ويسألونك عن التحرش
العزوبية ليست مبررا للتحرش الجنسي
سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر
ما دامت الفتاة قد تعمدت إثارة اهتمامك بكشف مفاتنها قبل الزواج ،فسوف تثير اهتمام غيرك بعد الزواج ، تذكرت هذه المقولة وانا أتابع برنامج عدد خاص الذي يقدمه الزميل د/ عبد اللطيف البوني وزميلته مني أبو زيد، ظهر كل جمعة بفضائية النيل الأزرق السودانية ، وكان موضوع تلك الحلقة التي شاهدتها ،عن التحرش الجنسي ،قلت( ما شاء الله )حلت كل قضايا السودان ولم يتبقي سوي تعريف الناس بفنون التحرش الجنسي (ويسألونك عن التحرش الجنسي!؟) حيث لم يقصر
ميكرفون البرنامج ، فقد تجول في شوارع الخرطوم ،وسأل الشباب من الجنسين عن هذا الموضوع الخطير، وحمدت الله أن أحداهن سألت بدروها حينما سئلت عن الموضوع ( و ما هو التحرش الجنسي؟ )مما يؤكد أن مجتمعنا ما زال بخير لكن زميلنا د/ البوني وزميلتنا مني سامحهما الله وغفر لهما ، يحاولان تعليمنا فنون التحرش الجنسي ، بدليل أنهما قدما فقرة عن التحرش (أبيض وأسود) يعني التحرش أيام زمان، فاستطلعا عددا من الشيوخ، وأدلي كل واحد منهم بدلوه، حول الموضوع وخلاصة ما قالوه ،هو أن التحرش أيام زمان لم يكن مثل التحرش في زماننا هذا يعني( كان أحسن شوية ) فما كان رجال الأمس يتحرشون ببنات الجيران ،أو زميلات العمل أو ذوات الأرحام ،أما اليوم فالتحرش دخل( الحيشان ) بعد أن سدت (النفاجات ) والنفاج لمن لا يعرفه عبارة عن باب صغير كان يؤدي الي البيت الملاصق لبيوت أهل السودان في الزمان الغابر وحتي عهد قريب .
وبعد متابعتي لجزء من تلك الحلقة، رأيت أن الموضوع بالفعل خطير، ويهدد النسيج الاجتماعي لأهل السودان، ولا يقل خطورة عن الانفصال ، فطفقت أبحث حوله ، علي أساهم بإيجاد إجابة لسؤال الزميلين العزيزين، لكن قبل ذلك دعوني أوضح صلتي بمقدمي البرنامج ، حيث تعرفت علي د/ البوني في منتصف الثمانينات بصحيفة السوداني الدولية،لصاحبها الاستاذ محجوب عروة ،كان البوني يأتي الي مباني الصحيفة بالقرب من إستاد الخرطوم، ويسلم مادة للرأي من وقت لآخر، لم يكن فيما اذكر صاحب خط جميل ،ولم يكن مشهورا يومها ،ولا أدري أن كان حرف الدال يسبق أسمه وقتها، ام لا ؟ ولا أحسبه دخل نادي أصحاب الملايين ، كان يزاحمنا في المواصلات ،وكان يأتي الي الخرطوم بكثير من (كتاحة الجزيرة) ذلك أنه يقول دائما أنه مزارع قبل أن يكون أستاذا جامعيا وصحافيا شهيرا، وكاتبا نحريرا واذا كان سر شهرته التي تجاوزت الآفاق اليوم ، نتيجة لكونه يكتب في قضايا الناس وهموم المواطن، بأسلوب محبب للقراء فيها كثير من (الرميات) ويشبه نفسه (كتاباته)بسيجارة (البرنجي )الرخيصة التي يتعاطاها معظم أهل السودان، عكس زميلنا مصطفي البطل الذي يصف البوني كتاباته بأنها مثل السيجارة الكوبية الفاخرة التي لا يقدر علي شرائها الا قلة من الناس ، فأن د/ البوني فيما نعتقد ونظن لم يحقق حتي الان النجاح المطلوب في الشاشة الصغيرة، ذلك انه ليس بالضرورة أن يكون كل صحافي أوكاتب ناجح وموهوب في الصحافة المقروءة ،بالضرورة ناجحا في الاعلام المرئي ،أما زميلتنا مني ابوزيد فعلاقتي بها لا تتجاوز قراءتي لبعض ما تكتبه في الصحف ، فهي صاحبة عبارات جزلي مكثفة قصيرة (سهل ممتنع ) مع كثير من الفلسفة ،وقد تابعتها تتحدث عن نفسها ذات مرة، فعرفت أنها تغربت مثلنا وربما درست القانون، وهو ما ساعدها في أن تبدع في مجال الكتابة ،وليس بالضرورة أن يجيد كل قانوني الكتابة الصحفية ،البوني ومني كلاهما لا يجذبان المشاهد فلا هما يتحدثان في البرنامج بالفصحى أو حتي العامية ، بل يقدمان خليطا يشتت ذهن المشاهد غير السوداني، وربما يحسبان أن بث الفضائية لا يتجاوز الصافية أو الفتيحاب ، كما أنهما لا يحضران للحلقة بشكل جيد ، كعادة معظم مقدمي الفضائيات السودانية ، المهم عندهم جميعا التمرجح فوق الكراسي ، واستعراض أكبر كم من المترادفات ، لإشعار المشاهد بأنهم موسوعيون ، وبالنسبة للبوني ومني تشعر أنهما موفقان في اختيار مواضيع الحلقات ، ولا يتمرحجان، لكن في ذات الوقت تحس أنهما لا يعطيان تلك المواضيع حقها (سلق بيض) نقول ذلك، من فرط حبنا وتقديرنا لهما ،علي المستوي الشخصي، والمهني وليس تبخسا لجهودهما أو حتي غيرة مما حباهما الله من مال، وحب كثير من لناس لهما ،ولن يفسد اختلاف الرأي لودنا لهما قضية .
وبالعودة الي موضوع التحرش الجنسي ،فمن خلال الحلقة شعرت أن الشعب السوداني الموسوم والموصوف بالكسل ينشط في هذا الجانب بشكل يبشر بخير(شر).
التحرش سلوك غير مستسق، وغير محبب ،وغير مرحب به من النوع الجنسي،يتضمن أفعالا من الانتهاكات البسيطة، الي المضايقات الجادة التي من الممكن ان تتضمن تلميحات لفظية، وصولا الي النشاطات الجنسية(يا ساتر ) ويعتبر التحرش الجنسي مشينا ومعيبا بكل المقاييس، وهو شكل من أشكال الإيذاء الجنسي والنفسي ، يقع علي المرأة وقد يقع علي الرجل إن كان مهلهلا ،فمن خلال هذا السلوك المرضي، يتم تحويل تجارب شخصية أو غيرها ،الي سلوك إخضاعي ، والتحرش سلوك جنسي متعمد، أو متكرر يجعل المتعرض له، يشعر بأنه موضع اهتمام جنسي بلا مبرر، وهو محاولة لاستثارة والانثي جنسيا ، والعكس صحيح ، دون قبول أو رضاء منها أو منه ، ويشمل التحرش الجنسي السلوك البدني واللفظي، من( التربيت )( الطرق برفق علي الكتف ) أو ملامسة أجزاء حساسة من جسد المرأة كالصدر مثلا ،أو الفخذين إلخ ، وصولا إلى الاغتصاب، وما شابه ذلك ،من صور الانتهاك الجنسي ،التي تتراوح بين الملاحظات الجارحة ، أو المهينة إلى المطالبة بالمعاشرة الجنسية، دون رضا الطرف الآخر هذه كلها تعريفات للتحرش .
وقد هالني ما سمعت، فقد قال شاب :أن أحداهن عاكسته بعبارات أحمر ت له وجنتيه ،وكانت طريقه حلاقته توحي بأنه (حنكوش) مما جعل الفتاة ربما تعاكسه وتتحرش به ، فان يغازل شابا فتاة بطريقة فجة تفتقر لأبسط قواعد (الاتكيت) فهذا أمر مفهوم دون أن يكون ذلك مقبولا لدينا بالطبع، أما أن تلاحق فتاة أو إمراة رجلا أو شابا فذلك ما يخشي منه علي المجتمع ، وينذر بقرب قيام الساعة ،فعندما تتجرأ إحداهن وتقول لأحدهم :وينك يا عسل ،وينك يا جميل ، إلخ وعندما تقول إحداهن لشاب :
أنت البسمة التي أصبحت دمعة ، الدمعة التي سالت على الخد وجرحت حتى الشفة ،
ففي ذلك تجاوز للحدود الشرعية ، ولأبسط قيم المجتمع وعادات الناس وتقاليدهم ، ويدل ذلك أن تقصيرا ما وقع من والدي الفتاة، وربما من المربين لها في المدرسة .
لقد ظلت قضية التحرش الجنسي في مجتمعنا السوداني قضية محظورة، لعقود من الزمن، حتي تمكن كل من د/ البوني ومني، بفتح ملفه علي مصراعيه ،فاقتربا من هذه المنطقة المحظورة وصورا فيها بإذن صديقنا حسن فضل المولي ، مدير فضائية النيل الأزرق، الذي أري أنه بجلبه لحسناوات السودان الي فضائيته، يكون أكبر محرض علي التحرش الجنسي، هذا اذا غضضنا الطرف عن كلام المراهقين في الشريط أسفل الشاشة ،ولا يحتاج حديثي هذا الي درس عصر، ونعلم أن التحرش الجنسي سببه الأول الوالدان والمربون ، لكن للأعلام خاصة الفضائي أيضا دور كبير بدليل أن أحداهن تكلمت عن الخفة، وعندما سئلت عن التحرش قالت لهم ماذا تقصدون بالتحرش ؟ مما يعني أن التلفزيون والانترنت وغيرها من وسائل الاعلام يمكن أن تعلمنا أشياء لا نعلم عنها شيئا ، نقول ذلك ،دون أن نغفل دور المتحرش والمتحرش به أو بها بالطبع .
لكن ما هو الشئ الذي يجعل شبابنا يلجأ للتحرش الجنسي؟ قد يقول قائل :ربما بسبب عدم تمكنهم من الزواج ، فالدولة لم تيسر لهم السبيل الي ذلك ،فنقول لهؤلاء أين نحن من حديث رسولنا الكريم ،الذي يقول في جانب منه :(ومن لم يستطع فعليه بالصوم فان له وجاءه ) نعم من حق كل فتاة أن تحلم بالزواج، وبناء عش الزوجية ، ومن حق كل فتاة أن تفرح بجمالها، لكن ليس من حقها أن تعرضه في الأسواق وفي الشوارع وقاعات الدرس والمكاتب ، حتي لا يكون رخيصا ومستباحا ،كما أن َ تحقيق الحلم، والتعبير عن الجمال بالطرق المبتذلة، ليس تحدثا بنعمه الله ،إنما تفريط وبيع للشرف ،لذلك يجب أن تكون الفتاة ذكية، وحكيمة، وقادرة على إدراك الوسائل الشرعية التي تحقق بها حلمها، وتحفظ لها كرامتها وحسنها ، والجمال كما تعلم الفتاة ، ليس جمال الثوب والبدن، إنما جمال العلم والأخلاق ، وخروج الفتاة من بيتها بمظهر محتشم، يوصل رسالة لكل من يشاهدها ،أنها فتاة محترمة، متربية ، فيكون لبسها محتشما، وكلامها موزونا بالعقل والحكمة، وحركاتها متزنة،لأن الانطباع الأول عن أي شخصية يتكون نتيجة مظهرها، الذي تخرج به إليهم ، وبعد المظهر تأتي الصفات الأخرى، فمثلا عندما ترتدي مقدمة برامج (استرشات ) تى شيرتات ،تشبه لون جيدها وكفيها ، وتضع من (الماكياج)أطنانا ،فهي بذلك إنما تقول للناظرين (هيت لكم) وكل فتاة تتعمد تحدي القيم المجتمعية ، التي تهدف إلى حفظ كرامتها ، لا شك سوف تدفع ثمنا غاليا لذلك، من شرفها ومن عفتها ومن كرامتها وسمعة أهلها .
قيل أن إمراة في نيويورك رفعت قبل مدة ، دعوى ضد "سيتي غروب" تتهمها فيها بطردها من العمل لأن أرباب عملها وجدوا أن جمالها الأنثوي الشديد يشتت انتباه زملائها الذكور ونقلت صحيفة "نيويورك ديلي نيوز" الأميركية عن ديبراهلي لورنزانا (33 سنة) قولها في دعواها المقدمة أمام المحكمة العليا أنها منعت من ارتداء تنانير وبزات ضيقة أو حتى أحذية بكعوب عالية لأن هذه الملابس تجعل من جسمها(مشتتا جدا) لزملائها. .
وأكدت لورنزانا أنها لم ترتد يوماً ملابس فاضحة وأضافت أنا أحب الموضة ولكنني أرتدي بشكل محترف، لا يمكنني أن أحول دون ظهور تقاسيم جسمي، ولن أفرط في الأكل لأكتسب الوزن لأن وظيفتي تقتضي مني أن أكون بحجم الآخرين".
وقالت محامية المرأة ان المسئولين عنها نقلوها إلى مكتب منعزل بسبب ما تقدمت به من شكاوى بالتحرش الجنسي وطردت بعد شهر واحد من ذلك ،تري كم من فتاة عندنا ترتدي ملابس غير محتشمة وتذهب الي العمل فتقابل العملاء؟ وتدخل علي مديرها وتجالس زميلها دون أن تتحرج من إظهار أنوثتها ؟ وكم من سيدة متزوجة في السودان تخرج الي الشارع ، وتركب المواصلات، وتزاحم الرجال دون أن تغتسل من تلك الروائح النفاذة التي وضعتها لزوجها ليلا ؟ كيف تنسي هذه المرأة أو تلك أنها بفعلها هذا تكون في حكم الزانية ثم تجد ريح الجنة ؟ و اليوم تكبر معاناة المرأة الموظفة ، ، والطالبة والمرأة المتزوجة ، في السودان وغير السودان بسبب ظاهرة " التحرش الجنسي "والتي تتمثل مظاهره بين التحرش اللفظي من إطلاق النكات (كنوع من الخفة ) كما قال بعض من استطلعتهم كاميرا البرنامج ، إضافة الي التعليقات المشينة (الجارحة )والتلميحات الجسدية ، الممتلئة بالشهوة والمثيرة للغرائز ،والإلحاح في طلب لقاء ، أو الحصول علي رقم الهاتف النقال.
في الخليج يتم معظم التحرش في الأسواق الكبري ، حيث يقوم الشاب بفتح جهاز (البلوتوث) أو حتي برمي رقم جواله أمام الفتاة ، بعيدا عن أعين أهلها ، ثم محاولة معرفة مكان السكن أو العمل أو الدراسة الخ ، ثم الحصول علي موعد ثم طرح الأسئلة الجسدية من شاكلة ، هل انت مرتبطة ؟ ثم نظرات موحية إلى الجنس سرعان ما تتصاعد من المتحرش نحو فريسته ،حتى تصل إلى اللمس والتحسس والقرص. وهو يعد من ألوان إهانة المرأة وإذلالها ، إن قبلت به ،وفي الغالب لا تجرؤ كثير من الفتيات والنساء برد الذي يتعرض لها ، ليس حياء لأن الحياء شعبة من شعب الإيمان ،ولا يكون في مثل تلك المواضع ،وإنما خجلا من الفضيحة ، وخوف العار إن تصدت للمتحرش ، وهو من صور الأذى التي حذر الله تعالى من وقوعه على المرأة ،ويقع معظم التحرش عندنا في المواصلات العامة ،عندما تجلس إحداهن بجانب رجل وهي مضمخة بالعطور الباريسية، أو تلك المصنوعة خصيصا للزوج،في مخدعه ، فيجن جنون الرجل المسكين، المتعطش للجنس ، فيبدأ يتمتم بكلمات ، سرعان ما يحدث احتكاك بين الجسدين ،قبل أن تشتعل النيران ،وقد ثارت ثائرة الناس قبل فترة من الزمن ، لمجرد صدور مرسوم خرطومي يخصص عددا من المقاعد للسيدات ، في المركبات العامة ،وربما قاد تلك الثورة المتحرشون جنسيا والآن من جديد ندعو لتخصيص مقاعد لهن رفقا بهن أولا ،و حتي لا تهان كرامتهن ، وقد يصفنا هؤلاء بالمتزمتين والمتشددين، فنقول الأمر برمته لا يتعلق بتشدد أو تزمت إنما محاولة لإبعاد النار عن البنزين ، ولا باس بالفصل في مدارج الكليات ،فاذا كان رسولنا الكريم أمرنا بالتفريق بين الولد والبنت في المضاجع في سن السابعة ، فلماذا نرفض الفصل في سن المراهقة والشباب ؟ وليس معني كلامي هذا أن نركز علي هذه الجوانب، ونترك التوعية وتفقيه الرجال والنساء بكيفية التعامل مع الجنس الاخر، إنما الأخذ بكل الأسباب حتي القانونية منها، وفي اعتقادي أنه ليست هناك نصوص صريحة في القانون الجنائي السوداني، تجرم التحرش الجنسي ،والتحرش الجنسي إن تركناه كانت له آثار بليغة علي نفسية المتحرش به أو بها ،وقد تشعرها بالخوف الذي سيدفعها الي عزلة غير مجيدة، ثم تحس بالذنب ثم تصاب بقلق واكتئاب وتأنيب ضمير دائم ،ثم يلازمها شعور بعدم الاطمئنان لجنس الرجال ، وقد يخلق لها التحرش بجسدها خجلا منه، سوف يظهر لاحقا ، في شكل ضعف اجتماعي وخوف من هذا الجسد،واضطراب في سلوكها العاطفي ،وقد تلجا المرأة الي إغراء الرجل للإقبال نحوها حتي تحس بأنها مرغوبة، ثم بعد ذلك ، تلجا لرفض الرجل ، حينما تشعر أنه يهين كرامتها ،ويبخس قيمتها كامرأة ، وقد تكره تبعا لذلك جسدها والمرأة أيضا مسئولة بشكل مباشر عن التحرش، حينما تقع ضحية للتحرش الجنسي بإرادتها وبأفعالها وسلوكها المشين ولبسها غير المحتشم ، لذلك فان ظاهرة التحرش في مجتمعاتنا العربية بحاجة الي دراسات، وتقديم إحصاءات وإحاطة بأسبابها الاقتصادية والاجتماعية والتربوية، وينبغي علي وسائل الاعلام كافة إثارتها بشكل موضوعي ،دون تأجيجها . وقد جاء في تقرير للجمعية الأمريكية للنساء الجامعيات : أن الطالبات أكثر شعورا بالخجل والغضب والخوف والتشويش ، وأقل ثقة وأكثر شعورا بخيبة الأمل تجاه تجربتهن الجامعية بعد تعرضهن للتحرش الجنسي.
وتقول الطالبات : إنهن يتفادين المتحرش بهن أو أماكن معينة في الحرم الجامعي ، وأنهن يعانين من صعوبات في النوم أو التركيز. كما أن الطالبات أكثر لجوءاً للاستعانة بشخص يقدم لهن الحماية ، أو إلى تغيير مجموعات الأصدقاء ، أو الامتناع عن المشاركة في الفصل ، أو الانسحاب من المساق ، أو التغيب عن نشاط ما. علماً بأنهن نادرا ما يبلغن المسئولين الجامعيين عن تعرضهن للتحرش." وتقول فوزية بوجريو -أستاذة علم نفس بكلية الآداب و العلوم الإنسانية ، قسم علم النفس بجامعة عنابة (عندما لا تكون المرأة المتحرش بها جنسيا راضية بالأمر ، فإن الأمر يصبح مطاردة ،و الإحساس بالمطاردة قد سبب الانهيار العصبي ، خاصة إذا كانت ظروف المرأة لا تسمح لها بمغادرة مكان العمل أو الدراسة ، فإن بقيت تحت الضغط قد تصاب بانهيار، و إذا كان بإمكان المرأة المغادرة أو الهروب فإنها تصبح حذرة في علاقاتها حيث ستظل التجربة السلبية راسخة بذهنها وبداخلها ).
علي كل فإن موضوع التحرش الجنسي موضوع خطير تمنيت لو أفرد البرنامج له أكثر من حلقة واستضاف أكثر من مختص (اجتماعي ، نفسي ، قانوني ،الخ )وتمنيت لو خصصت حلقات لذلك النوع من التحرش الذي يتعرض له الأطفال ومن المهم جدا أن نعيد النظر بأمر التنشئة الاجتماعية داخل أسرنا خصوصا مع طوفان وسائل الاعلام الهابطة والانترنت الذي يقدم لأبنائنا صورا خليعة، ليس هذا فحسب بل أفلام إباحية ،مما يتطلب منا جميعا كاسرة ومسجد وإعلام ومؤسسات تعليم وتربية ومختصون كل في مجاله لدراسة هذا الداء اللعين وتقديم الدواء الشافي .وكثيرا ما تتعرض المرأة للتحرش من مديرها أو زميلها الموظف الأقدم في العمل ،حيث يستغل هؤلاء حاجتها للعمل وضعفها فيتحرشون بها ، فان كانت قوية واجهتهم ، والا فستكون فريسة لنزواتهم .وختاما نقول لكل متحرش ،اتق الله فيمن تتحرش بهن فلك أم ، أخت ، زوجة ، قريبة وسوف تسدد الدين (كما تدين تدان ).وحتي رؤساء الدول لم يسلموا من هذه الآفة فزوجة برلسكوني رئيس وزراء ايطاليا ،صرحت للصحف والمجلات الايطالية ان زوجها المراهق لايترك صبية حسناء الا وقد غمزها بكلمة او إشارة ،ولسنا بحاجة لتذكير القراء بما فعله الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلنتون بمتدربة البيت الأبيض الحسناء مونيكا لوينسكي .لكن في الختام نسأل الله الستر لبناتنا وأولادنا .