نيافة الأنبا ماكسيموس
محمود القاعود
منذ تولى الأنبا " ماكسيموس حنا " رئاسة الكنيسة الأرثوذكسية المصرية فى العام 2005م ، والمرء يشعر بالسعادة لما أحدثه نيافته من تصحيح للأوضاع الخاطئة التى أحدثها سلفه المتعصب الطائفى " شنودة الثالث " والذى مازال يُصر على أنه بابا نصارى الأرثوذكس ! رغم أن الحكم قد صدر لنيافة الأنبا " ماكسيموس حنا " بأنه " البابا " الشرعى للنصارى الأرثوذكس ، ويشهد بذلك صفته فى البطاقة الشخصية : الأنبا مكسيموس .
الصورة العامة للأنبا ماكسيموس ، رجل مهذب ومتواضع وخلوق ، يعلم جيداً أن الطائفية والاستقواء بالخارج الأوروبى والأمريكى لن يفيد نصارى مصر ، من أجل ذلك فقد أخذ على عاتقه العمل على إزالة الصورة البغيضة التى رسمها شنودة الثالث لنصارى مصر ، والتى تصورهم بالمطالبين بالانفصال بدولة جنوبية تمتد من أسيوط وحتى النوبة . والساعين لقلب نظام الحكم والسيطرة على شئون البلاد والمطالبة بحذف آيات من القرآن الكريم ، وسب الإسلام وشتمه فى الفضائيات والإنترنت ، والاعتداء على الثوابت الإسلامية ، والمنادة بشعارات نصرانية بغيضة مثل " مصر للمسيح " و " مصر قبطية وليست عربية " وتصميم علم نصرانى موضوع عليه الصليب ... إلخ
الأنبا ماكسيموس رجل صريح وواضح وقال أكثر من مرة أن شنودة الثالث هو المحرض الرئيسى على الفتنة والمشجع لها وأنه الذى جعل ولاء النصارى للكنيسة وليس للوطن الذى يحيون فيه وأنه صاحب مشروع سياسى يهدف للانفصال عن البلد .
الأنبا ماكسيموس يحاول قدر جهده تضميد الجراح التى أحدثها شنودة للمسلمين وأن يُزيل من قلوب المسلمين الغضب المشتعل جراء السياسة الحمقاء التى انتهجها شنودة طوال أكثر من 35 سنة ، يعلم ماكسيموس أن ما أحدثه شنودة ليس بالهين ولا بالقليل ، فقد قام بالاعتداء على دين الأغلبية الساحقة وساهم فى الترويج للعيش على أساس دينى لا على أساس وطنى ، مما دفع الرئيس الراحل " أنور السادات " أن يعتقله لأنه يرى فيه خطراً عظيماً على مصر والمصريين .
قام حزب شنودة الثالث بثورة ضد الأنبا ماكسيموس لأنه متزوج ! وزعموا أن المتزوج لا يحق له رئاسة الكنيسة ! وأنه يُزوج الأساقفة !!
وكأنهم يستخدمون منطق قوم لوط الذى دعوا الناس لإخراجه هو وأتباعه المؤمنين قائلين : أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون !
ويكأن الزواج بات معرة ومفسدة تستوجب المعايرة والطعن واللمز والغمز !
وما فعله حزب شنودة ينم عن عجز شديد لإيجاد مطعن فى الرجل ، أو كما يقول المثل " لم يجدوا فى الورد عيب قالوا أحمر الخدين " !
استوقفنى خبر جدير بالتوقف عنده ، الخبر يشرح طبيعة شنودة الطائفية وفى ذات الوقت يوضح الجانب الجميل فى الأنبا ماكسيموس ، وفقاً لجريد المصريون هناك حادثين أثرا فى فى ماكسيموس :
الحادث الأول كان في أحداث الخانكة عام 1972م حيث كان وقتها يخدم في إحدى كنائس شبرا حينما قررت الدولة إلغاء القداس الثاني بجميع كنائس القاهرة.
وقال إن الكنيسة قررت في ذلك الوقت أن يخرج جميع الكهنة والشمامسة في مسيرة احتجاجية حتى الخانكة وإقامة القداس الثاني على أنقاض كنيسة أحرقتها ما أسماها بـ "جماعات العنف المتأسلمة".
وأشار إلى أنه في ذلك اليوم بقي وحده بالكنيسة لاستقبال الشعب المسيحي ليعظ فيهم ثم قام بصرفهم، لافتًا إلى أن هذا الحادثة سببت له في هزة عنيفة من الداخل حيث كان يعايش تحولاً جوهريًا في مسيرة الكنيسة عن وصية المسيح وسلوكياته المعروفة للجميع بالمحبة والتسامح.
في حين حدثت الواقعة الثانية عندما تحدث مع ثلاث رجال من نيجيريا كانوا على نفس الطائرة التي يستقلها إلى بيروت، موضحًا أنه كان يتحدث مع أكبرهم سنا في أدب ولباقة عن تعليم المحبة المسيحي لجميع الناس، وإن الرجل أصغى إليه بصمت وذكاء حتى فرغ من كلامه وسأله : "هل أنت تحب محمد؟".
وأشار ماكسيموس إلى أن السؤال وقع عليه كالصاعقة، حيث قال إنه رأى لأول مرة في حياته ميراثًا من الطائفية داخل نفسه مما جعله لا يستطيع الرد على الرجل بنعم أو لا.
واستطرد قائلاً: دارت الدنيا برأسي وشعرت وقتها كأن الطائرة تهوي بي لأسفل ولم أفق من تلك الصدمة إلا في غرفتي بالفندق الذي أقيم به في بيروت حيث قمت وصليت متضرعًا للرب أن يغسل قلبي من التعصب والطائفية.
وقال إنه في هذه اللحظة حدثت له "معجزة" حيث استجاب الله له وغسل قلبه بالمحبة مما جعله يقول في سره: "نعم أحب محمدا"، لكنه لم يستطع أن يبلغ رأيه هذا للرجل النيجيري الذي وجه إليه التساؤل.
وأضاف أنه يردد دائمًا حينما يعظ المسيحيين في الكنيسة قوله: "نعم أنا أحب محمدا وأحب المسلمين وغير المسلمين على السواء"، معتبرًا أن غاية الأديان هي الوصول للرب، لكنه رأى التوحيد بين أصحاب الأديان هو من وحي من الخيال والوهم.
وقال إنه قرر إضافة اسم المسلمين في صلوات القداس فيما اعتبرها خطوة عملية للتعبير عن المحبة والاعتراف بالآخر ليس على أساس معتقدي بل إنساني، ورأى فيها مبادرة تاريخية غير مسبوقة.
http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?NewID=39522&Page=1
والخبر موجود فى عدة صحف ومواقع إليكترونية عديدة .
فى الحادثة الأولى يفضح مكسيموس سياسة شنودة المحرضة على الفتنة والتعصب وتسيس عمل الكنيسة .
وفى الحادثة الثانية نرى مدى الأخلاق النبيلة والشجاعة التى يتحلى بها نيافة الأنبا ماكسيموس ، التى تتجلى فى قوله البديع : " نعم أحب محمدا " رغم ميراثه الطائفى الذى يُعلمه التعصب للنصرانية والنظر لمحمداً صلى الله عليه وسلم على أنه مدعى .
قالها نيافة الأنبا ماكسيموس دون خوف وبشجاعة نادرة وبمحبة حقيقية لا تمثيلاً وإدعاء : نعم أحب محمداً .
ونقول لنيافة الأنبا ماكسيموس المبجل : ونحن أيضاً نحبك ونقدرك لأنك تُحب نبينا وتقدره وتحترمه .
نحبك لأنك تسعى لإزالة الكراهية والبغضاء من قلوب النصارى .
نحبك لأنك رجل عاقل لا تسعى لإثارة الفتن والإضطرابات ولا تستقوى بالخارج الأمريكى والأوروبى .
نحبك لأنك أنهيت عهد شنودة الثالث الذى لم يعرف فيه المسلمون والنصارى التآخى والتسامح والحب .
نحبك لأنك رجل ولست كوميدان أو مهرج أو صاحب مشروع سياسى أو داعى للانفصال بدولة مستقلة عن مصر .
نُحبك ونبغض شنودة الثالث ، فالفارق بينكما كالفارق بين السماء والأرض .
والله غالب على أمره .