تحريض ألماني على الإساءة للرسول
تحريض ألماني على الإساءة للرسول
د. ياسر سعد
دخلت مسألة الإساءة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم بعدا جديدا بدخول وزير الداخلية الألماني فولفغانغ شويبل على الخط, وذلك بدعوته كل الصحف الأوروبية إلى نشر الرسوم الكاريكاتورية الهازئة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، على غرار الصحافة الدنمركية, وذلك دفاعا عن حرية الصحافة. جاءت تصريحات الوزير الألماني قال في تصريحات لمجلة دي تسايت (الوقت) الألمانية: انه في الواقع, على كل الصحف الأوروبية أن تنشر تلك الرسوم الكاريكاتورية مع هذا التوضيح, نعتبر أنها تثير الشفقة, لكن اللجوء إلى العنف ردا على ممارسة حرية الصحافة ليس مبررا. وأعرب الوزير الألماني عن احترامه لقرار الصحافة الدنمركية, والذي يظهر أن الصحف رفضت الانجرار إلى الانقسام.
وسبق لرئيس الوزراء الدنمركي اندرس فوغ راسموسن أن دافع بدوره عن وسائل الإعلام في بلاده التي أعادت نشر الرسوم الكاريكاتورية، مؤكدا أن الهدف لم يكن الإساءة إلى المسلمين. وقال راسموسن في مؤتمر صحافي عقده يوم الثلاثاء, من المهم الإيضاح أن إعادة نشر وسائل الإعلام لهذه الرسوم لم تهدف إلى جرح المشاعر الدينية لدى الناس, لكن في الأنظمة الديمقراطية حيث الصحافة حرة, من الطبيعي أن يتمكن الناس من التعبير عن رأيهم.
مسألة حرية الرأي والتي يتمترس خلفها راسموسن تسقط وتتهاوى حين نستذكر الملاحقة والمحاكمات والتي تعرض لها مفكرون ومؤرخون أوربيون بمجرد أن يطرحوا تساؤلات علمية عن الهولوكست وأرقامه وحقائقه. تهمة العداء للسامية تلاحق من يتجرأ ويطرح علامات استفهام عن أحداث تاريخية وأحيانا عن وقائع سياسية. بريطانيا الدولة العريقة ديمقراطيا منعت الشيخ يوسف القرضاوي من دخول أراضيها لإصداره فتوى منذ سنوات تدفع بحق الشعب الفلسطيني والرازح تحت احتلال قاس, بالدفاع عن نفسه والسعي لتحرير بلاده ومقدساته.
من جهة أخرى، أثار حزب الشعب الدنمركي اليميني المتطرف جدلا سياسيا في الدانمرك حول احتمال أن تشغل امرأة محجبة, وهي الدنمركية فلسطينية الأصل أسماء عبد الحميد, مقعداً في البرلمان الدنمركي, وكانت أسماء وهي بديلة أحد النواب أعلنت أنها تنوي الدخول محجبة إلى البرلمان إذا حلت محل النائب. رئيس الوزراء الدنمركي اندرس فوغ راسموسن أدلى بدلوه في مؤتمره صحافي حول هذه القضية بقوله من الأفضل بالنسبة إلى المجتمع الدنمركي أن تكون الأماكن العامة خالية من الرموز الدينية، في إشارة إلى رفضه الشخصي الحجاب في البرلمان. مواقف راسموس تعبر وبشكل صارخ وفي وقت واحد عن تناقض صارخ في مفهوم الديمقراطية, فهي مقدسة وصلبة في حالة إيذاء المسلمين وانتهاك مقدساتهم, غير أنها مهتزة ومترددة في حالة الدفاع عن حقوقهم واختياراتهم الشخصية.
وإذا كان رئيس الوزراء الدانمركي يحاول الظهور بموقف المحايد من مسألة انتهاك مقدسات المسلمين, فإن وزير الداخلية الألماني فولفغانغ شويبل ذهب أبعد من ذلك بتحريضه الصحف الأوربية للدخول في هذه اللعبة القذرة. فهل يرغب الوزير الألماني باستفزاز بعض مسلمي بلاده للقيام بإعمال شغب كتلك التي حصلت في الدانمرك؟ وماذا سيجني المجتمع الألماني والأوربي ومن المستفيد من كل ذلك؟
الصمت الرسمي العربي والإسلامي في هذه القضية لم يعد ممكنا ولا مقبولا!! ألمانية دولة كبيرة ولها مصالح تجارية واسعة مع العالمين العربي والإسلامي, وينبغي أن تشعر أن تحريض وزير في حكومتها على الاستهزاء بالمقدسات الإسلامية سيكون له تأثير سلبي على مصالحها في البلاد الإسلامية. إيران تكاد تكون الدول الإسلامية الوحيدة والتي يرتفع إعلاميا صوتها احتجاجا على القضايا التي يتم فيها الاستهزاء بالمقدسات الإسلامية, مما يعطيها بعدا قياديا في العالم الإسلامي ينفعها في حملاتها التشيعية المحمومة في العالم الإسلامي ويساعدها على التغطية على أدوارها السلبية في العراق.
عدم تحرك الحكومات العربية في هذه المسألة وما يشابهها سيقدم خدمة مجانية وكبيرة لتيارات العنف والمواجهة. فقد تقوم بعض الجماعات والتي تتبنى العنف بردات فعل غير مدروسة بل وسلبية سياسيا ومرفوضة دينيا, وترجعها إلى رغبتها العارمة في الذود والدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم. مما يكسبها تعاطفا وشعبية عند قطاعات من الشباب المندفع والمتحمس والذي سيشعر أن الحكومات العربية خذلته في مسألة نصرة نبيه صلى الله وعليه والسلام والدفاع عنه.