من المسؤول؟؟
فراس حج محمد
لعل سؤال (من المسؤول؟؟) يثير إجابات كثيرة ؛ فقد أكون أنا المسؤول أو أنت ، بل قل: إن الجميع مسؤول من أصغر واحد فينا إلى الحاكم ورئيس القوم ، وإلا فكيف تفهم حراستك للثغرة التي أنت واقف عليها ، فيجب أن يكون للجميع دور ، ويسأل نفسه ماذا فعلت من أجل فك الحصار ، حتى أننا لا نتذكر هذا الحصار إلا إذا ذكر في نشرات الأخبار ، وأقصى ما نقوله ( الله يعينهم) ، ونمضي لحال سبيلنا دون أن يكون هناك موقف ، حتى عندما نتوجه إلى الله في صلاتنا لا نسأل الله للمسلمين الخلاص من شر السياسات التي يرزحون تحتها.
أيها القارئ الكريم، هل تظن أن دور الإعلام هو أن يذكر الخبر دون أن يكون لهذه المؤسسة الجماهيرية تعبئة الجماهير وتكوين رأي عام ضد الحصار، أيمكن أن يظل الإعلام مدعيا الحياد والموضوعية ، وهي في أغلبها قناع زائف.
ليست هذه هي مهمة الإعلام !!إنها أبعد من ذلك ، فليست المهمة نقل المشاهد المؤثرة من أجل أن نقول إن الحصار على غزة مميت ، إن الإعلام بهذه المشاهد لا شك عندي في أنه يقوم بتوهين العزائم ، ويفت من عضد الناس وقوتها ، فلا بد أن يراجع الإعلام سياسته تجاه قضايا كبرى وكثيرة ، ويكفيه تبعية شرقية وغربية.
أما تلك الأنظمة التي تدعي الحرص على مصلحة الشعب الفلسطيني، وترى أنه شعب مظلوم مقهور ، سواء أكانت عربية أو ما يُعرف بالإسلامية أو دول غربية تتظاهر بالحرية وحقوق الإنسان ، ماذا فعلت هي الأخرى؟ إنها لا تفعل شيئا ولا تريد أن تفعل شيئا.
كيف تفعل لنا هذه الأنظمة شيئا وهي لو اختلفت فيما بينها ، فإنها حتما ستتفق على أن يبقى الجرح نازفا ، فقد التقت مصالح الجميع عند النهل من هذا الجرح الذي يسح وجعا ، فأنظمتنا العربية أو تلك التي تعشش في العالم الإسلامي ومعها سلطتنا المسكينة ، ترى في ألم غزة عزا لها!! بل إن الجميع أضحى يتقن التجارة بعذابات الضحايا ، وأصبحنا مادة شعاراتية لكل من لم يجد شعارا ، ويبدو أن شعاراتهم التي تشع من جراحتنا لا تفقد بريقها وستظل تجارة رابحة !!
ونحن نطبل ونزمر إذا ما ذكر حاكم في شرق الكون وغربه غزة وحصارها وباركنا له ذلك وهو في الحقيقة لم يفعل لنا شيئا ولم يحرك ساكنا ، بل على العكس، هو يعمل في الخفاء على تشديد الحصار وخنق الناس وتجويعهم ، فها هي مصر بعد أن فرجت كربة إسرائيل في فتح معبر رفح لبضع ساعات تتراجع وبشراسة لإغلاق الحدود ، ولا نرى في هذا العمل القومي الرائع!! إلا تفهما لدور مصر في المنطقة فقد وقفت موقفا شجاعا في رد الناس إلى الجحيم !!، والله ما هو بشجاع ، ولولا أن هناك إشارات من البيت الأبيض لغض الطرف عن فتح المعبر لما دخل فلسطيني رفح المصرية أو العريش ، وما استطاع الواحد منهم أن يجتاز قدر ظله في عز الظهيرة!!
أعزائي القراء يا من تصدعت رؤوسكم بأخبار إيران النووية ، ها هي الترسانة النووية الإيرانية والأسلحة المتطورة ، ماذا أفادت الأمة ، والله لا ندري متى ستستخدم ، أم هي معدة فقط للعرض العسكري أم للتباهي أم لإهدار المال العام، إنها على كثرتها بلا فائدة ، فلأمة تدك حصونها في كل حين وتنتهك أعراضها في كل لحظة وتمتهن الكرامة في كل طرفة عين ، و أصبح كل شيء مستباحا من قرآن ونبي ووطن ودم ، والأسلحة أطال الله بقاءها تغط في نوم عميق ، فمتى يا ترى تصحو أم أن فؤادها غير صاح ، علمها عند ربي في كتاب لا يجليها لوقتها إلا هو!!
أما الدول الغربية فحدث ولا حرج ، فكيف تقف مع المحاصرين وهي من يمد الدلوعة إسرائيل بالمال والسلاح والتعاطف الشعبي وتسن القوانين الداخلية لمحاربة اللاسامية ، فكيف لهذه الدول حتى أن تقرص أذن هذه البنت الدلوعة المشاغبة قليلا ، إنك تكتشف أيها الرابض في غزة ، وتظن أن هناك حقوق إنسان تكتشف للأسف أنك واحد من اثنين: إما أنك في نظرهم لست إنسانا ، فهذه الحقوق ليست لك ، وإما أنك حصلت على حقوق أخرى فصلت لك تفصيلا من نوع آخر ، لأنك – يا سبحان الله – من طينة بشرية أخرى ، وكلا الأمرين سوء!!
كيف سيكون الأمر عندما ستبحث قضيتك في أروقة الأمم المتحدة ، وأنت تعلم أنها قطاع أمريكي خاص ، يدير شؤونها البيت الأبيض فهل يعقل أن يتجه مجنون لحل قضيته عند من ساهم في مأساته عدا العاقل ، فهذا أمر لا يرضاه إلا غبي ، مؤصل الغباء هبنقة!! فالأصل أن نربأ بأنفسنا عن مثل هذه الترهات والأوهام ، وأن نحاول قلع أشواكنا بأيدينا ، ونحك جلدنا بأظافرنا ، بالاتجاه نحو العمل المجدي والمفضي للحل ولا حل سواه ، وهو قلب الأوضاع رأسا على عقب ونقول: لا لهيئة الأمم ، ولا للأنظمة الفاشية أو الاستعمارية نعم للعزة والكرامة في ظل وحدة أمة واحدة قال الله تعالى فيها:{ وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون} ، إن الحل مهما طال انتظاره لن يأتي إلا عن طريق الدولة الواحدة ، والأوضاع جد مناسبة فالأمة تغلي ، ولا مشروع سياسي يستطيع أن يلبي طموحها غير هذا المشروع لأنها المفتاح الوحيد للحل ، والعاقل والمتدبر يرى ذلك بعين عقله ومعرفته ، فإلى متى ستظل تحلم بالنصر عن طريق المفاوضات أو تتباشر خيرا برئيس أمريكي جديد يمنحها وعدا جديدا تعيش على ذكراه مدة رئاسية كاملة منتظرة في فلسطين كنتونا يسمى دولة فلسطينية قابلة للحياة ، وهي تعلم أنها تنتظر غائبا ليس له في العقل الأمريكي أي وجود إلا من أجل تخدير الأمة لمصلحته هو
عزيزي القارئ ، لا تتوقع من أحد أن يحل لك قضاياك ، لا سيما أن قضاياك المشتعلة هي المرتع الذي كلما سح دما ازدادت مصالحهم ترعرعا فيكفينا غباء زاد عمره عن الستين عاما!!