يوسف العظم الغائب الحاضر
يوسف العظم الغائب الحاضر
الأستاذ يوسف العظم رحمه الله |
د. بلال كمال رشيد |
أثر فيّ نداء الأخت الفاضلة آفاق يوسف العظم في مقالها في جريدة السبيل (أعيدوا أمي) وهي صرخة حق تطالب به وزارة التربية والتعليم في أن يعيدوا نسبة نص أدبي إلى صاحبه ، ذلك النص الجميل الذي حفظناه صغارا ، وعلمناه لصغارنا كبارا ، وما زالت المناهج الدراسية في الدول العربية تتوارثه ، و تتناقله ، لأنه نص ناجح وصالح لكل زمان ومكان ، وهو يتحدث عن الأم بلغة سهلة عذبة رقراقة .
أما صاحب النص فهو يوسف العظم- رحمه الله - أستاذ جيل ، وعالم جليل ، وأديب مبدع ، لم يكن نكرة ،بل كان علما بارزا من رجال الأردن الأوفياء ، كان شاعر الأردن كما كان شاعر الأقصى ، كان شاعر الكبار كما كان شاعر الصغار، كان مفكرا وقائدا تربويا وسياسيا ، عرفه الأردنيون معلما ومديرا ونائبا ووزيرا ، وهو الذي بذر ونثر بذور المناهج الإسلامية ، ولا يمكن لمثلي أن يأتي بتعريف مثله .
فكيف يمكن للتكريم والجحود أن يلتقيا في كتاب مدرسي، كيف يمكن للتكريم في إحياء نص مرة أخرى في إعادة نشره في المناهج الجديدة، أن يلتقي مع الجحود في نسبة النص إلى غير صاحبه ؟!!!
بل يكون الجحود أكبر عندما تراجع ابنة الأستاذ يوسف العظم إدارة المناهج لتصحيح الخطأ ولا يصحح، ويبقى الخطأ على حاله، بل يصبح الخطأ جحودا ونكرانا يستوجب كلمة القضاء.
إن الأطفال الصغار يحفظون القصائد مع أسماء شعرائها ، لقد حفظوا قصائد سليمان العيسى مع اسمه ، فكان اسمه يشكل قفلة وختاما لتلك القصيدة أو الأنشودة ، فكيف يحفظون القصيدة الآن مع اسم آخر غير صاحبها ؟!!سيكبر الصغير يوما ويبقى حافظا لتلك القصيدة مع صاحبها غير الشرعي !!
إن القوم ينادون بحقوق الملكية الفكرية للأشرطة، والأغاني الهابطة وغيرها، أفلا ننادي ونحمي الحقوق الفكرية لرموزنا الفكرية ؟!!
لقد كبرنا مع أناشيد يوسف العظم ، وكبرنا به ،وهو يقودنا إلى التأمل في الطبيعة ، وفي الإنسان وفي ملكوت الله ، وها نحن – اليوم – نتأمل متحسرين نكرانه وحرمانه من أبسط حق من حقوقه !!!
إن يوسف العظم يستحق من الأردن تكريما يليق بمقامه وعطائه ، فحري بوزارة الثقافة أن تعيد نشر كتبه أو بعضها ضمن مشروعها ( مكتبة الأسرة ) ، وحري بوزارة التربية والتعليم أن تدرج قصائده في مناهجها ، وحري بأمانة عمان أن تسمي صرحا حضاريا أو شارعا باسمه ؛ ليخلد اسمه وذكراه ، وحري بنا جميعا أن نبكيه ؛ لأننا نبكي فيه رجالا عز نظيرهم ‘ حري بهذه الجهات أن تقول فيه كلمة الوفاء ، لا أن ننتظر كلمة القضاء .