة و بامتياز ، بين أ فراده ، في " الصداقة " ،  " الحب " ، " القرابة " و" الزواج " .

و إن شئنا ، التدقيق ، بقدر ابتعادنا ، عن الله وتعاليم الدين الإسلامي ، اتسعت " الهوة " بين أفراد مجتمع " المتناقضات ".

 مجتمع ، انتشرت فيه ، بشكل كبير ، الروح الفردية على حساب الجماعة ، وتسللت إلى أفراده ، قناعات " انتهازية " من أجل الوصول ، إلى " المال " ، ضاربين عرض الحائط ، كل القيم الروحية و الدينية و حتى الأخلاقية . 

- وماذا، تنتظر ، إذن ،  من " مجتمع "  أفراده  ، يشربون الخمر ، يمارسون الجنس ويقيمون الصلاة ، في آن ؟ا و من  أشخاص يتنفسون الكذب ، يمارسون النصب والاحتيال ولا يتقنون غير الغش و الوصولية والانتهازية ؟ا  و من مجتمع ، لا يؤمن ب" الكفاءات " و " الطاقات " و لا مكان فيه ، إلا " للزبونية " ، " المحسوبية " و " الوساطة "  ؟ا

 - و من مجتمع ، لم يعد يحترم صغيره كبيره ولا مكان فيه للرحمة أو الشفقة ، يرتدي أفراده قناع الوقار، الحياء والورع ، في رمضان ، ليستبدله بآخر من النفاق ، الرياء ، الكذب ، الحسد و الحقد ، في ما تبقى من شهور السنة ؟ا

-  بل ، ماذا ، تنتظر من مجتمع ، مساجده شبه  " فارغة " ، في حين أن حاناته ، مملوءة عن آخرها ؟ ومن مجتمع ، مهرجاناته  وسهراته الغنائية ، سحبت البساط ، من الندوات واللقاءات الفكرية والأدبية ؟ا   

غير " الأنانية "، التي تنسي الكثيرين ، أن حتى الآخرين ، لهم الحق ، كذلك ،في الحياة .