خطاب مفتوح
لمعالي الدكتور
مدير المركز الإسلامي
الأخ هاشم المحروقي
محمد الرمادي
فينا - النمسا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومرحباً بك ضيفاً وأخاً عزيزاً بين إخوانك أهل النمسا، ثم أهلاً وسهلاً ومرحباً بك مديراً للمركز الإسلامي بمدينة فيينا بين أهلك ومحبيك..
القضية التي أطرحها ليست خاصة فاتباحث معك فيها فيما بيننا، بل هي عامة تخص جميع مسلمي فيينا خاصةً؛ وتهتم بها النمسا فأوروبا حكومات وشعوبا، والعالم الإسلامي وهيئاته الرسمية والجمعيات والمؤسسات العاملة؛ عامةً.
وما تجرأت في ارسال الخطاب إلا عدة نقاط :
أولها : ما ابديته لي من صفاء قلب منفتح وأذن تسمع صاغية حين قابلتك دون سابق موعد أو معرفة في أمسية ضمتنا بالمكتبة العامة للمركز قبيل حزم حقائب الأخ العزيز الكريم فريد الخوتاني،
الثانية: ود لقاء الأربعاء الماضي في مكتبكم وبشاشتكم، ورغبتكم القوية في ممارسة الصالح من الأعمال، وارادتكم أن يقوم المركز بدروه الطبيعي، كما أظهرتهما ـ الرغبة والإرادة ـ لي، أما
الثالثة: فالمركز الإسلامي بمدينة فيينا صار مَعْلَمَاً إسلامياً في فيينا/ أوروبا؛ دون إغفال الواقع الجديد المعاش بأن الــ [EU] الذي اسماه د/ هلموت كول المستشار الأسبق الألماني: "النادي المسيحي"؛ وما يتشدق به بعض التيارات السياسية اليمينية لأغراض إنتخابية، وأصوات هنا وهناك تتحدث عن الرعاب من الإسلام واتباعه (إسلاموفوبيا)
ورابعها: أن عدد أفراد الأقلية المسلمة اليوم في النمسا تعدى 511 ألف وهذا ما أعلنته جريدة نمساوية في 25 فبراير 2010م، وبعض أهل العلم أخبرني أننا نصل إلى أكثر من 800 ألف أو نزيد، فصار أمام كل مسلم ثمانية من مواطني النمسا ومواطنينا الذين نعيش بينهم (1: 8) فالغالبية العظمى منَّا تحمل الجنسية النمساوية الأوربية؛ وهذا واقع جديد آخر، يحتاج لتفعيل سلوك إسلامي مستنير،
خامسها: أن الرعيل (الجيل) الأول أوشك أن تهوى كواكبه ونجومه، والجيل الذي أتى في ثمانيات القرن الماضي أقترب من سن المعاش والتقاعد أو كاد، والأجيال الصاعدة (ما بين سن الولادة إلى الخامسة والعشرين ولدوا في النمسا) وهؤلاء هم مستقبل الأقلية المسلمة، وهذا نسيج آخر غير نسيج الشريحتين السابقتين،
سادسها: وجود قضايا محورية ومسائل هامة لا يجب أن تضيع بين أدراج المكاتب الرسمية وإنتقال إدارة من يد كريمة رحلت عن ديارنا لتعمل في جارة أوروبية إلى يد كريمة حلت بيننا.
وحتى تكون البداية موفقة فإني اقترح عليك أخي الكريم الدكتور والرأي يعود إليك، الآتي:
الإتصال المباشر بالهيئة الإسلامية الرسمية المعتمدة أمام دولة النمسا للإطلاع على السياسات العليا ومعرفة الخطوط العريضة وقراءة المشاريع المزمع فعلها وسماع/تبادل الأفكار بشأنها، ومن نافل القول أنك صاحب المبادرة هذه، كما أخبرتني يوم الأربعاء الماضي، فإذا تم هذا اللقاء اثناء كتابة هذه السطور فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، أما إذا لم يتم؛ فننسق مع معالي البروفيسور أنس الشقفة؛ رئيس الهيئة الإسلامية موعداً.
كما وتوجد شرائح وفئات ينبغي التعامل معهم عن قرب، كملاصقة الذراع للقلب في الجسد أو أقتراب العقل من الفؤاد في الكيان الواحد، والإقتراب يكون بصورة مباشرة؛ إذ أن الأقلية المسلمة اسمح لنفسي أن أقسمها – تتكون من هيئات رسمية/ إتحادات/ منظمات/ مراكز/ جمعيات تغطي كافة أنشطة الأقلية المسلمة أو تكاد، وأفراد، ونبدأ بــ
1.) المنظمات (ذات الطابع العام) والإتحادات
يغلب عليها الطابع القومي (بلد المنشأ الأصلي، وهذه مسألة تحتاج لمراجعة) بل تتميز به أحياناً، فيندرج تحت الأقلية المسلمة في النمسا المجموعات التالية:
التركية، البوسنية، الشيشانية، الأفغانية/بنجلاتش، الإيرانية ثم المجموعة العربية وتقسم داخلياً حسب بلدانهم: كــ السورية، العراقية، فلسطينية/الأردنية، السودانية وما يحيط بها من الجنوب من بلاد، فبلاد المغرب العربي (تونس الجزائر المغرب، ليبيا)، فافراد من جزيرة العرب ثم المصرية، ويوجد تقسيم داخلي معمول به إلى حد ما (!) وهو التقسيم المذهبي (سنة / شيعة)، ثم ينحدر بنا الطريق إلى التقسيم الأضيق فتجد تكتلات تقوم على أساس حزبي او جمعي مستقل او تابع يدور في فلك غيره، كما تجد مصلى لأتباع وأشياع الشيخ، ومصلى آخر للطريقة الصوفية، ومصلى ثالث لفكر ديني/ سياسي، ورابع مصلى الفرض الواحد (صلاة الجمعة فقط).
هذه الصورة بجملتها – مدى علمي – تتولى رعايتها الهيئة الإسلامية، ونسيج الأقلية المسلمة هذا يحتاج منك التعاون ـ إذ أن المركز كثيراً ما يصير رمزا/ إشارة/ علامة، إذ ينبغي فتح أبواب المركز لهؤلاء؛ هذه واحدة، أما الثانية فالصورة التي في ذهني أن الأقلية المسلمة في النمسا بطوائفها ومذاهبها وأفرادها توضع جميعها في زاوية واحدة ولابد بل من الضرورة العملية الإستراتيجية أن نعمل بروح الفريق وعلى قلب الرجل الواحد، وإن تنوعت الوسائل والأساليب، والهيئة الإسلامية في السابق ومازالت تباشر الإقتراب والتشاور والتفاعل من/مع الجميع، والإحسان ووجود عثرات في الطريق طبيعة البشر والحياة، ولا يصح الإستقلال.
2.) المنظمات ذات الطابع الخاص
وهي التي تقوم برعاية شأن واحد لفئة خاصة؛ كالمنظمات الإغاثية، الإنسانية ، التعليمية والتربوية.
وهذه مجتمعة قد تحتاج المركز في مناسباتها الخاصة وأنشطتها ذات العلاقة بالأقلية المسلمة، كتنظيم سوق خيري، أو إحتفال سنوي/ موسمي، أو جمع تبرعات لإتمام مزاولة نشاطاتها. وهذه كما اعتدنا يفتح المركز لها أبوابه جميعاً.
3.) نشاط متعلق بالخدمات العامة؛ طرفها الأول رجالات الأقلية المسلمة والطرف الثاني مؤسسات الدولة ذات العلاقة
كحملة تبرع الدم والتي كان يرأسها ويشرف عليها الوالد الدكتور محمد فريد سليمان ـ يرحمه الله ـ وكوكبة من خيرة الأطباء والنشطاء، بالتعاون مع الهلال الأحمر والمؤسسات الرسمية النمساوية،
والسؤال يطرح نفسه : بذهابه لملاقاة ربه؛ مَنْ ستولى أمر هذه الخدمة العامة من بعده!!!!!!
4.) الفرد المسلم
الذي يرى أن المركز الإسلامي مسجده: بمآذنته التي تقارب زرقة سماء الخلاق وقبته الخضراء التي تحمل الهلال فهو بيت الخالق الرازق الرزاق العامر بالملآئكة وقبلته التي يتوجه من خلالها إلى بارئه في صلاته ودعاءه ومناجاته وتوسله، فلا يصح أن يشعر أحد أنه أغلق في وجوه عباد الرحمن، خاصةً والمسلم يعيش في واقع فيه جزء من المغايرة ومناخ ليس فيه قليل من الغربة، فلنجعل أفئدة الراكعين شموع تضئ المركز وحناجر المتبتلين منابر تعلو بكلمة التوحيد ولا نحوله كما قيل إلى المـ...(ــتحف).. الإسلامي، أضف إلى ذلك
المسلمـ(ـة) ذات الأصول الأوروبية ولا يـ(تـ)ـحسن لغة القرآن، أو فهم مسائل الإسلام الفقهية العملية في حياتهـ(ـا) اليومية، أسأل نفسي أولاً:
رعاية حديثي الإسلام.. مسؤولية مَن!؟،
وكيف يتم التعامل معهم بصورة إيجابية!؟، خاصة المسلمات الجدد، وبعض المسلمين بالوراثة لديهم بعض المثالب وقليل من السلبيات.
5.) الطفل
سواء المسلم أو غير المسلم؛ أطفال المدارس المستوى الإبتدائي (على سبيل المثال وليس الحصر) يأتون لزيارة المركز في رحلة تربوية وفق المنهج التعليمي النمساوي للتعرف عن قرب على الثقافة الإسلامية في مظهر من مظاهرها «الجامع/المسجد» وهذا يتطلب منا الآتي :
أ.) المرافق/ المرشد
إعداد مرافق/مرشد للمجموعة القادمة من المدارس النمساوية، ومؤهل على مستوى جيد راق حسن المظهر، يقترب من عقول الأطفال ويناسبهم فهو عنوان للإسلام وواجهة له
ب.) فن كسب القلوب
1.) تقديم هدية رمزية للطالب عند مغادرته المركز،
2.) تقديم مطبوعة للمدرس/المدرسة التي ترافق المجموعة
3.) متابعة المجموعة بعد الإنتهاء من الزيارة بتقديم استمارة خاصة لتقييم الزيارة
4.) بعض المجموعات تأتي من خارج مقاطعة فيينا، كيف يتم التعامل معها، سؤال مفتوح!!؟
5.) جمع الأسئلة التي تتكرر دائما وطبعها في كتيب مع الإجابة باللغة الألمانية.
6.) أعرض على حضرتكم: فكرة « معرض » لمقتنيات ذات طابع إسلامي، بعد إنتهاء الطالب من زيارة المركز يذهب لزيارة المعرض.
6.) المطبوعات
مبادرة طيبة؛ وضع بعض المطبوعات على طاولة وعرضها للحضور الكريم، والسؤال لمّا الخصوصية ولما تأتي المطبوعات من جهة واحدة، المؤسسات الإسلامية الرسمية والجامعات الإسلامية المعتبرة متعددة فأين وجه التعاون بيننا وبينهم
6. 1.) مطبوعة المركز الدورية
أين مطبوعة المركز الإسلامي والتي كانت تصدر في السابق ... ينبغي إعادتها إذا تيسر الأمر سواء شهرية/ موسمية/ سنوية،
العيبُ: أننا نأتي بافكار مرتبطة بصاحبها فإذا مات ماتت معه أو رحل رحلت في حقيبته وغادرت قبله، دون دراستها وعمل دراسة جدوى ووضع ميزانية ثابتة لها وضمان التمويل الدائم مع وجود فكرة المال البديل، ودون تكليف أهل العلم والخبرة، لا يصح أن نكتفي بتوزيع صفحة بها مواقيت الصلاة مرة في الشهر!
وتتبقى فئة سابعة: السادة أصحاب العزة والرفعة والعظمة والسمو (!!!) سفراء الدول العربية/الإسلامية (!!!) أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى جمهورية النمسا الإتحادية ولهم إرتباط وثيق بالمركز إذ أنهم يشكلون مجلس أمناءه، والمعلوم أنهم منفردون أو مجتمعون ينفقون على المركز، وميزانيته في العام الواحد لا تتعدى 150 ألف€ ، وهي لا تكفي مصاريف التدفئة والماء الساخن للوضوء والإغتسال، والإنارة والكهرباء وأجرة عمال النظافة والسكرتارية، ولا نتحدث عن نشاط اسبوعي/ موسمي/ عقد مؤتمر/ ندوة، ولا ينبغي أن يغيب عن بالنا جميعاً أن المركز الإسلامي في فيينا واجهة المسلمين في الغرب الأوروبي ومَعْلم من معالم الإسلام في الأرض، وأظن أنه يخضع لقوانين المعمار والبناء في مقاطعة فيينا [معلومة تحتاج تصحيح] وهذه النقطة؛ الدعم المالي تحتاج إعادة نظر حتى لا يتصرف عامة المسلمين تصرفات لا تليق بإخ كريم سواء أكان سفير دولة ـ كما حدث مراراً ـ أو غفير ـ كما حدث أخيراًـ !!!
والإنسان في عمومه قاصر وعاجز ومحتاج لغيره، لذا أنزل خالقه كتاباً لا يأتيه الباطل ونصّ على :" اللهم لا تأخذنا إن نسينا أو أخطأنا" وقد تمت أخطاء في الماضي (كلفت أموالا وجهودا) لاعتماد وجهة النظر الواحدة، ولا أريد أن اضع الملح فوق الجرح، وكما قال الخبير العليم :" وامرهم شورى بينهم"، ثم أبان وقوله الحق مخاطباً صاحب المسؤولية فقال:" وشاروهم في الأمر ..." بصيغة الجماعة، ثم أفرد فخاطب صاحب الصلاحية لحظة اتخاذ القرار فقال:".. فإذا عزمت فتوكل على الله ".
أريد منك أخي الكريم صاحب العلم والفضل والمسؤولية د/ هاشم ـ وأبدء بنفسي ـ أن نأخذ العبرة مِنْ مَنْ سبقنا مع قراءة السيرة العطرة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام، والتاريخ، ولكني مع قلة خبرتي؛ أنصح نفسي أولاً وأقدمه لك كأخ أحبه في الله..
استعن بعد الله تعالى بــ أهل الشورى وأهل الحل والعقد من أبناء الأقلية المسلمة،
اعتمد بعد الله سبحانه وتعالى على العقلية التراكمية وهي التي تبني على ما وقفنا عنده لا تبدأ جديد ومن البداية،
كما ونرجو اعتماد ثقافة المتابعة/ المحاسبة/ المراجعة والمساءلة، وقد طلبت ذلك من الأخ الكريم د/ فريد الخوتاني؛ المدير السابق في رسالة شفوية في نوفمير 2009 وأيضا من السادة العاملين في مجال الدعوة من المنظمات والمؤسسات بأن يقدم لنا نحن أهل فيينا تقريراً عما قام به من أعمال خلال فترة نشاطه وكما قيل لنا تجازوت ثلاثين عاماً، ويعلن عنه؛ ونشرت رجائي هذا (شبكة رمضان الإخبارية فيينا/ النمسا) وأظن أن تقرير د/ فريد قيد الكتابة وننتظره.
وانتبه: لا يخلو مجتمع من أفراد كــ المرتزقة والمتسلقة وأهل المصالح والمنافع والأهواء ومن يجتمعون على الموائد فيطبلون لقادم ويسبون راحل ومَن هم على شاكلتهم وهؤلاء يجب الإحتراس منهم بل أبعادهم عن الطريق فهم يعطلون السير ويوقفون المسير.
أخي الحبيب هاشم...
أسطر ما كتبته وكلي عيوب غير أني أريد لك السلامة من الكروب
فسوف اسأل عمّا بدا مني وأنا العبد الفقير أرجوه غفر الذنوب
فحين نلتقي أمامه نقولا هذا ما قمنا به وأنت الرب المربوب
قد يغفر لنا إن شاء بيَّد أن رحمته نثرها في كل الدروب
ليس أمامنا عمل سوى مرضاته ونطمع في الجنة كما هو مكتوب
... الحديث فتحناه وأعلم أن قلبك مفتوح قبل الباب، فهل اطمع في شرب القهوة العربية بالهيل.. انتظر الجواب.