التعدد
موجود في الأمم القديمة
محمد الرمادي
فينا - النمسا
نشر في الحادي عشر من أبريل 2010 الجزء الأول من " دفتر أحوال المرأة " تحت عنوان " الرابعة منهن ..خائنة " وهذا هو الجزء الثاني منه ... وملف علاقة المرأة مع الرجل من أعقد ملفات البشرية وأكثرها سخونة وجدلا ، والخوض في هذه القضية سيجر على الكاتب الكثير من المتاعب لعدم وجود توافق في العديد من مسائلها وتباين في وجهات النظر وتراجع عن العديد من الأحكام في السابق، والباحث ينبغي عليه بل يجب أن يتجرد من هواه وميوله وقناعاته الخاصة وأن يظل محايداً حتى آخر قطرة من مداد بحثه ...
شاع في المجتمعات البشرية ومن قديم التاريخ نظام تعدد الزوجات لدى قسم من الرجال في المجتمع، ولم يكن ذلك حالة عامة في أي مجتمع من المجتمعات، بحيث يتزوج كل رجل أكثر من زوجة، وإنما كان يحصل أن يتزوج بعض من الرجال عدداً من النساء، وغالباً ما كان أولئك الرجال الذين تتعدد زوجاتهم من طبقة الحاكمين، أو الأثرياء والنافذين. فالثابت تاريخياًً أن تعدد الزوجات ظاهرة عرفتها البشرية منذ أقدم العصور، فالأمم القديمة كلها تقريباً تبيح التعدد، فتجده عند الاثينيين والصينيين والهنود والبابليين والآشوريين، والمصريين، ولم يكن للزواج عند أكثر الأمم حد محدود، ومن أشهر الشعوب التي أخذت بنظام تعدد الزوجات في العصور القديمة: العبريون، والعرب في الجاهلية، والصقالبة أو السلافيون (روسيا، ليتوانيا، ليتونيا، استونيا، بولونيا، تشيكوسلوفاكيا و يوغوسلافيا السابقة). وبعض الشعوب الجرمانية، وبعض الشعوب السكسونية، والتي ينتمي اليها معظم أهل البلاد المسماة حاليا (ألمانيا، النمسا، سويسرا، بلجيكا، هولندا، الدانمارك، السويد، النرويج، انجلترا). وما يزال هذا النظام حتى الآن منتشرا عند عدة شعوب لا تدين بالإسلام، كافريقيا والهند والصين (برلمان الأخيرة أصدر قانونا يمنع التعدد منذ سنوات قليلة). وكان معمولاً به لدى اليهود والإيرانيين في عهد الساسانيين، ولدى شعوب أخرى. وقد سمحت شريعة "ليكي" الصينية بتعدد الزوجات الى مائة وثلاثين امرأة، وكان عند أحد أباطرة الصين نحو من ثلاثين ألف امرأة!. ، وقد أباحت اليهودية تعدد الزوجات ولم يرد في المسيحية نص يمنعه .
إذن التعدد نظام يباح بمقتضاه أن يكون في عصمة الرجل أكثر من زوجة واحدة. وقد أخذ بهذا النظام الكثير من المجتمعات الإنسانية في مختلف العصور. وما يزال مطبقاً لدى الكثير منها في عصرنا الحالي .
وعن تعدد الزوجات يقول ديورانت في كتابه القيم قصة الحضارة: " ولا شك أن تعدد الزوجات لاءم حاجة المجتمع البدائي في ذلك الصدد أتم ملاءمة، لأن النساء فيه يزدن عدداً على الرجال؛ وقد كان لتعدد الزوجات فضلٌ في تحسين النسل أعظم من فضل الزواج من واحدة الذي نأخذ به اليوم لأنه بينما نرى أقدر الرجال وأحكمهم في العصر الحديث هم الذين يتأخر بهم الزواج عن سواهم، وهم الذين لا ينسلون إلا أقل عدد من الأبناء ترى العكس في تعدد الزوجات الذي يتيح لاقٌدر الرجال أن يظفروا - على الأرجح - بخير النساء، أن ينسلوا أكثر الأبناء، ولهذا استطاع تعدد الزوجات أن يطول بقاؤه بين الشعوب الفطرية كلها تقريباً، بل بين معظم جماعات الإنسان المتحضر، ولم يبدأ في الزوال في بلاد الشرق إلا في عصرنا الحاضر."
صفحة من دفتر أحوال المرأة
يتبع...
القادم التعدد عن الصينيين ...