لا معجزات.. فمن للأقصى

محمد فاروق الإمام

لا معجزات.. فمن للأقصى؟!

محمد فاروق الإمام

[email protected]

قبل ألف وأربعمائة وأربعين سنة قدم أبرهة الأشرم بحدِه وحديده وخيوله وفيلته يريد هدم الكعبة بيت الله الحرام ... وقريباً من الكعبة خارج حدود مكة جاءه عبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه وسلم - وكان سيد مكة في ذلك الوقت- فأجلّه أبرهة وعظمّه وأكرمه وأجلسه إلى جواره، وكانت عليه هيبة. وسأله أبرهة قائلا: ما حاجتك؟ فقال عبد المطلب: حاجتي أن يردّ عليّ الملك مائتي بعير أصابها لي!!

قال أبرهة مستغرباً.. متعجباً: أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه؟!

فقال عبد المطلب كلمته التي راحت مثلاً ( إني أنا رب الإبل، وإن للبيت رباً سيمنعه)!!.

وتفرق أهل مكة في شعاب الجبال خوفاً من جنود أبرهة وفيلته.. وبعدما أخلوا مكة وخلوا بينها وبين أبرهة ليدخلها بجيوشه وبفيلته ليهدم بيت الله الحرام، جاءت المعجزة الكبرى من السماء لحماية بيت الله من الغزاة، حيث بعث الله سبحانه وتعالى فرقاً من جنوده على هيئة الطير، راحت ترمي جيش أبرهة وترسانة أسلحته بحجارة من سجيل، أتت على هذا الجيش وأهلكته وأهلكت ما حمل من زرد وحديد وما ركب من فيلة وخيول، وكان في مقدمة الهالكين كبير الأحباش أبرهة الأشرم.

لقد تصدت جند الله لأبرهة في ذاك الزمان، حيث لم يكن في مكة مؤمن موحد ينافح عن بيت الله، وحمت البيت من الغزاة، وحالت بين أبرهة وبين بيت الله الحرام، واليوم يمتحن الله المسلمين في هذه الأيام وقد تجاوز عددهم المليار ونيف، حيث يعمل اليهود على الاستيلاء على بيت المقدس (أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين) وهدمه وإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه.. ولا معجزة اليوم، لأن المعجزات تكون في غياب المؤمنين والموحدين، لَيُريَ الله قوته وعظمته للظالمين والطغاة، وكانت طيور الأبابيل جند الله لنصرة بيته عند خذلان أهله غير الموحدين المؤمنين، وكانت هذه هي السنّة الماضية في إهلاك الظالمين قبل مجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل الإسلام.

أما اليوم وقد انتشر الإسلام وعم العالم من أقصاه إلى أقصاه فلا عذر للمسلمين بمليارهم ونيف أمام الله، وعليهم تقع مسؤولية حماية مقدساته أينما وجدت وحيثما كانت، وإلا سيحل غضبه على المسلمين برهم وفاجرهم.. كبيرهم وصغيرهم.. ضعيفهم وقويهم.. غنيهم وفقيرهم.. سيدهم وحقيرهم، وهذه هي المعجزة التي ستكون علينا وليست على أعدائنا، إذا ما اكتفينا بالتنديد بما ينوي الصهاينة فعله في أعز مقدساتنا، منتظرين النصرة من المتربصين بنا وبإسلامنا الدوائر.. ولنا في أسلافنا العبرة والدرس.. فهذا جبريل يأمره الله سبحانه وتعالى أن اخسف بقرية كذا وكذا. فقال: يا رب فيهم فلان لم يعصك طرفة عين. فقال له الله سبحانه وتعالى: به فابدأ وأسمعني صوته؛ فإنه لم يتمعر وجهه فيَّ قط.  (يعني: ما غضب لله تعالى، وإنما كان غضبه لأموره الدنيوية، أو لا يغضب إذا انتهكت محارم الله).

فما أنتم فاعلون يا مسلمين.. يا من تنتشرون في أصقاع الدنيا من الصين حتى جنوب أفريقيا ومن مجاهل الهند حتى أعماق الأمازون، وقد تخلى العرب عن حماية بيت المقدس والمنافحة عن حياضه، ولا طير أبابيل اليوم تحول بين بيت المقدس ويهود؟!

لن يكون هناك ناج من غضب الله إذا ما حل ببيت المقدس الخراب، فكل المسلمين عابدهم قبل كافرهم، وحليمهم قبل سفيههم، وأميرهم قبل وضيعهم.. سيتلقى نصيبه من هذا الغضب، وبالطريقة والشكل التي يقررها الله سبحانه وتعالى.. وما إعصار تسونامي في أندنوسيا وزلزال تشيلي عنا ببعيد!!

ولا تنفع في ذلك الموقف ندامة أو حسرة.. وهذه آيات الحسرة والندامة التي حذر بها الله سبحانه وتعالى الظالمين والمفرّطين وقد عميت أبصارنا عنها:

(وَيَوْمَ يَعَضُّ الظالم على يَدَيْهِ).. (وَأَسَرُّواْ الندامة لَمَّا رَأَوُاْ العذاب وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بالقسط وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ).. (وَأَسَرُّواْ الندامة لَمَّا رَأَوُاْ العذاب وَجَعَلْنَا الأغلال في أَعْنَاقِ الذين كَفَرُواْ).. (قَالُواْ يا حسرتنا على مَا فَرَّطْنَا فِيهَا).