ما ضاع حق وراءه مطالب

(الشيخ رائد صلاح أنموذجا)

د. طارق أبو جابر*

[email protected]

كانت المراجعات التي قدمها قبل سنوات على قناة الحوار الفضائية ، المفكر والداعية إلى الله تعالى الأستاذ / عصام العطار المراقب العام السابق للإخوان المسلمين في سورية – حفظه الله ورعاه - مدرسة أكاديمية حافلة بالمواقف والعبر والفكر والأدب والثقافة والمعرفة والأخلاق النبيلة .. إضافة إلى الخبرة والتجربة  لرجل علم من أعلام العصر ، صال وجال وتقلب في المواقع والمراتب وتشرد في الدول ، وأوذي في نفسه وأهله ، والأهم من ذلك كله أنه صبر وتحمل ، وجاءته دعوات عدة ليعود إلى الوطن (معزّزا مكرّما !! ) فأبى أن يعود إلا مع عشرات الآلاف من أبناء وطنه المشردين ، منذ ثلاثين سنة ، الممنوعين من العودة إلى وطنهم ظلما وبغيا وقهرا وصلفا وتجبرا ..

تذكرت هذه المراجعات ، وتذكرت إشارته وذكره لرجل من أهل القدس في إحدى حلقاته التي تحدث فيها عن فلسطين ، وتوصيته بالاعتناء بهذا الرجل ومناصرته وشد أزره .. وهذا الرجل ربما لم يكن يعبأ به ، أوينتبه إلى الدور الذي يقوم به ، والمهمة التي نهد لها ، كثير من الناس .. تذكرت هذا الرجل وأنا أتابع على قناة الجزيرة الفضائية عصر يوم الخميس 10/6/2010م المقابلة مع ناشطة السلام اليهودية السيدة : (تالي فاحيما) ، التي أعلنت إسلامها قبل أيام ، وعندما سئلت السيدة التي نسأل الله تعالى أن يبارك بها ، وينصر بها فلسطين والإسلام ، عندما سئلت عن الذي شدّها إلى الإسلام ، وحملها على اعتناق الدين الحنيف ، أجابت بأنها تأثرت بسلوك هذا الرجل المؤمن المجاهد المناضل المكافح وأخلاقه ، الذي وقف حياته على نصرة أعدل قضية ، ونذر حياته لأسمى غاية ، لا يكلّ ولا يمَلّ ، ولا يريح ولا يستريح ، هو من سجن إلى سجن ، ومن محكمة إسرائيلية جائرة باطلة ، إلى أخرى أشد جورا وبطلانا ،من جبهة إلى أخرى، ومن حملة إلى أخرى .. ومن منبر ومسيرة وتظاهرة واعتصام إلى آخر .. يعلن حق شعبه بأرضه ووطنه ومقدساته ، ما بح صوته وهو ينادي يا مسلمون : القدس في خطر .. الأقصى في خطر .. فلسطين في خطر!! متشبث بأرضه ووطنه فلسطين ، وبمدينته العزيزة الغالية القدس ، يقارع المحتلين المعتدين بمنطق الحق ؛ حق الإنسان في وطنه ، وحق الإنسان في دينه ومقدساته ، مستعينا بالله أولا ، ثم بالغيارى من أبناء وطنه ، وبالأحرار المنصفين من أقطار الأرض .. هذا الرجل وأمثاله من الرجال الذين أخلصوا لدينهم ووطنهم ، بعد الله ، هم الأمل ، وهم الذين باتوا يجسدون المقولة الحقة : ما ضاع حق وراءه مطالب ، وبجهوده وجهود المخلصين من أمثاله ، هاهي قضية فلسطين تعود إلى واجهة القضايا والأحداث ، صلبة حية ، وبدأ العالم يقتنع ، ويعبر عن قناعته ، بأن على الغزاة المحتلين المغتصبين أن يعودوا من حيث أتوا ، وعلى أهل فلسطين أن يعودوا إلى وطنهم المحتل ، وبيوتهم المغتصبة ، وما تصريح (هيلين توماس) عميدة صحفيي البيت الأبيض بكلمة عابرة ، (ولا يضر تراجعها تحت الضغوط القاسية ، فكلمة الحق سبقت ، وطرقت الأسماع )، إنها خلاصة تجربة ، وحصيلة معرفة ومتابعة دقيقة واعية للأحداث على مدى عقود طويلة في البيت الأبيض ، أيقنت من خلالها أن أهل فلسطين لن تنسيهم السنون وطنهم ، مهما طالت ، ولن تثنيهم القوة الغاشمة عن حقهم مهما بلغت وعتت وتجبرت ، ولن ينقصهم التشريد ولا القتل ولا السجون مهما حصدت من أرواحهم البريئة الطاهرة ، فحرائر فلسطين ونساؤها ولاّدات ، وأرضها مباركة ، ورجالها ماضون في طريق الجهاد حتى يأذن الله بالنصر ، وما على الغزاة المعتدين إلا الرحيل من حيث أتوا ، لأنهم لن يهنؤوا في أرض سلبوها ، ولن يأ منوا في وطن اغتصبوه ، مهما شيّدوا من الحصون والأسوار ، مادام أهل الحق ماضون وراء حقهم ، بعزيمة رائد صلاح ، وإيمان رائد صلاح ، وصلابة رائد صلاح ، الذي صار علما على قضية ، وجبهة في المقاومة ، ورمزا في الصمود ، يهتدي به من ينشدون الحق والعدل من المنصفين والأحرار في العالم ، ويلتفون من حوله ، ويؤيدون مطلبه ، ويساندون حقه ، وهو يستحق منا كل النصر والتأييد والدعم والمساندة بكل الوسائل والأسباب ، وما أكثرها أيها الناس ، فنظرة الأستاذ عصام العطار بالرجال ثاقبة لا تخيب ! وهو علامة النصر القريب الذي تلوح بشائره بإذن الله ( ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا ) . نسأل الله أن يحفظه ويبارك بجهوده وجهود إخوانه المجاهدين الصامدين ، ويحقق النصر والفتح القريب على أيديهم المباركة .

              

* كاتب سوري