فنون تنفيذية عملية في تجاوز العيوب الزوجية

فنون تنفيذية عملية

في تجاوز العيوب الزوجية

جمال سعد حسن ماضي

[email protected]

1- التفاهم على العيب :

بمعرفة طباع بعضهما ، وتحرى رضا الآخر ، وعدم رفع الصوت أو الإلحاح في طلب ما فوق القدرة ، وفن الاعتذار عند الخطأ ، وتقبل اعتذار الآخر ، واختيار مواطن البهجة فى التزين وحسن الاستقبال , خاصة عند عودة الزوج من العمل ، وحصر العيوب بين الزوجين وعدم نشرها أو إذاعتها خارج البيت .

2- المواجهة العملية للعيب :

لغة التنفيذ هى العمل ، ومواجهة العيب تكون بخطوات عملية من الزوجين معاً , نلخصها في التالي :

ـ الاتفاق على تنظيم الدخل المادى للمنزل , وبأسلوب إدارته ، إما بيد الزوج أو الزوجة أو مناصفة بينهما .

ـ الاتفاق على أسلوب تربية الأولاد , بتحديد الأدوار , وعدم القفز عليها من أحدهما , أو اللامبالاة فيها .

ـ الاتفاق على أسلوب إدارة المنزل , وعدم الصراع لإثبات قوة وتسلط أحدهما على حساب إهمال الآخر .

ـ الاتفاق على عدم إثارة الآخر , أواللجوء إلى الصمت أو الدموع أو النظرة العاتبة , حتى لا يصلا إلى حد الاستفزاز .

3- التأسى بالأسلوب النبوى :

كيف كان يواجه النبى صلى الله عليه وسلم العيوب فيفتتها وهى فى مهدها ؟

وما هى الأساليب النبوية فى مواجهة العيوب ؟

وكيف يتجاوز الزوجان العيوب إلى غير رجعة ؟

أولاً : أسلوب الابتسامة والدعابة :

ـ عن عائشة رضى الله عنها قالت : دخل علىّ يوماً رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : أين كنت منذ اليوم ؟ قال : [ يا حميراء كنت عند أم سلمة ! ] فقلت : ما تشبع من أم سلمة ؟ قالت : فتبسم

ـ ثم قلت : يا رسول ألا تخبرنى عنك لو إنك نزلت بعدوتين إحداهما لم ترع والآخرى قد رعيت أيهما كنت ترعى ؟

قال : التى لم ترع ، قلت : فأنا لست كأحد من نسائك كل امرأة من نسائك كانت عند رجل غيرك ، قالت : فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ثانياً : أسلوب التغاضى

يروى أنس أن النبى صلي الله عليه وسلم , كان فى بيت عائشة فجاءت زينب فمد يده صلى الله عليه وسلم إليها , فقالت عائشة : هذه زينب ، فكف النبى يده ، فتقاولتا ( ارتفع صوتهما ) وأقيمت الصلاة ، فمر أبو بكر على ذلك فسمع أصواتهما , فقال : اخرج يا رسول الله إلى الصلاة , وحث فى أفواههن التراب , فخرج النبى صلى الله عليه وسلم ، فقالت عائشة : الآن يقضى النبى صلى الله عليه وسلم صلاته ، فيجئ أبو بكر فيفعل بى ويفعل , وبالفعل : يأتى أبو بكر ويقول لها قولاً شديداً , وقال : أتصنعين هذا .

وكان موقف النبى صلى الله عليه وسلم , أن تغاضى عنهما , وخرج منصرفاً إلى صلاته .

ثالثاً : أسلوب الحوار والإقناع

ـ ( عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلي الله عليه وسلم خرج من عندها ليلاً , قالت : فغرت عليه , فجاء فرأي ما أصنع , فقال : ما لك يا عائشة أغرت , فقلت : ومالى لا يغار مثلى على مثلك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد جاءك شيطانك , قالت : يا رسول الله أومعى شيطان ؟ قال : نعم ، قلت : ومع كل إنسان ؟ قال : نعم ، ومعك يا رسول الله ؟ قال : نعم , ولكن ربى أعاننى عليه حتى أسلم ) رواه مسلم .

ـ وتروى صفية أم المؤمنين : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبغض الناس إلى قتل زوجى وأبى وقومى ، فمازال يعتذر إلىّ ويقول : يا صفية إن أباك ألب علىّ العرب وفعل وفعل ، حتى ذهب ذلك من نفسى ) .

رابعاً : أسلوب التناصح بالتذكير

خاصة فى حال تقصير أحد الزوجين فى الحقوق ، عن عائشة , قالت : قلت للنبى صلى الله عليه وسلم : حسبك من صفية كذا وكذا ( تعنى قصيرة ) فقال : [ لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته ] رواه الترمذى .

خامساً : أسلوب التحقق قبل إصدار الحكم

فبدلاً من ملأ الدنيا بعيوب أحد الزوجين ، ثم يتضح عكس ذلك ، بعد هدم الكثير من المعانى الجميلة والأيام الحلوة ، كان الأسلوب النبوى فى التثبت من الشكوك ، والتريث والتروى , والتحقق قبل إصدار أى حكم من أحد الزوجين على الآخر ، ومثال ذلك فى حادثة الإفك التى عصفت بالبيت النبوى , فاستعمل أسلوب التحقق والتثبت , حتى نزلت البراءة من السماء .

4 – فن التعامل مع نتائج العيب ؟

قد يكون أقرب سؤال يأتى إلينا فى الدورات من الزوجين معاً :

( ماذا أفعل إذا لم أنجح فى إصلاح العيب ؟ )

وهذا ما يجعلنا نتفق أن نتائج التعامل مع العيب , بشرط استيفاء فنون النصح , والاجتهاد التام في تنفيذها , هى ثلاثة :

1-  اختفاء العيب تماماً

2-  أو التخفيف من العيب

3-  أو التعايش مع العيب

ومن فنون التعايش مع العيب بين الزوجين :

1ـ ليس العيب فى وجود العيب ، ولكن العيب فى عدم معرفة التعامل مع العيب ، بشكل صحيح ، أو إهمال العيب بعد معرفته ، بحجة أن الزمن جزء من العلاج دون أن نفعل معه شيئاً .

2ـ المبادرة فى التعامل مع العيوب بفنون التناصح ، حتى لا تتراكم العيوب وتتحول إلى مشكلة ، نندم من أننا جعلناها تتفاقم وتتعاظم ، والمبادرة لا تعنى التسرع ، وإنما بالتروى والهدوء , حتى يتم تصفية النفوس ، والتقاء القلوب .

3ـ الرفق ثم الرفق ثم الرفق ، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم , لأم المؤمنين عائشة , وهو ينصحها : [ ما دخل الرفق فى شئ إلا زانه ، وما نزع من شئ إلا شانه ] ، فالرفق زينة البيوت ، وحلاوة الحياة الزوجية .

4- لا نهول العيوب ولا نهون منها ، بل نتعامل معها بحجمها ، لنتعايش فى ظلها ، ونحتفظ بمشاعر الحب والمودة ، { فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيراً كثيراً } النساء : 19 .

5ـ التماس العذر للطرف الآخر ، والتسامح فيما بينهما ، وأن خيرهما من يبدأ بالسلام ، بدلاً من التقاطع والتدابر والخصام .

6ـ انتقاد العيب وليس الشخص ، فهناك فرق كبير بين : ( أنت لا تعرفين الطبخ ) و ( هذه الطبخة ناقصة ملح ) .

7ـ التوازن بين السلبيات والإيجابيات ، فكما أن فى الطرف الآخر عيباً ففيه من الإيجابيات ما يشجع على التغاضى , والتعايش معه فى ظل العيب الذى يعالج بالتدريج , وعلى سنوات .

8ـ عدم إرهاق الآخر بما ليس فى استطاعته ، أو استفزازه بعيبه ، أو إذاعته , أو إتعابه  , ظناً أن فى ذلك طريقاً للحل ، بل هو طريقٌ للتعقيد .

9ـ الصلاة والدعاء , وتفويض الأمر إلى الله , مع المحاولات المبذولة ، وهو الأمر الذي يجعل هداية الله قريبة , لإزالة أعتى العيوب .

10 ـ قبول كل طرف للآخر على ما هو عليه ، وعدم استعجال النتائج ، أو اليأس من محاولات العلاج ، والاستعانة بالله على ذلك وعدم العجز ، حتى لا تهدد الحياة الزوجية بالطلاق العاطفى .