خربشات فلسفية لمراهق

خربشات فلسفية لمراهق!!!!

هدلا القصار

شاعرة من لبنان

[email protected]

قصة من مذكرات /واعترافات/ وهلوسات حوارية متناقضة/ لمراهق خمسيني في لحظات السكينة أمام مرآته الورقية من خلال رؤيته الثقافية :

دخلت التجربة الأصعب في حياتي، حين اتخذت قراراً بالطلاق من زوجتي بعد عشرون عاماً من المعاشرة الزوجة، وحين أقدمت على الدخول في تجربة زواج من أخرى، في ذروة الاضطرابات العاطفية، التي تعصف بنا في نهاية الأربعين، وما يمكن تسميتها بكوارث الأربعينات .

هل أحدا جاء وخرج سالماً من هذا الانقلاب الخريفي ليحدثنا عن هول ما رأي، وليعطي لنا عظته لعلهم يفعلون . إن معشر الرجال الذين ندخل في غمار هذه التجربة دونما فكرة مسبقة نزود بها في امتلاك هذا الحد الأدنى من الذكاء العاطفي، ولكي ندير دقة هذا التحول العاصف الأخير، بأقل قدر من الشعور بالألم .

فنحن لا نملك أي فكرة مسبقة، عما ينتظرنا في الأربعين، في هذا العقد الذي يرمز إليه " البنصر" الإصبع الرابع، والذي يطلق عليه " الفتى الجميل" ويقع تحت سيطرة "ابولو" الحوار، ويشير إلى قوة المشاعر العائدة، والاضطراب العاطفي، كما يمثل رمز الاتحاد والوصال المتجدد .

فكيف تدخلون في هذه التجربة، التي طالما حذر منها السيد المسيح للدخول بها "لئلا تدخلون في التجربة"، عند هذا السن الجميل، وقد فقتم كل مخزونكم، من هرمون ذكورتكم، "ماء الحياة"، الذي استنفذ نموه في دعائكم القديم، لتبحثوا عن وعاء جديد في هذا الصراع البائس لاكتساب تملك آخر .

أن معشر الذكور لا يملون السخرية من أنفسهم، أو تحولهم إلى موضع سخرية، ولا يتوقفون عن ارتكاب الحماقات بتكرار الدخول في التجارب . ويقول "اوسكار وايلد" أن هذه التجارب ليست سوى الاسم المستعار الذي نطلقه على أخطائنا . وقد وقفت هذه الأحداث في ذلك الوقت وبعد متابعتي لما تقوله الأبراج الفلكية، الذي كان يخضع فيه مواليد برج (... ) تحت سيطرة الإله الوثني القديم، "زحل او ساتورن"، الأكثر حداثة، من أن هذا العام هو عام الدخول في التجارب والصعود .

وان الإصبع الوسطى الذي يقع تحت تأثير "زحل"، الأصبع الأطول، وهذا الأصبع الأطول لسبب غير مفهوم يرمز إلى الفحشاء والدعارة، هل ثمة كلمة ألطف من الدعارة؟ الفسق، العربدة . انه عقد الثلاثينات حيث يصل الذكر إلى ذروة قوته الجنسية كما اكتمال الرجولة .

لكنني اعتقد بان المسألة أكثر تعقيداً من هذا التبسيط بكثير . إذ انه في حياة كل منا، ثمة ما يمكن وصفه بتجربة الدخول واجتياز معركته الشخصية الخاسرة، "واترلو" الخاصة بكل واحد منا، فميزة واحدة يجب ان تختبر طعم هذه الهزيمة الكبرى، الهزيمة التي يقول عنها " كلاوزفيبز" ،.

أن من لم يمر في اختبار أهوالها . لا يمكنه أن يعرف معنى الحرب . لم أجد أمامي سوى أن اتحد نفسي وادخل المعركة واخرج منها منتصر وهذا ما قمت به .

وأنا في الواقع كان كل همي حتى ألان هو محاولة شرح تكتيكات رجل دولة، الأكثر دهاءاً ومراوغة . فقط لأجل الحصول على الانتصار في هذه المعركة وربما تكون خسارة .

أن معركة "واترلو" الخاصة بي كانت في مواجهة امرأة . وهي المعركة التي تقررت بطلقة واحدة، حين وقفت إمام القاضي في المحكمة، التي طالمه كنت انظر إليها من بعيد، بخوف ووجل، ورددت أمام القاضي وشاهدان اثنين لم أكن اعرفهم مسبقاً: أنني يوم أمس الثلاثاء قلت لزوجتي أنت طالق" لسبب ما زلت اجهله حتى الآن، شعرت كما لو أني ممثل يؤدي دوراً في مسرحية، وقد كان شعوري بالسعادة لكوني أديت الدور أو المشهد بنجاح، وأكثر منه لأنني كنت أقوم بعملية تحرري أو انتقائي الخاص، من ثقل هذا القيد، قيد الزواج  والمسؤولية الذي طالما شعرت بوطأة طوال الوقت، ولعدم استطاعتي تحمله والعيش والارتباط فيه، . شعرت بذاك الشعور الصبياني الساذج، بأنني أصبحت قادراً على امتلاك روحاً بين يداي .

وعلى أعتاب عقد الخمسينات: سالت نفسي وأجبت أن هذا الأصبع الخنصر، ماذا يقال بشان هذا الخنصر الذي كان لسبب آخر غامض، يظل أصغره، انه أصبع الحكمة، وهو الانعكاس لعلاقتنا الداخلية مع الآخرين . أي لسلوكنا الجنسي، وعلاقتنا مع الأقرباء بشكل غامض: انه على كل من تقدم به العمر حتى هذه العينة يجب أن يعلم أن حياته غير سائرة صعداً أو قدماً، فالشمس بعد أن تكون قد أراقا ضياءها سجينة على العالم، عليها أن تقود ليلنا أشعتها حول ذاتها لكي تعنيني هي نفسها، وأنا بالذات، حيث اكتشاف تفاحة الجنس الذي يعقب اكتشاف النار، في المرحلة الطفو ليه التي تسبق المعرفة الجنسية، كما قيل في الأساطير القديمة لتقول لنا أن الالهه وزعت عقابها على البشر وعلى نحو متوازن يقوم على قاعدة ذهبية قوامها عدم الرضي، أو الرضي المفوض، ولذلك نحن معشر الرجال غالبا لا نفكر بما نملك ولكن بما لا نملك وهذا هو منشأ عدم القناعة والشجع والنزعة العدوانية لاكتشاف ملكية جديدة وأنا منهم.