حقوق الإنسان الفلسطيني وجرائم الحرب
حقوق الإنسان الفلسطيني وجرائم الحرب
جميل السلحوت
التقرير الاسرائيلي الذي يعترف بان 25% من الجنود الاسرائييليين في الاراضي الفلسطينية قد انتهكوا حقوق اتلفلسطينيين على الحواجز العسكرية التي تزيد على الخمسمائة حاجز في الضفة الغربية ، او انهم شاهدوا هذه الانتهاكات ، جاء كمسايرة للمنظمات الانسانية المدافعة عن حقوق الانسان والتي ترصد انتهاكات الاحتلال لحقوق الانسان الفلسطيني ، ولاتفاقات جنيف الربعة بخصوص الاراضي التي تقع تحت الاحتلال العسكري ، وفي مقدمها منظمة " بتسليم " الاسرائيلية، وهو في الوقت نفسه لم يذكر الا النزر اليسير مما يجري على ارض الواقع من انتهاكات خطيرة تصل الى درجة جرائم الحرب .
واذا ما اعتبرنا ان هذا الاعتراف يصلح بان يكون من باب " من فمك ادينك " الا ان المرء يتساءل عن حقوق المواطن الفلسطيني الانسانية ، وعن المسّ بكرامته خارج الحواجز ، وللتذكير فقط فان نساءا فلسطينيات كثيرات أنجبن على الحواجز العسكرية، بعد ان منعهن الجنود من الوصول الى المستشفيات، مما هدد حياتهن وحياة أطفالهن، عدا عن المس الفاضح بإنسانيتهن ، وكثير من المرضى ماتوا على الحواجز ايضا لعدم السماح لهم بالوصول الى المستشفيات ، كما ان اناسا من مختلف الاعمار بمن فيهم الاطفال والنساء والشيوخ اجبروا على الوقوف امام الحواجز العسكرية لساعات طويلة في البرد القارس شتاء ، او الحر القائظ صيفا . وعشرات آلاف الطلبة في مختلف مراحل الدراسة بما فيها الجامعية اضاعوا اياما دراسية كثيرة لعدم سماح الجنود لهم للوصول الى دور العلم ، وكذلك الأمر بالنسبة للموظفين والعمال والمزارعين . كما ان جنود الاحتلال كانوا يجبرون الرجال على رفع ملابسهم للكشف عن بطونهم ، وبعض الشباب كان يجبر وتحخت تهديد السلاح على التعري الكامل عند الحواجز . والنساء كن يتعرضن الى اهانات كثيرة في التفتيش على الحواجز ، كما ان المنتوجات الزراعية كانت تمنع من المرور عبر الحواجز للوصول الى الاسوق ... وغيرها كثير
لكن السؤال يبقى عن الجرائم التي ترتكب خارج الحواجز ، فلا حرمة لبيوت الفلسطينيين ولدور العلم ، ولدور العبادة ، والأمن الشخصي والجماعي مفقود في كل مكان ، حيث ان اي مكان معرض للاقتحام في ايّ لحظة ، وكيف يبرر المحتلون قتل اكثر من الف طفل فلسطيني منذ العام 2000 وحتى الان؟ فهل كان هؤلاء محاربين ؟؟ عدا عن جرائم المستوطنين التي تتفاوت بين قتل البشر وتجريف الاراضي الزراعية واقتحام البيوت وغيرها ،وهل الحصار والتجويع والترويع خرق لحقوق الانسان أم لا؟.
وواضح لمن يعيش في الاراضي الفلسطينية المحتلة ان الجيش الاسرائيلي والاذرع الامنية الاسرائيلية نظاميون، ويتقيدون بأوامر رؤسائهم، فليس بالأمر الصعب ان يشاهد المواطنون دورية عسكرية ، او جنودا على الحاجز يتصرفون بشكل لائق ، بعض يوم او بضعة ايام ، ثم لا يلبثون ان يتحولوا الى وحوش كاسرة غير منضبطة وتسوم من يلتقونه سوء العذاب والاهانة .
وبالتأكيد فأن المؤسسة الاسرائيلية الرسمية تتحمل مسؤولية تصرفات جنودها ، وتتحمل مسؤولية الجرائم التي يرتكبونها . والكل يذكر كيف ان لجان التحقيق الاسرائيلية التي تشكلت مئات المرات للتحقيق في بعض جرائم قتل المدنيين بمن فيهم الاطفال، كيف كانت تخرج بتقارير تفيد بأن الجنود " تصرفوا حسب القانون " او ان الجنود "اطلقوا النار التحديرية في الهواء او على الأرجل" ، مع ان الاصابات كانت في الرأس والصدر ، وكأن الفلسطينيين يطيرون في الهواء ، او يمشون على رؤوسهم .
واذا كانت منظمات حقوق الانسان بما فيها " هيومن رايتش وتش " الامريكية تنشر تقاريرها السنوية عن الفظائع والجرائم التي يرتبكها المحتلون الاسرائيليون في الاراضي العربية المحتلة ، الا ان هذه التقارير لا تلقى العناية الكافية ممن يتشدقون بحقوق الانسان ، كما انها لا تلفت انتباه الدول ذات التأثير في الصراع العربي الاسرائيلي ، وكأن الفلسطينيين ليسوا بشرا .
فهل تتنادي الجامعة العربية للقيام بحملة دبلوماسية واسعة النطاق لتعرية هذه الجرائم ، وتعرية المسؤولين عنها ، والعمل على ايقافها ؟.