سيناريو الإرهاب الأميركي المقبل
سيناريو الإرهاب الأميركي المقبل
محمد محمد البقاش - طنجة
منذ مدة قصيرة كنا قد سمعنا بتوسيع الحلف الأطلسي لمواجهة الأخطار الأمنية، وتقرر إشراك دول الساحل والصحراء فتشقلبت دول كالمغرب في طنجرة التوسيع تحركها ملعقة أمريكية تقطر بدم الأبرياء من الأفراد والشعوب في كل العالم.
وبعد ذلك اجتمعت وكالة الاستخبارات الأمريكية والإف بي آي F.B.I مع الكونغرس الأمريكي لتدارس الخطر الأمني المحدق بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد تم التصريح بأن أمريكا ستشهد بشكل مؤكد خلال ستة أشهر من العام الجاري هجوما إرهابيا من القاعدة، وأن الهجوم لن يشبه هجوم 21 شتنبر لسنة 2001.
وعند الحديث عن الميزانية الأمريكية لسنة: 2010 التي تحددت في 3،6 تريليون دولار أعلن أن العجز المتصاعد في ميزانية الولايات المتحدة الأمريكية والذي وصل حين الإعلان عن الميزانية 1،6 تريليون دولار؛ يمكن أن يشكل تهديدا للأمن القومي الأمريكي، هذا مع سيمفونية معاقبة إيران لحمايتها من أي عمل عسكري أوروبي إسرائيلي..
إن المتتبع لفشل الولايات المتحدة الأمريكية داخليا (أي في أمريكا) وخارجيا يدرك بما لا يدع مجالا للشك أن هذه الدولة لا تحتاج إلا إلى إعلان انهيارها، أو على الأقل ضمورها وإزاحتها عن قيادة العالم، فهي دولة مفلسة دوليا تعيش على معاناة الآخرين، وتمارس اللصوصية بعدما قننتها وشرعنتها، فقد ظهر فشلها في كل من العراق والصومال وأفغانستان..
أخفقت أيضا في احتواء الصين باستغلال قضية الكوريتين، وتخفق اليوم في مساعداتها العسكرية لتايوان والتي أغضبت الصين لدرجة أن دعا بعض كبار الضباط بإيقاع عقوبات اقتصادية على الولايات المتحدة الأمريكية ولهم في ذلك قدرة كبيرة على التأثير، ولن تتأثر هي (أي الصين) بأية عقوبات يمكن أن تسعى إليها أمريكا إلا كما يتأثر ماء البحر بالبخْر، فللصين اليوم 2 تريليون دولار من احتياطي العملة الصعبة، واقتصادها ينمو بسرعة، كما (أخفقت) (أي أمريكا) مؤقتا في نشر الذراع الصاروخية في أوروبا الشرقية وتحديدا في بولونيا بسبب وقوف روسيا جديا ضد مشروعها فـ(أفشلته) وأعلن أوباما خداعا من أجل التهدئة في 17/9/2009 قراره التخلي عن نصب قواعد صاروخية في بولندا ومنصات للرادار في الجمهورية التشيكية، ووضع مكانه منظومة دفاعية صاروخية أخرى أقوى في بعض جوانبها من نظام الغبي بوش، اختار له قالبا ليكون أقل استفزازا، وزاد من حدة الموقف العدائي الروسي للولايات المتحدة الأمريكية؛ العقيدة العسكرية الجديدة التي تقول: بأن أمريكا عدوة لروسيا من الآن حتى 20 سنة القادمة .
وللإشارة فإن أوفاما ما هو إلا امتداد لبوش، ولكنه ليس صورة طبق الأصل، ما هو إلا امتداد لسياسة الجمهوريين التي لم تحقق ما انتهجته في ولايتين اثنتين لبوش، أوفاما جيء به ليمارس القوادة السياسية ويمكيج شيئا ما وجه أمريكا المشوه عالميا، وأنى له ذلك وسط قناعات لا سبيل لإزالتها إلا بذهاب جيلها كاملا لأن أوفاما المخادع قد انكشف خداعه وافتضح أمره منذ فوزه بالانتخابات الأمريكية التي كانت إسرائيل ساعتها تقتل وتذبح الأطفال والنساء في غزة وهو رئيس منتخب يستطيع إيقاف الجرائم الإسرائيلية بتصريح واحد لو أراد، ولكنه أبى إلا أن يتفرج ليؤكد ساديته هو الآخر قبل أدائه القسم، فقد سُمح بمجيئه لإنقاذ الولايات المتحدة الأمريكية من السقوط والانهيار، وأنى لمهرج مثله أن ينقذها، ولكن في غياب المنافس الجاد في الموقف الدولي تبقى الطاغية على طغيانها..
لقد باشرت أمريكا القيام بأعمال إرهابية نسبتها إلى غيرها كأحداث 21 شتنبر 2001 حتى تشرعن لنفسها وللأوروبيين وليس للعرب الذين لا تقيم لهم وزنا إلا بحسب ضبط شعوبهم ومنعها من القيام بأعمال ضدها، أقول: شرعنت تدخلها بمعية بريطانيا في بلدان الغير فدمرت العراق ولم تدمر منشآته النفطية، ثم احتلته، وضعت يدها على طاقته البترولية لأنه قد كان هدفها في السابق دون تدمير العراق، ولكنها اضطرت إلى تدميره بسبب وجود مقومات النهضة العلمية فيه، وبسبب أحلام اليقظة كالشرق الأوسط الجديد، وبسبب حقد شخصي من أبوي بوش..
وها هي ذي الآن تهيئ الرأي العام المحلي (في أمريكا) والعالمي لقبول ما ستقوم به من إرهاب جديد تنسبه إلى غيرها، وليس هناك أحسن من مشجب القاعدة، لقد بدأت تستعمل تلك الورقة، وشرعت تحرك جنودها للقيام بعمل عسكري (حاسم) في أفغانستان، تريد قتلى أضعاف أضعاف ما فعلت في سنة 2009 إذ قتلت 700 مدني في أفغانستان وحدها (هي عاملة في المشروع) علما بأنها قد تلقت الضربات الموجعة، وتورطت في مستنقع لا سبيل إلى الخروج منه إلا بهزيمتها، هذا إذا نجا جنودها من الدفن تحت ثرى أفغانستان.
لا تحظى أمريكا اليوم بتأييد معتبر، ولا سبيل إلى مقولة الغبي بوش: "من ليس معنا فهو ضدنا"، فقد باتت مكشوفة، فالأوروبيون واعون على سياستها، وواقعون تحت ضغوط الرأي العام في بلدانهم، وما مساءلة السفاح طوني بلير بشأن غزو العراق إلا سياسة أكثر إعاقة حتى لا تندفع بريطانيا ومعها أوروبا إلى حرب أخرى علما بأن الحرب بعيدة لأنه لا دولة مرشحة لخوض الحرب معها بما في ذلك إيران، يبقى القول أنه لا داعي للتورط في قتل المدنيين الذي لا بد منه في ثقافة أمريكا وجنود أمريكا لأنهم ينتشون بذلك أيما انتشاء فهو نصرهم.
والسؤال المطروح هو:
ــ أي الأمكنة ستكون مسرحا لجرائم أمريكا المقبلة؟
بالنظر إلى الدول العربية وإمكانية اختيارها مسرحا لجرائم أمريكا القادمة يبدو أن الأمر بعيد، ولكنه يقع في المدى المنظور، فليبيا وإن باتت خارج هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية المباشرة غير أنها مرشحة لتكون تحت الهيمنة المباشرة، ولكن بريطانيا لها بالمرصاد لأنها (أي بريطانيا) لا تقبل بهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية المباشرة على ليبيا ووضع يدها على طاقتها النفطية، فإذا قررت أمريكا ذلك فالسبيل إليه ليس ليبيا مباشرة، بل مصر، وذلك بافتعال حرب مع إيران تتزعمها مصر المطواعة التي لاستواء ظهرها للركوب قبلت أمريكا بأسرة مبارك (جمال مبارك) لخلافة حسني مبارك لتحفظ كمبد ديفيد ولتسخرها تسخير الدواب ولا قيمة للديمقراطية التي لن تأتي بالبرادعي الأمريكي غير المصطفى من قبل أمريكا، ولا بأيمن نور الأوروبي ـ البريطاني ـ، ولكن الأمر بعيد هو الآخر؛ (أي الحرب على إيران) غير أنه في الممكن، وفي المدى المنظور أيضا خصوصا إذا تزامن ذلك مع تغيير الحكم في اليمن، لأن اليمن مهم جدا في الحرب الأمريكية الأمريكية، وأمريكا جادة في أخذه، وهي رغم فشلها لا تزال تعمل من الجنوب لفصله عن الشمال ومنه ستنطلق إلى أخذه كاملا، فبتغيير الحكم في اليمن يتغير الحكم في السعودية ويقسمها إلى دولتين، دولة علمانية تضع يدها على الطاقة النفطية، ودولة (دينية) تضع يدها على المقدسات الإسلامية، فاليمن بعميل أمريكي سيشعل حربا يمنية سعودية تحت مسمى الشيعة والتشيع وتدخل إيران على الخط أكثر مما هي داخلة الآن بالحوثيين الذين يتحركون حسب الطلب سواء بدعم عسكري أو بمساعدات أخرى، وتدخل مصر والدول العربية السنية في الحرب، ويعلن الملك عبد الله أو أي ملك بعده إذا غاب عبد الله عن ساحة الحكم بموت أو مرض أو إقصاء، أقول: يعلن الجهاد المقدس كما أعلنه فهد سابقا على السوفييت، ولن ينعت حينها تصريحه بالإرهابي، ولن يدخل في خانة التحريض على الإرهاب لأنه سيكون مقصودا للولايات المتحدة الأمريكية، وهل يعني هذا أن أمريكا لا تستهدف تغيير الحكم في السعودية؟ كلا، ولكنها لم تخترها الآن علما بأنها في أجندتها منذ حرب الخليج الأولى، وهي تنظر إلى نتائج التغيير، فتغيير الحكم ليس مهما، وهو في متناولها، بل التغيير المستهدف هو تغيير النمط الحياتي المستهدف بإلهاء المنطقة وإشغالها بالحروب والانقسامات لتكريس استغلالها، وتكريس الحضور اليقظ فيها منعا لأي التحام أو عودة إلى الاندماج في الحياة الحضارية التراثية خصوصا بعدما صار الإسلام مطلبا للعرب والمسلمين وبديلا لكل أنواع الأنماط الحياتية سواء كانت علمانية أو اشتراكية أو غيرها.
وبالنظر إلى سوريا فسوريا رغم وقوعها ضمن ما يسمى بالممانعة، فإن تلك الممانعة مجرد بروباكندة، فهي وجه آخر يُحتفظ به لتغيير الواقع في الشرق الأوسط، فإذا جدت سوريا في استرجاع الجولان، وإذا جد العرب في استرجاع فلسطين كلها أو جزء منها فيما يسمى بحدود 1967 فإنه هو الذي يمكن أن يشعل حربا بين سوريا وإسرائيل لتحقيق ذلك، ولكن الحرب غير واردة الآن، ولا في ولاية أوفاما الأولى لأن الحرب ستكون حربا مرسومة إلا إذا دخل جديد على الخط وغير وجه البلد الذي قام فيه، عندها يمكن اندلاع حرب غير مرسومة وغير مقدر نتائجها..
وبالنظر إلى المغرب العربي فقد أدخل ضمن دائرة الهيمنة الأمريكية غير المباشرة منذ زمن بعيد ولم يزل فيها في إطاره العام وذلك منذ عهد الاتحاد السوفيتي، فهو ضمنها في عمومه، ولكنه تفصيليا ضمن النفوذ الأوروبي وخصوصا بريطانيا وفرنسا حتى إشعار آخر..
وبالنظر إلى أوروبا فهذه الأخيرة لا تقبل في الظروف الراهنة أي حرب إلا الحرب على إيران التي تسعى أمريكا لجعلها دولة نووية لتتخذها ذريعة لنصب صواريخ نووية في بلادنا حتى تردعها عن أطماعها في المنطقة وتوقفها عند حد مرسوم لها، وتشرف من خلال القواعد النووية على كل المنطقة، فهي تسخرها وتستعد لمواجهتها إن اقتضى الأمر، ولكن أمريكا لا تقبل بالحرب على إيران في الظروف الراهنة لعمالة هذه الأخيرة لها منذ الخميني إلى خمنئي، ولذلك تفضل أمريكا كل عمل أوروبي لا يدفع بالحرب على إيران، أما العقوبات الاقتصادية فهي التي تلوح بها وتتخذها أداة لصرف الأوروبيين عن ضرب إيران، تفعل ذلك لتهيئة إيران لدور قذر ستقوم به نيابة عنها فيما يسمى بالحرب السنية الشيعية، ولكن بعد حين، ويتجلى شيء من ذلك فيما مضى في اجتماع "جليلي" مع "بيرنز" في جنيف، وزيارة "متكي" لواشنطن في الوقت نفسه بعد أكثر من ثلاثين عاماً، تغير الموقف الإيراني العنيد الذي ظل لأكثر من أربع سنوات فأدّى هذا التغير إلى (إقناع) الأوروبيين بالقبول به والعودة إلى جولات جديدة من المفاوضات مع إيران والتي ستسغرق سنوات وسنوات الغرض منها إبعاد شبح الحرب على إيران والذي لا تقبل به أمريكا في الظرف الراهن.
إن أوروبا منشغلة بالأزمة الاقتصادية التي كانت في بدايتها طبيعية تعني أمريكا وحدها فتقرر تصديرها إلى العالم ونجحت (أي أمريكا) لدرجة أن أفلست شركات وأغلقت أبواب أخرى وانهارت أسعار وانتحر أفراد وصل في مصر 21 منتحر بسبب الأزمة الأمريكية ولا يهم، فأمريكا تبحث عما يمنع سقوطها بأي وسيلة.
أوروبا في أفغانستان، وأمريكا تريد وجودا أكبر، تريد تسخيرا كبيرا لجيوشها لتتحمل معها تبعات الحرب على جميع الأصعدة، ولكن أوروبا غير قادرة الآن على السير معها كما تريد (أي أمريكا)، فالمجرم طوني بلير يحاسب في هذه الأيام على مشاركته أمريكا في حربها على العراق، وربما يحاسب آخرون من أوروبا، وعليه فمن المستبعد أن تستجيب أوروبا لأمريكا كما استجابت لها سابقا، يبقى حملها على الاستجابة، ولكن كيف؟
قد تعمد أمريكا كما افتعلت (أحداث 21 شتنبر 2001) في بلاد غيرها (بلاد الهنود الحمر) إلى القيام بعمل إجرامي خبيث تستهدف به المدنيين والمنشآت المدنية أو العسكرية، ثم تنسبها إلى القاعدة أو طالبان سواء كانت طالبان أفغانستان أو طالبان باكستان، وعندها لا يسع أوروبا إلا أن تستجيب مرة أخرى لحرب أمريكا على (الإرهاب) في أفغانستان وباكستان، عندها تنجح أمريكا في حمل الأوروبيين على الاستجابة لها مكرهين دون أن يقووا ولوا فطنوا لفعلتها الخبيثة؛ على ذكر جريمتها وفضحها، لا يمكن ذلك من طرف الدول والحكومات الأوروبية، صحيح أنه قد يصرح بذلك ساسة مستقلون، ومثقفون أحرار، ولكن الغاية ستكون قد تحققت.
يبقى موضوع أفغانستان وباكستان.
إن الحرب على أفغانستان وحسم المعارك مع القاعدة وطالبان أفغانستان وطالبان باكستان ولو بالسلاح الكيميائي والنووي المجرب على أفغانستان سابقا لن يحسم المعركة بسبب التركيبة السكانية والأنظمة القبلية التي يصعب التعامل معها بمنطق الرشوة وشراء الذمم..
وتبقى باكستان.
فالسلاح النووي الباكستاني فيها معرض للوقوع في يد غير عميلة لأمريكا والغرب، والجيش الباكستاني متذمر من حرب الوكالة التي تنتهجها أمريكا لبلده، وهو واع عليها خصوصا الضباط الكبار غير الذين تستعملهم أمريكا استعمال الطباخ للملعقة، وواقع الشعب الباكستاني من حيث الأفكار والمفاهيم والتركيبة السكانية والأنظمة القبلية جزء من أفغانستان لأنهما شعبان مسلمان لم ينجح الغرب إلى الآن في تذويبهما في الحضارة الغربية.
الشعب الباكستاني والضباط الغيورون والجنود البواسل ممن يرفضون الهيمنة الأمريكية والحرب بالوكالة يشكلون خطرا حقيقيا على أمريكا بحسب تفكيرها الذي يخشى بروز قوة في العرب والمسلمين تحول بينها عمليا وبين طمعها وهيمنتها..
يبقى أن يُضرب الشعب الباكستاني بما فيه ضباطه وجنوده البواسل عن طريق شن حرب على طالبان باكستان، تشن الحرب برا وجوا من طرف باكستان وأمريكا فتلحق خسائر فادحة في الأرواح وتمتد لملاحقة الضباط والجنود الذين يمكن أن يعلنوا رفضهم لها، وكذلك المدنيين وكل فئات الشعب (الحرب قائمة ولكن بوتيرة ضعيفة يغلب عليها الارتباك والحذر)، وفي خضم ذلك تقوم أمريكا بأعمال قذرة كديدنها فتستهدف مدنيين آمنين خارج جبهة القتال وتلحق بهم ضررا بليغا في الأرواح أكثر مما فعلت في السنة الماضية دون أن يكون لهم صلة بالحرب لتعلن أن القاعدة وطالبان باكستان أو طالبان أفغانستان هم الذين استهدفوا المدنيين لتخلط الأوراق وتكون بذلك قد هيئت لنفسها قاعدة أكبر في باكستان تتستر عليها شيئا ما وتكون قريبة من السلاح النووي وربما تسيطر عليه وتباشر الإشراف على المنشئات النووية بشكل سري.
هذه سيناريوهات الجريمة الأمريكية التي أعلنت عنها وكالتها الاستخباراتية والإف بي آي F.B.I في حضرة رجال من الكونغرس الأمريكي، وقد فهمنا من ذلك التصريح أنه مقصود، ولذلك حملناه محمل الجد وبحثنا له عن مكان فكان المكان عدة أمكنة نصطفي منها مكانا واحدا، ترى ما هو؟ وأين هو؟