هذا ما قاله الشيخ القرضاوي

عن الخطر الشيعي الفارسي

د. محمد بسام يوسف*

[email protected]

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى المزاجيين من أبناء قومنا، الذين طالما احتجّوا بأقوال الشيخ يوسف القرضاوي وفتاويه، التي يؤكّد فيها على الوحدة الإسلامية، وذلك أثناء إنكارهم واستنكارهم لما نحذّر منه: الخطر الصفويّ الفارسيّ الشيعيّ، على أمة الإسلام وأوطانهم ودينهم وحاضرهم ومستقبلهم

ثم لمّا أعلن الشيخ القرضاوي موقفه من التشيّع الذي يقوده الفرس الصفويون.. صار أولئك الذين حاججونا بالقرضاوي وفتاويه.. يتذرّعون بذرائع أخرى شتى.. ولعل أغربها أن الشيخ القرضاوي ليس من أهل الفقه والفتوى!..ء

هواهم يتّبعون وليس غيره، والله عز وجل يقول في محكم آياته: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ..)ء

إلى هؤلاء وأمثالهم، أنقل فيما يلي ما قاله الشيخ القرضاوي عن الخطر الإيرانيّ الشيعيّ، وعن نشاط التشيّع لتحقيق أهدافٍ فارسيةٍ قوميةٍ استراتيجية

لينظروا عقلياً ومنطقياً في أقوال الشيخ القرضاوي، ولا ينظروا إليها من مبدأ الحكم المسبق.. وليتجرّدوا من هواهم ومزاجهم ومنطق الذي أخذته العزّة بالإثم.. وليتّقوا الله عز وجل في أحكامهم.. ولو مرةً واحدة في هذه المسألة.. وليكفّوا عن ضلالهم وتضليلهم الناس.. فإنهم مسؤولون.. أمام مليك السماوات والأرض.. يوم لا ينفع مال ولا بنون

يقول الشيخ يوسف القرضاوي

" قد يسأل سائل ما الخطر في نشر التشيع في عالم السنة؟ نقول الخطر في ذلك نراه بأعيننا، ونلمسه بأيدينا، في بلاد الصراع المذهبي (الطائفي) الذي راح ضحيَّته عشرات الألوف ومئات الألوف، كما هو جلي لكلِّ ذي عينين في العراق، مليشيات الموت، وتحريق المساجد والمصاحف، والقتل على الهُويَّة، قتل كل من اسمه عمر أو عثمان أو عائشة، إلى آخر ما شهدناه من مآس تقشعر لها الأبدان. كما شهدناه في لبنان، وفي اجتياح حزب الله أخيراً لبيروت، وما صاحبه من جرائم لا تكاد تصدَّق.

بل حسبنا ما يجري في اليمن الآن من صراعات دموية بين الحكومة من جهة وبين الحوثيين الذين كانوا زيدية مسالمين ومتآلفين مع إخوانهم الشافعية، فلما تحوَّلوا إلى إثنى عشرية، انقلبوا على أعقابهم، يحاربون أهلهم، ويقاتلون قومهم. وهذا مثل بارز يجسِّد الخطر الذي نخافه ونحذِّر من وقوعه.

الخطر في نشر التشيع أن وراءه دولة لها أهدافها الإستراتيجية، وهي تسعى إلى توظيف الدين والمذهب لتحقيق أهداف التوسُّع، ومد مناطق النفوذ، حيث تصبح الأقليات التي تأسَّست عبر السنين أذرعاً وقواعد إيرانية فاعلة لتوتير العلاقات بين العرب وإيران، وصالحة لخدمة إستراتيجية التوسع القومي لإيران.

وأنصح المفتونين بإيران وحزب الله من قومنا، أن يرفعوا الغشاوة عن أعينهم حتى يبصروا، وينزعوا أصابعهم من آذانهم حتى يسمعوا، أجل، حتى يرَوا ويسمعوا ما يجري في بلاد السنة من حولهم، ولا يعتبروا ذلك شيئاً لا يستحقُّ الالتفات، فإن (فقه الموازنات) و(فقه الأولويات) الذي قالوا إنهم أخذوه منِّي، يوجب عليهم أن يعيدوا النظر في (تنزيل هذا الفقه على الواقع)، فمن المهم أن يُعلم أن البلاء الذي لا يمكن تداركه وعلاجه بعد وقوعه مقدَّم فقهاً وشرعاً على البلاء الذي يمكن تداركه ووقوعه. ومن ذلك تغيير اعتقاد المرء من فرقة إلى فرقة، كانتقال المسلم من السنة إلى الشيعة، فهذا إذا وقع لم يمكن تداركه بحال.

وقد كان (العراق) ذا أغلبية سنية كبيرة إلى القرن الثامن عشر، ثم بدأ الزحف المخطَّط في غفلة من الدولة العثمانية. بل كانت (إيران) نفسها سنية، كما يشهد بذلك تاريخ علمائها في التفسير والحديث والفقه والأصول واللغة والأدب والتاريخ وغيرها، ثم أصابها ما أصابها، وغدت اليوم دولة التشيُّع الكبرى في العالم.

ومن أغرب ما قاله هؤلاء: إن تحذيرنا من الغزو الشيعي لمجتمعات السنة، وقوف مع الاستكبار الأمريكي، أو الاستعمار الصهيوني، ولا تلازم بين هذا وذاك، فنحن نرفض الغزو الشيعي، ونقف في وجه الطغيان الأمريكي، والعدوان الصهيوني، جنبا إلى جنب، ونؤيد المقاومة بكلِّ قوَّة ضد الصهاينة والأمريكان في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان.

وزعمهم أن موقفي المحذِّر من الغزو ينافي الدعوة إلى (الوحدة الإسلامية) غير مسلَّم، فالوحدة الإسلامية إذا لم تقُم على أساس مكين من كتاب الله وسنة رسوله، لن تقوم لها قائمة. ولذا قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}. فالوحدة إذا لم تعتصم بحبل الله لا خير فيها، والإسلام يرى أن التفرُّق على الحقِّ خير من الاتحاد على الباطل. ورحم الله ابن مسعود - رضي الله عنه - الذي قال: الجماعة ما وافق الحقَّ وإن كنتَ وحدك. وحسبنا قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، ومثله الاتحاد على الإثم والعدوان، منهيٌّ عنه ولا خير فيه.

فهل يُراد منا أن ننام على آذاننا حتى يتم الغزو مهمَّته في عقر دارنا، وتتحوَّل مجتمعاتنا عن معتقداتها، وثوابتها، ونحن في غفلة لاهون، وفي غمرة ساهون؟ وإذا رفعنا أصواتنا محذِّرين ومنذرين كنا مثيري فتنة بين المسلمين؟". انتهى

مع أطيب تحياتي

              

*عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام