الإسلام بين الغرب والاستغراب
الحقد والحقد المتبادل
محمد هيثم عياش
يعتقد الكثير من شعوب العالم الاسلامي وخاصة شعوب منطقة الشرق الاوسط الاسلامية ان عداء الغرب للمسلمين ناجم عن حقد الغرب الدفين للاسلام جراء الفتوحات الاسلامية التي قادها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فجهاد الصحابة من اجل نشر دعوة التوحيد والقضاء على الشرك واخراج العباد من عبادة العباد الى عبادة الله ووصول قادة الفتوحات الاسلامية الى الشرق والغرب ساهم بالقضاء على القياصرة والاكاسرة ، فالاسلام جاء للمساواة و تحقيق العدالة الانسانية والاجتماعية .
وينظر الغرب الى الاسلام بعين حقودة لأنه استطاع ان يوقف جماح القياصرة الذين أذلوا شعوبهم وبالتالي استغلوا النصرانية لأطماعهم الشخصية حتى اصبح المثل السائد / أعطِ ما لقيصر لقيصر وما لله لله / قانونا يجب التقيد به اي يجب على المواطن الاوربي زمن القيصرية الاوروبية الركوع والسجود للقيصر والسمع والطاعة لزعيم الكنيسة الذي يحمل وثيقة الغفران لكل مذنب .
والاسلام يختلف عن النصرانية واليهودية فهو يرى الاولوية لله ويطالب معتنقيه نصح زعيمه الى جانب طاعته اياه بالمعروف ويطالب المسلمين بالمحافظة على كرامتهم والعمل على حماية بلادهم . وقد أجمع مؤرخو الغرب قبل مؤرخي الاسلام بأن الانسانية لم تعرف الرحمة والعدالة الا من المسلمين ، وقد ساهمت الدول الاسلامية منذ عصر الخلفاء الراشدين وحتى أفول شمس بني عثمان الحفاظ على حقوق الانسان وكرامته في كل بلد وطأته خيول المسلمين .
ويعتقد الكاتب الجزائري عبد الوهَّاب مديب من خلال ندوة لعروض صور وندوات ومناقشات عن الاسلام في بيت الثقافة الدولية ببرلين افتتح يوم أمس الخميس 1 ابريل وتستمر حتى اوائل يونيو المقبل ان الحقد على الاسلام كان وراء الحروب الصليبية وحقد المسلمين على الغرب كان جراء تلك الحروب واستعمار الغرب لبعض شعوب العالم الاسلامي مثل الجزائر وغيرها من دول شمال افريقيا فالاسلام لا يملك بتعاليمه الا الحقد والانتقام من المحتل ومن يقرأ القرآن الكريم بإمعان يجد المطالبة بالانتقام والحقد على غير المسلمين ظاهرة ملموسة ، وحوادث 11 أيلول/ سبتمبر من عام 2001 دليل واضح على الحقد الاسلامي للغرب الذي يسعى من خلال علاقاته مع العالم الاسلامي اضافة الى محاربته الارهاب احلال الحريات العامة في بلاد العالم الاسلامي التي تعيش تحت وطأة الكبت واستبداد حكامها .
ويؤكد ميديب الذي يعتبر خبيرا في شئون العالم الاسلامي لدى بعض المعاهد السياسية في فرنسا حيث يعيش ان المثل الذي كان سائدا في القرون الوسطى بأوروبا / اعطِ ما لقيصر لقيصر وما لله لله / قد انتقل الى الدول الاسلامية فاكثر شعوب منطقة الشرق الاوسط قد قبلت المبدأ المذكور فهي لا تبث بنبت شفة لاوامر زعيمها اذ استطاع مشايخ بلدهم اقناعهم بأن الطاعة للحاكم فريضة .
ويؤكد خبير شئون الشرق الاوسط والاسلام شتيفان فايدنر الذي يشرف على مجلة / فكر وفن / التي يصدرها احد معاهد التنمية الالمانية ان اوروبا التي اعطت زمام القوة للولايات المتحدة الامريكية وجعلتها قوة العالم التي لا يستهان بها بإمكانها ان تلعب دور الوسيط بين امريكا والدول الاسلامية لانهاء النزاعات وسوء التفاهم بين الاسلام والغرب اذ لأوروبا علاقات تاريخية وطيدة مع المسلمين منذ ظهور الاسلام وامريكا لا يوجد لديها اي معرفة بالمسلمين بالرغم من علاقاتها الوطيدة مع بعض حكام العالم الاسلامي وخاصة دول منطقة الخليج العربي وبإمكانها ايضا انهاء حالة الحقد المتبادل بين المسلمين والغرب اذ ان اوروبا تتحمل مسئولية هذا الحقد لأنها كانت وراءه .
والحقد والحقد المتبادل يقف وراءه اولئك الذين ينتمون الى الاسلام بالاسم فقط . فقد ساهم هؤلاء بحث الغرب على الاسلام من خلال كتبهم التي يتخاطفها الذين يتربصون بالاسلام الدوائر وينتظرون ما يتفوه به اولئك العرب وغيرهم الذين يضعون كتبا ينتقدون دينهم الاصلي / الاسلام / فيها ، اذ ان الغرب يعتقد بهؤلاء بأنهم لهم خبرة ناضجة عن دينهم ، فمحاضرة زعيم الفاتيكان بينديكت السادس عشر التي القاها في جامعة ريجنسبورج عام 2006 وأورد فيها حادثة مناقشة القيصر البيزنطي عمانوئيل الثاني للقاضي والفيلسوف ابن حزم الاندلسي بأن محمدا / عليه الصلاة والسلام / لم يقدم للبشرية الا الحروب كان مصدر تلك الفقرة من كتاب وضعه استاذ مادة اللاهوت في جامعة مدينة جوتينغين اللبناني تيودور عادل خوري الذي يزعم في كتابه / الاسلام / بأن محمدا عليه الصلاة والسلام تأثر بالراهب بحيرى الذي التقى به في بصرى الشام عندما سافر مع عمه للتجارة ، تلك الفقرة التي اوردها البابا احدثت غضبا بالشارع الاسلامي والحادثة التي اوردها البابا عن الخوري غير صحيحة اذ يوجد في التاريخ الاوروبي قيصرين بيزنطين يحملان اسما واحدا عمانوئيل الاول وعمانوئيل الثاني الذي تم في عهده افتتاح القسطنطينية على يد السلطان الفاتح أبو الفتح محمد الفائح / الثاني / وابن حزم الاندلسي لم يكن على عهدهما اذا ما قمنا بالتحري عن القرون التي عاش بها الثلاثة المذكورين . كما أن أكثر فقرات كتاب صراع الحضارات للمفكر الامريكي صموئيل هونينغتون كان مصدرها كتاب نقد النظرية الدينية للمفكر السوري جلال صادق العظم الذي حث السياسيين الاروبيين وغيرهم خلال مؤتمر دولي حول الحوار الاسلامي المسيحي في يونيو من عام 1995 في العاصمة السويدية استوكهولم بتشمير سواعدهم لمحاربة الاسلام وحملة الفكر الاسلامي ، اضافة الى ان كتاب افول شمس الاسلام وظهور الاسلاميين لسكرتير الدولة السابق في وزارة الدفاع الالمانية فريدبيرت فلوجر كانت اكثر فقراته مأخوذة من المصري نصر ابو زيد الذي أصبح بنظر بعض الغربيين بأنه مارتين لوثر المسلم الذي يريد اصلاح الدين الاسلامي .
والمصيبة هو ان بعض المسلمين لا يأبهون كثيرا للكتب التي تهاجم الاسلام بقلم بعض المسلمين فهم لا يقومون بدحض كتبهم قبل دحض كتب المعادين للاسلام من الغرب ، كما ان الكثير من المسلمين لا يستمعون بانصات للمحاضرات التي تلقى عن الاسلام في الغرب فمسلمو المانيا انتقدوا بابا الفاتيكان لفقرته التي ارودها عن مناقشة عمانوئيل مع ابن حزم ولم يعودوا الى كتاب تيودور خوري الذي اخذ البابا فقرته من كتابه . والمسلمون هم في مقدمة الامم التي حافظت على ثقة رواتها فلذلك وضع العلماء كتب الجرح والتعديل كما وضعوا كتبا عن الضفعاء والمتروكين . وقد روي ان الخليفة المتوكل على الله كان معجبا بيهودي ودعاه الى الاسلام مرات عديدة ويرفض الا ان الخليفة فوجئ ذات يوم واليهودي يدخل عليه بثياب المسلمين فسأله عن سبب اسلامه فقال انه قام بوضع زيادات في التوراة ودخل بها سوقهم واشتروها منه بدون ينظروا فيها ثم فعل ذلك بالانجيل واشترى النصارى منه الانجيل دون ان ينظروا ووضع زيادات في القرآن الكريم ودخل أسواق كتبهم فلم يشتري منه اي شخص ما يحمله من نسخ لانهم اخذ ينظرون وبقرأون ويحذفون الزيادات وكادوا أن يقتلوه فلما أخبرهم السبب تركوه وأتلفوا ما معه من النسخ .
ويرى رئيس شئون العلاقات الثقافية في مجلس الشورى الاوربي رينيه فاينجارتين ان الحقد المتبادل بين الغرب والمسلمين مصدره اولئك الين كانوا مسلمين اضافة الى المعادين للاسلام من الغرب فالحروب الصليبية كان القسيس بيتر الكولوني الذي زار بيت المقدس ولقي الاكرام من المسلمين الا انه عاد الى الغرب محرضا عليهم ومن اجل التعايش السلمبي الاسلام والغرب يجب على المسلمين دحض افتراءات ابناءه عليه قبل دحض افتراءات الغرب على الاسلام .
ومن يقم بزيارة صور المعرض في بيت الثقافة الدولي لا بد أن يصاب جسده بالقشعريرة .