الأسرى الفلسطينيون
بين سندان الاحتلال ومطرقة النسيان العربي
إبراهيم شكارنه
الأسرى لا يزالون هناك ... في زنازينهم ..... يواجهون صلف السجان وحدهم .... بأمعائهم الخاوية ... وصدورهم العارية ... وإرادتهم التي تكسرت على صخرتها كل محاولات السجان للنيل منهم ....
لا أريد أن أتحدث عن أعدادهم .... فهم يتجاوزون السبعة آلاف
ولا أريد أن أتحدث عن انتماءاتهم ..... فهم يشكلون كل ألوان الطيف الفلسطيني
ولا أريد أن أتحدث عن أعمارهم ....... فهم من كل الفئات العمرية
اليوم سنتحدث عن ألمهم ..... عن جرحهم ..... عن معاناتهم التي تزداد كل يوم ...
حيث أنه في ظل ما تشهده الساحة من انهيار للنظام الرسمي العربي ...... والذي ظهر جلياً في قمة سرت ..... وانعكاسات ذلك على الساحة الفلسطينية ..... من تراجع فرص المصالحة الفلسطينية ...... وبالتالي بقاء الانقسام ...... والذي أدى إلى تشتت الموقف الفلسطيني الرسمي ..... وتراجع الموقف الشعبي .... نتيجة الوضع الأمني القائم في الضفة الغربية .... وتعثر صفقة شاليط نتيجة الوضع السياسي المعقد في المنطقة ... وتعنت نتنياهو في التنفيذ .....بعد أن وصلت الى مرحلة متقدمة ....
هذه العوامل وغيرها، جعلت الاحتلال يستثمر الفرصة .... حيث بعد القدس وتسارع تهويدها .... وبناء الكُنُس حول المسجد الأقصى...... وتسارع الاستيطان ..... بدأ الاحتلال يزيد من تضييقه وحربه الشعواء على أسرانا في سجونه ...... حيث وصل الى حد تفتيش نساء الأسرى في بعض السجون تفتيشاً عارياً ..... الأمر الذي رفضه الأسرى وذويهم رفضاً قاطعاً .....وبدأوا بمواجهة مع السجان نتيجة هذا الأمر الخطير .....
لقد زادت مصلحة السجون من التضييق على الأسرى بشكل متسارع بعد إضراب 2004م .... والذي فشل بفعل الضغط الذي ساهمت فيه شخصيات فلسطينية رسمية في حينه ......ضمن رؤية التسوية..... فقامت إدارة السجون الصهيونية بسحب معظم الانجازات التي حققها الأسرى على مدى عقود من الزمن ... والتي تراكمت بفعل الأسرى من إضرابات عن الطعام ... وشهداء وعذابات ومعاناة ومواجهات مع السجان ...
منذ ذلك الحين والاحتلالزاد من تشديد وطأته على الأسرى في كل الميادين .... وحتى يومنا هذا.....الأمر الذي يخالف كل الاتفاقات الدولية ... وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة.... حيث المنع من التعليم إلا بقيود وفي الجامعات العبرية فقط وبتكاليف باهظه .... والحرمان من الكثير من الحقوق .... والتفتيشات الليلية المهينة والمرعبة ..... والتفتيشات العارية أمام السجانين .....والمنع من الزيارات ..... وتغريم الأسرى بمبالغ مالية تدفع لمصلحة السجون .... وحرمانهم من الزيارات لأتفه الأسباب .... وكثرة التنقلات للأسرى حتى لا يستقر الأسير في سجن ... ومهاجمة الأسرى في كثير من الأحيان من قبل قوات متخصصة في قمع الأسرى ..... واستخدام الكلاب البوليسية في ذلك .......وغيرها من أشكال القمع والتضييق التي تمارس يومياً في حقهم ... ناهيك عن الممارسات التي تجري أثناء فترة التحقيق . ....
إن قضية الأسرى تمر اليوم في أخطر مراحلها ..... حيث طواها النسيان في الخطاب الرسمي العربي ..... ولا مستمع لشكواهم ..... وليس هناك أدنى ذكر لمعاناتهم .. ومعاناة أسرهم لا في الاعلام الرسمي العربي ... ولا في المواقف السياسية .... ولا حتى في القمم العربية الدورية والاستثنائية كبند أساسي على طاولة البحث ....وكأن معاناة أكثر من سبعة آلاف أسرة فلسطينية لا تعني أحد .... بينما أقام الاحتلال الدنيا ولم يقعدها من أجل جندي واحد أسر في ساحة المعركة .... وجند لذلك الاعلام والسياسة والاقتصاد ..... وأصبح شاليط الاسم الأشهر في العالم ......
بينما الآف لا بواكي لهم ......
وحتى نخطو خطوات عملية .... نقدم فيها للأسرى وقضيتهم شيئاً ...... لا بد من عمل التالي :
1. عمل حملات إعلامية موجهة .... قصيرة الأمد وطويلة الأمد ..... تستهدف الغرب شعبياً ورسمياً ومنظمات المجتمع المدني .... وكذلك العالم العربي بكل مستوياته.....من خلال الإعلام بكل أشكاله المقروء والمسموع والمرئي .... وابتكار وسائل ابداعية نوعية في خطاب الآخر ..... وهناك من الاحصاءات والقصص والمواقف التي تشكل مادة خصبة للخطاب........
2. حشد المؤسسات القانونية والمحامين ومؤسسات المجتمع المدني لبحث الموضوع القانوني لوضع الأسرى والتوجه الى المحاكم الدولية ..... لأن وضع الاسرى يخالف الاتفاقيات الدولية ... وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة ..... ولا بد من حشد المنظمات الدولية لذلك .
3. لا بد من الحضور السياسي لقضية الأسرى ..... كورقة أساسية وهامة في الخطاب الرسمي الفلسطيني والعربي .... مع وضع آليات لتحريك القضية في المحافل الدولية واللقاءات الرسمية..... حتى تصبح أمراً واقعاً يفرض نفسه ..... وهذا من شأنه أن يرفع الحرج عن النظام الرسمي العربي أمام شعوبهم وأمتهم ..... وكذلك أمام راعي عملية التسوية ... حيث يظهر الاحتلال بوجهه الذي لا يخفيه ... من خلال إظهار حجم المشكلة قانونياً وإنسانياً وشعبياً .
4. تجاوز الخلافات التي نجمت عن التدخل الخارجي في الساحة الفلسطينية .... وحشد كل الجهود ومن الجميع في غزة والضفة لوضع الآليات والأسس لتطبيق الخطوات السابقة وغيرها ....مع تكثيف الحشد الشعبي والرسمي ومن مؤسسات المجتمع المدني لهذه القضية.
5. عمل صندوق خاص بقضية الأسرى لتعزيز صمودهم وصمود أسرهم بكل الوسائل.... ولتعزيز دور وزارة شؤون الأسرى الفلسطينية في الضفة وغزة في برامج الدعم المادي والنفسي والتأهيل سواء لمن هم في الأسر وكذلك للأسرى المحررين .
6. لا بد من جهد عربي رسمي وشعبي للضغط من أجل إنفاذ صفقة التبادل والتي تشكل مفترقاً مهماً ونوعياً في قضية الأسرى ..... حيث هناك من زاد عن ثلاثين سنة في الأسر ... وهناك من وصل الى ربع قرن وهكذا ..... ولا بد من انهاء معاناة هؤلاء وأسرهم .
وتبقى قضية الأسرى حاضرة في وجدان كل فلسطيني ..... ويبقى الأسرى هناك يخوضون حرب الكرامة بأمعائهم الخاوية وصدورهم الحاسرة وإيمانهم العميق بالله ....ثم بعدالة قضيتهم .....
وسيُسأل كل فرد وزعيم ومسؤول عما قدمه لقضيتهم ..... حيث واجب الأمة أن تسلك كل سبيل لإنهاء معاناتهم.
هم هناك لا يزالون .... يسكنون جرحهم النازف ألماً .....
هم بانتظاركم أيها العرب...ِ