لن أجفف الدمع

د. صلاح الدين الجعفراوي

د. صلاح الدين الجعفراوي

[email protected]

سيظل دمعي ينهمر حتى لا أنسى ..

 سيظل جرحي نازفاً حتى أحيا ..

 سيظل صوتي عالياً حتى أسمع ..

سيظل صراخي مدوياً حتى أذكر من يحاولون النسيان ..

( خوج على )

تلك المذبحة التى غابت عن ذاكرة من يحاولون النسيان .. لا تقل فى بشاعتها وخبثها عن مذابحنا الكثيرة المؤلمة .. بل تفوق وتتفوق على الكثير منها..

أبناء جلدتى كانوا وقود الحقد الأرمنى الأسود الذي ابتعد عن كل المعاني الإنسانية ، وفى غفلة من الضمير الذي لن يستيقظ في غرب هذه المعمورة إلا إذا جرح كلب أو أصيبت قطة .. أحرق أطفال .. بُقرت بطون الحوامل .. استبيحت المحارم وانتهكت الأعراض وقتل الرجال وضاعت القيم .. هؤلاء العزل الآمنون فوجئوا بأساطين الحقد والدمار الأرمني تعيث في الأرض فساداً .. وقد شغلت الدنيا عنهم بالكثير من الأزمات التي وضعها الكبار لإيجاد التوازن المختل في هذا الكون المنهار أخلاقياً وقيماً وعدالة .. ثمانية عشر عاماً انقضت .. ولم أجد سوى هذه الدموع لأروي شجرة الحزن حتى تظل أوراقها تحيا فلا أنسى .. لعل أبنائي يتذكرون بعد أفولي فلا يقتلعونها إلا بعد أن يعود الحق لأصحابه وتهنأ " ناجورنوكارا باخ " فى حضن أمها  (أذربيجان ) ..

ولكن لن أنسى

 ولا أستطيع أن أنسى الطفلة التي حرموها من لعبتها قبل أن يحرقوها أمام والدتها .. وهذا الرضيع الذي

انتزع من ثدي أمه ليذهب إلى ربه طائراً من طيور الجنة وهذا الأب المكلوم الذي فجعوه في ابنته باغتصابها قبل أن يقتلوها .. وهذا العجوز الذي لم يقوَ على الفرار من الحقد حتى لقي حتفه .. فكيف تطالبونني أن أنسى أو أتناسى .. كيف وصرخات الشهداء فى مسمعي صباح مساء يهتفون:

أخي إن ذرفتَ عليَّ الدموعْ                          وبللتَ قبري بها في خشوعْ     

فأوقدْ لهم من رفاتي الشموعْ                          وسيروا بها نحو مجد تليدْ 

سيظل الغضب يتنامى في قلبي ويتعاظم ولن أنسى إخوتي وأجيبهم:

أخي سوف تبكي عليك العيونْ                          وتسأل عنك دموع المئينْ

فإن جف دمعي سيبكي الغمام                            يرصع قبرك بالياسمينْ

فلن يتوقف الدمع عن الانهمار ..

سيظل جرحي نازفاً..

سيعلو صوتي إلى الآفاق..

وسيتعالى صراخي حتى أوقظ القلوب النائمة .. وأرشد القلوب التائهة وأطمئن القلوب الحائرة.

فلن أجفف الدمع

              

* أين تقع مدينة خوج على

تقع مدينة خوج على ذات التاريخ الإسلامى العريق فى إقليم ناجورنوكاراباخ الجبلى المحتل من قبل أرمينيا .. وكان يقطنها حوالى عشرة آلاف من السكان .. وقد قامت القوات الأرمنية يوم 26-2-1992 بإجتياح هذه القرية للقضاء على من بقوا فيها حيث قاموا بقتل 613 منهم 106 من النساء و63 طفل و70 شيخ كما جرح عدد 473 شخص وإعتقال 1975 آخرين ثم قاموا بفصل النساء عن الرجال .. وبقى 68 إمرأة و23 طفل فى عداد المفقودين .. وقد واصلت منظمة طشناق الإرهابية هجومها على الإقليم حيث قامت بنفى وترحيل أكثر من مائتى ألف شخص وقاموا بطرد مليون ونصف آذرى من بلادهم .

وغابت هذه المدينة عن ذاكرة التاريخ والتى كانت تزخر بالآثار من قبل الميلاد .