مكتبات سوريا العريقة تعوّض «خير جليس» بالكنافة
دمشق- وكالات
تحت عنوان "نعوة فاضلة" نعت صحيفة "قاسيون" الأسبوعية السورية "بمزيد من الأسى واللوعة مكتبة "ميسلون" التي "تغمدها الله بواسع رحمته، وانتقلت إلى صحراء النشابية" وهي المنطقة التي تضم مستودعات المكتبة بعيدا في ريف دمشق.
وكانت "مكتبة ميسلون" الدمشقية العريقة محطة أساسية لمحبي القراءة والمثقفين طوال أربعة عقود، ولكنها باتت عاجزة اليوم عن مواصلة المسيرة فأعلنت افلاسها وعرضت محتوياتها القيمة للبيع.
وفي شارع المتنبي، على بعد شارعين من "مكتبة ميسلون"، مكتبة أخرى بدأت تلفظ أنفاسها هي "مكتبة اليقظة" المعروضة بدورها للبيع. فيما تحوّلت "مكتبة العائلة" في ساحة النجمة إلى صيدلية، أما "مكتبة الزهراء"، فقد تحوّل قسم منها إلى مقهى إنترنت...
وفي اللاذقية تحوّلت مكتبة "فكر وفن" إلى محلّ لبيع الأحذية المريحة بعد أن ضاقت الحال بصاحبها الشاعر منذر مصري.
وظاهرة الانقراض لم تقض على مكتبات دمشق فقط بل استشرت في أغلب المدن السورية العريقة واستهدفت أشهر مكتابتها التي أخذت تضمحل تدريجيا.
فقد تحوّلت المكتبات العريقة في مدينة حلب إلى محلاّت لبيع الألبسة والحلويات والمأكولات بعد أن كانت فيما مضى منهلا للكثير من المثقفين. فأحيلت مكتبة "عجان الحديد"، للأدب والتراث العربي إلى التقاعد، بعد أن بعد ظلت أكبر مكتبة في مدينة حلب طوال 220 سنة، وحلّ محلّها محلان لبيع الأقمشة وآلات الخياطة، فيما أضحت مكتبة "دار الفجر"، اليسارية الشهيرة، متجرا لبيع الكنافة.
ويبرّر محمد عجمان الحديد، مالك مكتبة "عجان الحديد" الشهيرة في حديث له مع "بي بي سي" هذا التحوّل الغريب الذي طرأ على مكتبات حلب بسبب تراجع حجم مبيعات الكتب، "فلا أحد اليوم يتكلم عن الكتاب، الكل مشغول بالطعام والشراب، 60 في المئة من بيوت حلب كان فيها مكتبات قيمة، لكنها تنقرض، الكثير من الورثة يسرعون للتخلص من مكتبات آبائهم وأجدادهم ببيعها بالكيلو فور وفاتهم".
وهذا الموت الثقافي طال المكتبات وأيضا محتوياتها، فحتى الكتب لم تجد من يشتريها، فقد بقيت كتب مكتبة "دار الفجر" مهملة سنوات منذ أن حوّلها وسيم صادق وارث دار الفجر إلى محل لبيع الحلويات عام 1994، لأن "سوق الثقافة مات، حسب تصريحه إلى "بي بي سي"، فكرنا مرارا بالعودة إلى بيع الكتب، لكن لا يوجد أي أفق، خفضنا أسعار الكتب بنسبة 70 في المئة ولم يشترها أحد".