وفاء"محمد" سلطان..
وفاء"محمد" سلطان..
شكرا جزيلا ..!
د. صلاح عودة الله- القدس المحتلة
يوم الثلاثاء الرابع من آذار الحالي حدث الزلزال..والسبب هو استضافة د. فيصل القاسم في برنامجه المشهور"الاتجاه المعاكس" الدكتورة وفاء سلطان والمعروفة بعلمانيتها والتي لا حدود لها..نعم لقد تطاولت على الاسلام والمسلمين ونبيهم وشتمت الذات الالهية وهذا الأمر ليس بغريب عليها فهي امرأة تحيض من فمها.وقد ولدت هذه الحلقة امتعاضاً شديدا لدى المسلمين حين تطاولت وفاء سلطان على آيات الله في القرآن ووصفتها بانها سبب ازمة المسلمين وتمسكهم بتراث"بال" عمره 1400 سنة مضت ، وفق زعمها..وقد انتقدت الايات الربانية ووصف الهجمة الاعلامية على رسامي الكاريكاتير والصحف الدنماركية بانها "همجية ومتخلفة" معتبرة ان ايات قرآنية اخطر من ذلك بدعوتها الى قتل غير المسلمين والشهادة والجنة وربط الامر بما حددته بنيل الحور العين العذارى وهو ما استطاعت اسرائيل ان تلبيه للمجاهدين باستشهادهم ..واعتبرت الباحثة وفاء المحرقة الصهيونية "الهولوكوست" حقيقية ولا يجوز التشكيك بها بينما اعتبرت العدوان" الاسرائيلي" الأخيرعلى غزة بانه امر طبيعي جاء كردة فعل على قيام حماس" المتخلفة" باطلاق صواريخها باتجاه"اسرائيل"..!
ان هذا الأمر ليس بالغريب على وفاء سلطان فهي امرأة فعلا تحيض من فمها ومعروفة بالحادها وعلمانيتها ولكن نسيت او تناست المبدأ الذي يقول:تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين, وان التطاول على الرموز الدينية امر لا يجيزه احد عاقل وحتى في الحوار بين البشر لا يجوز شتم من لا يتفق معك في رأيك, فكيف عندما يكون الحديث عن الرموز الدينية حتى وان تنكرها هذه الدكتورة..؟
وفاء سلطان عربية الأصل سورية المولد وتعيش في امريكا, وأما فيصل القاسم فهو سوري المولد انجليزي الثقافة والعلم ودرزي المعتقد.ومن المعروف وحسب الاحصائيات والدراسات الأخيرة فقد كان برنامجه بين الخمسين برنامجا الأكثر مشاهدة في العالم اجمع.
ومما يثير الدهشة والاستغراب ان فيصل القاسم يعتبر شخصا متعلما ومثقفا وبلا حدود ويشهد له بذلك ويعرف وفاء سلطان جيدا, وقد سبق وان استضافها وفي نفس البرنامج في 21 شباط عام 2006 وأبرز ما قالته آنذاك ان العالم يعيش صراعا بين المسلمين الذين ما زالوا يعيشون في القرون الوسطى والغرب الذي يعيش في القرن الحادي والعشرين..وفي ردها على سؤال القاسم:" كي نضع الأمور في نصابها أنتِِ تتحدثين عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.. أنتِ تعلمين بالأمس حكم على المؤرخ الإنجليزي ديفد ارفينغ بالسجن لمدة ثلاث سنوات بمجرد أنه شكك بأرقام الأشخاص الذين قضوا في المحرقة اليهودية، كيف تؤيدين مثل هذا الأمر وفي الغرب يتشدقون بأن الاعتداء على أقدس المقدسات الإسلامية هو نوع من حرية التعبير بالله عليكِ هل هناك نفاق أكبر من هذا النفاق"؟وأجابت: احترام الآخرين لك استحقاق تكسبه بعرق جبينك وليس منة يتصدقون بها عليك، اليهود خرجوا من مأساة فرضوا احترامهم على العالم بعلمهم لا بإرهابهم، بعملهم لا بزعيقهم، البشرية مدينة بمعظم اكتشافات وعلوم القرن التاسع عشر والقرن العشرين لعلماء اليهود، خمسة عشر مليون مشرد في العالم جمعوا شملهم ووصلوا إلى حقوقهم بالعمل والعلم، لم نر يهوديا واحدا يفجر نفسه داخل مطعم ألماني، لم نر يهوديا واحد يهدم كنيسة لم نر يهوديا واحد يحتج على ذلك بقتل الناس، حوَّل المسلمين ثلاثة تماثيل للإله بوذا إلى حطام لم نر بوذيا واحد يحرق مسجدا أو يقتل مسلما أو يحرق كنيسة أو يحرق سفارة ولكن وحدهم المسلمين يدافعون عن معتقداتهم بحرق الكنائس وقتل الناس وهدم السفارات، هذه الطريقة لن تؤدى بهم إلى نتيجة، على المسلمين أن يسألوا أنفسهم ماذا يستطيعون أن يقدموا للبشرية قبل أن يطالبوا تلك البشرية باحترامهم؟
ما قام به الفنان الدانمركي قد يكون أمرا غير مقبول لأن المساس بالمقدسات أمر غير مقبول ولكن حرية التعبير والنقد هي أقدس تلك المقدسات، الفنان الدانمركي لم يعبر عن سلطته الدينية وسلطته السياسية وإنما عبر عن نفسه، المسلم يصعب عليه أن يفهم تلك الحقيقة لأن الإسلام كدولة ودين لا يسمح له بأن يتجاوز حدود ذلك الدين وتلك الدولة رأى الفرد في المجتمع الإسلامي هو رأي الجماعة ولذلك لا يستطيع أن يحلق بفكره خارج الحدود التي رسمته لها تلك الجماعة، في الغرب الوضع يختلف تماما يحق للشخص أن يعبر عن رأيه بمعزل عن رأي سلطته الدينية وسلطته السياسية، هذه النقطة على المسلمين أن يفهموها تماما، عندما يحرق سفارة هم لا ينتقمون من الفنان وإنما ينتقمون من الدولة التي لا يمثلها هذا الفنان ولكنهم عاجزون عن فهم تلك الحقيقة لأنهم لا يمارسون تلك الحرية.
ان من تصدى لوفاء سلطان هو العلامة المصري ابراهيم الخولي ومع انه حاول ان يرد عليها بقوة الا انه اخفق حينما قال:"المسلمين متخلفين علميا و تكنلوجيا و لكن ليس انسانيا"..انه امرمضحك هذا التضاد حقا , ما فائدة التقدم الانساني بلا علم , الايمان بالمعتقد و المقدسات, و المشاعر الفياضة لا تبني حضارات و لا حتى التغني بما قام به المسلمون قبل الاف السنين يجدي نفعا , ما يجدي حقا هو مواكبة الحاضر الذي يضج بالتقدم , و ليس الاعتراف بالتخلف العلمي و التكنولوجي , كما فعل الشيخ ابراهيم الخولي وكأن التخلف مفخرة..!فهل قامت وفاء بانتقاد قناعات وراثية لدى بعض شيوخنا وعلمائنا الأفاضل..؟
والسؤال الذي يطرح نفسه,لماذا قام القاسم باستضافتها مرة اخرى؟هل اراد ان يثير مشاعر المسلمين؟ والجواب كل ما اراده القاسم هو ان تزداد شهرته ..وكذلك الأمر بالنسبة لوفاء سلطان..فبعد الضجة العنيفة وردود الفعل القاسية ستزداد شهرة هذه الدكتورة وسيعرفها من كان يجهلها حتى اليوم, ولا استغرب بأنها ستدعى الى الكثير من الدول الغربية وبذلك ستحقق نجاحا منقطع النظير سواء كان معنويا او ماديا ..ومن حقق لها ذلك هو نحن بل اعلامنا المتخلف والتبعي..!
ان وفاء سلطان ومضيفها فيصل القاسم يعرفان تمام المعرفة ان ردود الفعل والضجة التي حدثت ردا على اقوالها ما هي الا "جعجة" قد تستمر بضعة ايام وانها زوبعة في فنجان ليس الا..!
لو قمنا باهمال الرسام الدنماركي لظل الأمر في بلاده, ولكن بعد ان ثرنا ضده ازداد عدد الصحف التي نشرت الصور المسيئة الى النبي العربي الى 17 صحيفة, والانكى من ذلك ان هذا الأمر بدأ ينتشر كالسرطان الى دول غربية اخرى..فهل ستكون جعجتنا اكبر لينتشر في كافة بقاع المعمورة وهذا هو هدفهم..فهم يتصرفون بعقلهم وحكمتهم اما نحن فنتصرف بمشاعرنا والتي هي عبارة عن كتلة ثلجية سرعان ما تذوب..!
لن نتعلم من اخطاء الماضي, وهناك الأمثلة الكثيرة اذكر منها اثنين على سبيل المثال لا الحصر:
في عام 1989 اصدر الكاتب سلمان رشدي البريطاني الجنسي والهندي الأصل كتابه المشهور"آيات شيطانية" وفي نفس العام اصدر الامام الخميني فتواه بإهدار دم سلمان رشدي بعد نشره لهذا الكتاب والذي أثار ضجة واسعة في العالم الإسلامي، بعد ما اعُتبرت إهانة لشخص الرسول. ورصدت إيران جائزة قدرها مليون دولار لمن يقتل رشدي تنفيذا لفتوى الزعيم الايراني الراحل آية الله الخميني.هذا الكتاب لم يسمع به أحد حتى أهدر الخميني دم كاتبه.. لكن الكاتب ما يزال حياً.... وأصبحت عظام الخميني رفاتاًً... فماذا استفدنا من إيران ومن إهدار دم الكاتب.. في الواقع فإن العملية الوهمية التي تقوم بها إيران تقصد الترويج للكتاب.. هل عجزت إيران طوال عشرين سنة عن الوصول إلى الكاتب لقتله بينما وصلت إلى أمور أشنع من هذا في العراق ولبنان... هذه الماكنة الدعائية الإيرانية هدفها تدمير ثقة الشعوب العربية بنفسها..! والنتيجة هي ان مبيعات هذا الكتاب ازدادت ازديادا منقطع النظير واصبح رشدي مليونيرا وتزوج وطلق اربعة نساء..! ويذكر ان الملكة البريطانية اليزابيث الثانية منحت رشدي لقب "فارس" في شهر حزيران عام 2007، في إطار منحها سنويا اوسمة الى مجموعة من الشخصيات، تقديرا لانجازاته في المجال الأدبي..وهذه ضربة غربية اخرى لنا كعرب ومسلمين..!
وأما المثال الثاني فهو رواية "وليمة لأعشاب البحر" للكاتب السوري حيدر حيدر, وقد صدرت الطبعة الاولى من تلك الرواية في بيروت عام 1982 ولم تثر اي ضجةفي وقتها وان دل ذلك فانه يدل على ان المجتمع لا يقرأ..!ولكن الضجة بدأت حول الرواية عندما قامت وزارة الثقافة المصرية باعادة طبعها من جديد..عندها قام الدكتور محمد عباس بكتابة مقال في صحيفة الشعب يفضح فيه تلك الرواية لما تحتويه من مساس بالمقدسات الدينية والتعدي على الذات الالهية.وتدور أحداث الرواية حول مثقفين عراقيين يساريين غادرا بلادهما هربا من" بطش" الرئيس العراقي الراحل صدام حسين أواخر السبعينيات من القرن الماضي.ويحمّل هاذان المثقفان الأنظمة الديكتاتورية والحركات المحافظة مسؤولية القهر السياسي الذي يعاني منه العالم العربي.
وبعد نشر مقال محمد عباس ثارت ضجة كبيرة حول الرواية وخرجت مظاهرة ادت الى احداث دامية بين المتظاهرين والشرطة وكانوا المتظاهرين يطالبون بسحب تلك الرواية من الاسواق..والنتيجة ان مبيعات هذه الرواية ازدادت ايضا وبدأ الناس يبحثون عنها ويدفعون اثمانا باهظة للحصول عليها..!والسؤال هو لماذا قامت وزارة الثقافة المصرية باعادة طبع هذه الرواية مع علمها السابق لما تحويه من اهانات الى الدين الاسلامي ونبيه وكذلك الذات الالهية؟ وفي نفس الوقت يقمع النظام الحاكم كل من يقول له لا..فنحن امة كتب عليها ان تقول دائما "نعم" ولا وجود لكلمة "لا" في قاموسها..!
عندما انطلقت قناة الجزيرة الفضائية قبل ما يزيد على عشرة اعوام تنفسنا الصعداء ولسان حالنا يقول,ان اعلامنا العربي قفز قفزة نوعية وها هو يخرج من اعلام التبعية الغربية والتبعية السلطوية ليصبح اعلاما حرا..فهل بدأت توقعاتنا واحلامنا تسير في مهب الريح..؟
وفي الختام انني اريد القول بأنني اتفق مع بعض اقوال وفاء وأنا من دعاة العلمانية وفصل الدين عن الدولة ولكن الاساءة وشتم الرموز الدينية أمر ارفضه.. اتوجه بعظيم شكري وامتناني الى الدكتورة وفاء سلطان والتي فضحت عهر اعلامنا..واشكر كذلك قناة الجزيرة الفضائية ممثلة بالدكتور القاسم والذين اوصلوا لنا الرسالة..الرسالة التي تقول بأننا امة تعرف "الجعجعة" فقط..امة هدمت كل القلاع امامها وهي تقف عاجزة بل مشلولة مبررة ذلك بحالة الاضطهاد التي تعيشها..وهل نحن امة لا تقرأ وان قرأت لا تفهم وان فهمت لا تطبق..كما قال "موشي ديان" احد الزعماء الصهاينة؟..ان مصطلح الاسلام السياسي والذي بدا بالظهور في العقد الأخير هو سبب مشاكلنا, فلا يعقل ان يرتكب المسلمون الجرائم والتفجيرات في بلاد الغرب والعرب تحت ذريعة زائفة وهي ان هذه الأمور من تعاليم الاسلام, علينا اعطاء الغرب صورة الاسلام الحقيقية وان الاسلام ضد الارهاب..نتحارب ونتقاتل بيننا كمسلمين وعرب(حماس وفتح افضل مثال) ، وأبناء العقيدة الواحدة, وإستعداء غير المسلمين على السمحة وعلى إحترام مشاعرنا بان نقدم الإسلام كما هو وكما أُنزل على خير البرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وان لا ندفن رؤسنا في الرمال.. نعم نحن نغضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرضى حتى ان يذكر اسمه دون الصلاة عليه, ونعلم جيدا ان الله سينصره كما وعد بذلك في محكم تنزيله وكما نصره عندما بدأ دعوته بأضعف خلق الله النساء والأطفال وعبيد وإماء مكة ودانت له كل ممالك الدنيا وعم الإسلام كل أرجاء المعمورة.. علينا ان نعطي العالم صورة أجمل وأعمق عن الإسلام ودعونا نفكر بطريقة علمية وعميقة وان نترك الصراخ والعويل..فمتى الصحوة يا أمة المليار؟