رداً على الحلاف المهين

الذي كذّب رب العالمين وافترى على الحور العين

محمود القاعود

 [email protected]

ابتلى الله الأمة الإسلامية بشتى صنوف الابتلاءات ، حتى وصل الابتلاء للدرجة التى يتحدث فيها السفهاء ليخوضوا فى آيات الله دون علم أو دراية ، أو حتى دون أن يعرفوا القراءة أو الكتابة !

بتنا ننام ونصحو على أقوال السفهاء الذين يدعون التجديد والواقعية والعصرية والحداثة والتحرر والتفكير بعقلية القرن الحادى والعشرين ... إلخ تلك الترهات والأكاذيب السمجة .

تفكير هؤلاء السفهاء يدل على مدى الخلل الذى أصاب عقولهم ، وما تخطه أقلامهم يدل على مدى العبث والاستهزاء بعقول الناس .. فتجدهم يطرحون سفاهاتهم وكأنها نصوصاً مقدسة لا يجوز الاعتراض عليها ، أو مناقشتها !

لقد أذهلنى ما قرأته فى إحدى الصحف الهزلية – جريدة الدستور المصرية بتاريخ 14/8/2007م -  لأحد المغمورين الذين يسعون للشهرة بأى ثمن ، ولو كان الإلحاد هو ثمن هذه الشهرة ، أو كما يقول الشاعر العربى :

تزندق   معلناً   ليقول قوم          من   الأدباء   زنديق ظريف

فقد بقى التزندق فيه وصما          وما قيل الظريف ولا الخفيف

وقد عرّفت الجريدة هذا المدعى الأفّاك الأثيم بأنه " الباحث فى الدراسات الإسلامية " ! وبمجرد أن رأيت هذا التعريف عرفت فوراً أنه أحد من يطعنون فى الإسلام ، إذ أن موضة هذه الأيام أن من يطعن فى الإسلام يُطلق عليه " الباحث فى الدراسات الإسلامية " !

الموضوع بعنوان " الحور العين " وقد أفردت له الصحيفة صفحة كاملة ، وكأنها أتت بالذئب من ذيله وفتحت عكا وحرّرت القدس !

يتضح من الموضوع أن كاتبه لا يفهم أى شئ على الإطلاق ، بل إنه مجرد سفيه يُفتى فيما لا يعلم ويتحدث فيما لا يعى .

يقول فض الله فاه :

" المنطلق الأساسى فى التعامل بين الرجل والمرأة يبدأ من المفهوم الجنسى الذى انسحب على فهمنا للدنيا وفاض على تصوّرنا للآخرة فصرنا نرى الاستمتاع الدنيوى وحده المقياس والحكم على الاستمتاع فى الآخرة "

ونقول : من قال لك أيها الجهول أن أحداً يزعم أن الاستمتاع الدنيوى وحده هو المقياس والحكم على الاستمتاع فى الآخرة  ؟

ألم تقرأ قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .. ينعم فلا يبؤس ، ويحيا فلا يموت ، لا تُبلى ثيابه ولا يفنى شبابه .. نور يتلألأ ، وريحانة تهتز ، ومقام فى أبد ... " ؟؟

فلماذا تدعى أيها الجهول أن الناس تحكم بمقياس الدنيا على الآخرة ، والرسول يُخبرنا بأن فيها ما لا يعلمه أحد ولا يخطر على قلب بشر ؟!

ويقول الجهول :

" وأنا لا أسعى لهدم قراءة الآخرين للقرآن الكريم ، ولا أقول إنها قراءة خاطئة ولكنى أعتقد أن آيات القرآن الكريم تحتمل أكثر من رؤية فى الفهم قد تكون كلها أو بعضها صحيحا إلا أنه لا يجب أن نحصر الآيات فى فهم واحد نأخذه من ظاهر ألفاظ الآيات ، ولذلك أحاول جاهداً بناء منهج جديد فى التفاعل مع كتاب الله ، خاصة أن القرآن يُوجه دارسه إلى تنزيل الآيات على قلبه تنزيلاً ذاتياً ، يقول تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ " ( المائدة : 101 ) وذلك حتى يتفاعل الفرد مع القرآن تفاعلا سليما ويتحمل هو مسئولية قراءته وفهمه وتطبيقه للقرآن "

قلت : أنت لا تحاول بناء منهج جديد ، بل تحاول إصدار تشريع جديد أملاه عليك الشيطان الرجيم ، لتعبث بآيات الله سبحانه وتعالى ، وتُؤلها وفق مزاجك المريض ، والآية الكريمة التى ذكرتها لا تعنى ما ذكرته على الإطلاق ، فهى خطاب للمؤمنين الذين كانوا يسألون النبى أسئلة يكون جوابها لا يروق لهم ، فنبّههم القرآن الكريم لذلك ، أما قولك أنه توجيه إلى تنزيل القرآن على القلب تنزيلا ذاتيا ، قلت : هات برهانك إن كنت من الصادقين .

ويواصل الجاهل افتراءه :

" صور لنا بعض المفسرين جنة الخلد على أنها متاع جنسى للرجال دون النساء وأن العلاقة بين الزوجين علاقة جنسية لا غير ، واعتبروا أن استمتاع الذكر الجنسى يستمر فى جنة الخلد دون حق الأنثى فى الاستمتاع الجنسى كذلك  ، مع أن هذه المفاهيم تناقض القرآن فإذا أعطى الله تعالى للذكور حوريات فى الجنة فما هو نصيب الإناث ؟ ونرى فى القرآن آيات كثيرة تُوضح أن الجنة ونعيمها وحتى النار وعذابها ليسا وقفا على الذكور كما فى آيات سورة الواقعة  8- 10 ، فالآيات تتكلم عن أصحاب الجنة " أصحاب الميمنة " و " السابقون " ، وأصحاب النار " أصحاب المشأمة " وهم يشملون الذكور والإناث ، فالقرآن الكريم يستعمل الألفاظ بحق حتى ترتقى بمدى معرفتنا فى الكون " .

قلت : نتحداك أيها الجهول أن تأتى بمفسر واحد فقط قال بما تدعيه أنت .. أى تفسير هذا الذى قال أن الجنة للرجال دون النساء ؟ وأى تفسير قال أن العلاقة بين الزوجين علاقة جنسية لا غير ؟! أى مفسر قال أن استمتاع الذكر الجنسى يستمر فى جنة الخلد دون حق الأنثى فى الاستمتاع ؟؟

إن الجنة بها مالا خطر على قلب بشر ، وقد اتفق أهل العلم أجمعين على أن أعظم متعة تحصل للإنسان فى الجنة هى النظر إلى الله تعالى  ، يقول الحق سبحانه وتعالى :

" وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ " ( القيامة : 22- 23 ) .

فمن قال أن متع الجنة محصورة فى الجنس ؟؟

وأراك تتساءل أيها المجهول فتقول : ما هو نصيب الإناث ؟

ألم تقرأ قول الحق سبحانه وتعالى :

" فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ " ( آل عمران : 195 ) .

 " وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا " ( النساء : 124 ) .

" مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " ( النحل : 97 )

" مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ " ( غافر : 40 ) .

ونستخلص من هذه الآيات الكريمات أن الله أعد للذكر والأنثى الحياة الطيبة ، فإذا كان أعد للذكر الحور العين للاستمتاع ، فحتماً أعد للأنثى ما يُماثل ذلك مصداقاً لقول الحق سبحانه وتعالى " ولا يظلم ربك أحدا "

لذلك فالمرأة المتزوجة التى عملت صالحاً ودخلت الجنة ستكون برفقة زوجها إن كان من أهل الجنة مصداقاً لقول الحق سبحانه :

((رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )) ( غافر : 8 )

وقال أهل العلم أن المرأة التى لم تتزوج سيزوجها الله برجل من أهل الجنة .

ويُواصل المأفون قوله :

" آيات القرآن الكريم لم تتكلم عن " التنفس " ، "  الإخراج " ، " النوم " فى الآخرة ، كما أن الآيات ذكرت الأكل والشراب لأهل الجنة وأهل النار أيضاً ، والسؤال لماذا يتم ذكر الجنس لأهل الجنة ولا يتم ذكره لأهل النار ؟ ، إن ورود الأكل والشراب تكمن أهميتها فى إمداد الإنسان بالطاقة الضرورية للبقاء وهما يختلفان عن أكل وشراب الدنيا حيث لا توجد فضلات كما تختلف نوعية الجسم والحياة ، أما الجنس فالهدف الأساسى منه التناسل وهذا ينتفى فى الآخرة .. أما الشهوة والغرائز فلا وجود لهما أيضا هناك "

قلت : ما أشقاك أيها الجهول ؟! هل الله خلق النار من أجل أن يتمتع أهلها ؟!

وهل ينطبق ما يحدث فى الجنة على ما يحدث فى النار ؟! هل طعام أهل النار عنب ورمان وطلح منضود ؟!

يقول رب العالمين عن طعام أهل النار :

((وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ )) ( الحاقة : 36-37) .

((إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ )) ( الدخان 43-46) .

(( أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيمٍ )) ( الصافات : 62-67 ) .

(( لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا )) ( النبأ : 24-25 ) .

هذا حديث رب العالمين عن طعام وشراب أهل النار ، فهل هذا الطعام والشراب لإمداد أهل النار بالطاقة الضرورية للبقاء ؟!

ما هذا الغباء والتخلف ؟

ويأبى الله إلا أن يُثبت جهل هذا الأفّاك الذى قال : " أما الشهوة والغرائز فلا وجود لهما أيضا هناك " !!

ونسأله : وهل الأكل والشراب ليسا من الشهوة ؟!

ويزداد فى فضح غباء نفسه فيقول : " الهدف من الجنس التناسل ، وهذا ينتفى فى الآخرة "

قلت : إذا كان الأكل والشراب من أجل البقاء والاستمرار فهذا ينتفى مع أبدية الجنة التى لا موت فيها لأحد ، فلماذا الأكل والشراب ؟!

بئس ما تدعو إليه أيها الأفّاك الأثيم .

وفى محاولة رقيعة من الجاهل المدلس لإخراج آيات الله عن معناها يقول :

" أما اعتبار التزويج مرادفاً للمباشرة الجنسية بين ذكر وأنثى أو تمهيداً لها فهذا تنقضه الآيات : " جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ " ( ص 56-58 ) ، فالعذاب يتلاحق وهو من شكل الحميم " الحار " والغساق " السائل " ولكنه أزواج فيختلف ظاهره ولكنه من نفس التركيب .

كما نرى نقضاً آخر لهذا المفهوم فى قوله تعالى : " لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ " ( الشورى 49-50 )  ، إن الآية توضح الاحتمالات الأربعة فى هبة الأولاد ، وما يتعلق بموضوعنا هو أن التزويج لا يعنى عملية نكاح أو تحضير له بين الإخوة فى نفس العائلة "

ونقول : يُحاول الجاهل أن يُدلس على الآيات الكريمات التى تتحدث عن الزواج من الحور العين :

(( كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ )) ( الدخان : 54) .

(( مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ )) ( الطور : 20 ) .

(( وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) ( الواقعة : 22-24) .

يدعى الجاهل بأن كلمة التزويج الجنسى يقول عنها القرآن الكريم تزوج فلان فلانة وليس تزوج فلان بفلانة كمثل قول الحق سبحانه :

(( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا )) ( الأحزاب : 37 ) . فلم يقل زوجناك بها وإنما قال زوجناكها .

حسناً : يقول ابن سلام : تميم تقول : تزوجت امرأة وتزوجت بها ، وحكاه الكسائى أيضاً ، وقال أبا عبيدة : لفظ التزويج يدل على النكاح .

ويقول مجاهد : أنكحناهم الحور ، ولفظ الباء تدل على الاقتران والضم ، هذا أبلغ من حذفها والله أعلم .

ونسأل هذا الدعى الجهول : الرجل الذى يتزوج امرأة ماذا يقول عنه الناس ؟

هل يقولون دخل فلان فلانة ؟! أم أنهم يقولون دخل فلان بفلانة ؟؟؟

فمعنى التزوج بحور عين أنهن للاقتران برجالهن وللاستمتاع الجنسى ، دل على ذلك حرف الباء .

أما إشارتك لما جاء فى سورة ( ص) ، فكلمة " أزواج " فى الآية تعنى " أصناف وضروب كثيرة وأنواع شتى " ، ولا تعنى ما تدعيه أنت بأنها من نفس التركيب !!

ويأبى الله إلا أن يفضح جهلك من خلال تفسيرك المغلوط لآيات سورة الشورى ، إذ فهمت " يُزوّجهم ذكرانا وإناثا " على أنها تعنى " عملية النكاح والتحضير له بين الإخوة فى نفس العائلة " ، وهذا لعمرى أكبر دليل على اختلال عقلك وضمور فكرك ؛ فمعنى كلمة " يُزوجهم " فى الآية الكريمة ، أى يجعلهم أو يقرن لهم – للذين وهب لهم الإنجاب – بين الذكور والإناث ، وسياق الآيات ينفى تماما ما ذهبت إليه أيها الجهول .

ويذهب الجهول إلى تفسيرات تعسفية لم يأت بها أحد من العالمين ، فيقول :

" ولنقرأ الآية التى أتى فيها لفظ " حور " مفردة دون أن يربط ب " عين " : " وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مُدْهَامَّتَانِ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ " ( الرحمن 62-74) ، ونلاحظ أن صيغة المثنى حافظت عليها الآيات من الآية 62 إلى الآية 69 " جنتان .. مدهمتان .. فيهما عينان .. فيهما فاكهة " ، ثم يتحول المثنى إلى جمع مؤنث : " فيهن خيرات حسان " فلمن تعود نون " فيهن " ؟ ونرى أن الخيرات الحسان راجعة إلى الفاكهة والنخل والرمان وهى بتعبيرنا الحالى المواد الغذائية التى تمد الجسم بالطاقة من بروتينات وسكريات وغيرها ، وتواصل الآية وصف الخيرات على أنها " حور مقصورات فى الخيام " أى أن هذه الخيرات الحسان محصورة داخل خيام الفاكهة والنخل والرمان هذه الخيرات مهداة " لمن خاف مقام ربه " ذكرا كان أو أنثى ، وقد قال البعض إن معنى الطمث هو افتضاض عذرية " الحورية " وأرى الآية بعيدة عن هذا " لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ " ، فلفظ " قبلهم " يعنى أن الخيرات الموجودة فى الفاكهة لم يذقها ولم " يفتضها " لا إنس ولا جان ، وأما اعتبار الحور عذارى خلقن أساسا لأهل الجنة فيبقى السؤال عن معنى وجود لفظ " قبلهم " ؟

وأرى أن لفظ " قبلهم " متعلق بفعل " الطمث " فإن اعتبرنا الطمث هو الافتضاض فلا مبرر للفظ " قبلهم " أما اعتبار نون " يطمثهن " تعود على الفاكهة فالطمث هنا يعنى التلذذ بأكل الفاكهة ويصبح لفظ قبلهم يعنى أنه لم يوجد أحد قد ذاق مثل هذا الرزق من قبل ، إضافة إلى أن الجنة ليست مكاناً للتناسل وبقاء النوع أما الأكل والشراب فهما عمليتان تجديد الطاقة بطريقة أو بأخرى "

قلت : النون فى " فيهن " تعود على الجنتين وما فيهما ، ولا تعود على الفاكهة أيها الغبى ، ويُضحكنا هذا الجهول على قوله أن الفاكهة فى الخيام ، وكأننا فى وكالة البلح أو البطيخ !!

وحتى نقطع على هذا السفيه المختل سخف هذيانه نُطالبه أن يأتى بقاموس لغة عربية واحد على وجه الأرض يدعى أن الحور العين تعنى الفاكهة !

يقول ابن منظور : " الحور : أن يشتد بياض العين وسواد سوادها وتستدير حدقتها وترق جفونها ، ويبيض ما حواليها " لسان العرب ج 2

والحور : جمع حوراء وهى المرأة الشابة الحسناء الجميلة البيضاء شديدة سواد العين ، وقال الإمام البخارى : هى التى يحار فيها الطرف ، وقال مجاهد : هى التى يحار فيها الطرف من رقة الجلد ، وصفاء اللون .

أما العين فجمع عيناء ، وهى واسعة العين حسناؤها .

عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، والتى تليها على أضواء كوكب درى فى السماء ، ولكل امرئ منهم زوجتان ، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم ، وما فى الجنة أغرب " ( البخارى ومسلم ) .

وعن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " للرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين ، على كل واحدة سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء الثياب " رواه الإمام أحمد .

أما عن معنى الطمث التى ادعى الجاهل أنها تعنى اللذة ، فنورد له قول ابن منظور عن معنى كلمة الطمث :

((  طمث: طَمِثَت المرأَةُ تَطْمَثُ طَمْثاً، وطَمَثَتْ تَطْمُثُ، بالضم،

طَمْثاً، وهي طامثٌ: حاضَتْ؛ وقيل: إِذا حاضَتْ أَوَّلَ ما تَحِيضُ؛ وخصَّ

اللحياني به حَيْضَ الجارية. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: حتى جئنا

سَرِفَ فطَمِثْتُ؛ يقال: طَمِثَت المرأَةُ إِذا حاضت، فهي طامِثٌ.

وطَمَثَتْ إِذا دَمِيَتْ بالاقْتِضاضِ. والطَّمْثُ: الدمُ والنكاح. وطَمَثْتُ

الجاريةَ إِذا افْتَرَعْتَها. والطامِثُ، في لغتهم: الحائِض. وطَمَثَها

يَطْمِثُها ويَطْمُثُها طَمْثاً: اقْتَضَّها، وعَمَّ به بعضُهم الجماعَ. قال

ثعلب: الأَصلُ الحيضُ، ثم جُعل للنكاح. وطَمَث البعيرَ يَطْمِثُه

طَمْثاً: عَقَلَه. والطَّمْثُ: المَسُّ، وذلك في كل شيءٍ يُمَسُّ. ويقال

للمَرْتَعِ: ما طَمَثَ ذلك المَرْتَعَ قبْلَنا أَحدٌ، وما طَمَثَ هذه الناقةَ

حَبْلٌ قَطُّ أَي ما مَسَّها عِقالٌ. وما طَمَثَ البعيرَ حَبْلٌ أَي لم

يَمَسَّه.وقوله تعالى: لم يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قبلهم ولا جانٌّ؛ قيل: معناه

لم يَمْسَسْ، وقال ثعلب: معناه لم يَنْكِحْ. والعرب تقول: هذا جَمَلٌ ما

طَمَثَه حبلٌ قَطُّ أَي لم يَمَسَّه. ومعنى لم يَطْمِثْهُنَّ: لم

يمسسهنّ. وقال الفراء: الطَّمْثُ الاقْتِضاضُ، وهو النكاح بالتَّدْمية. قال:

والطَّمْثُ هو الدم، وهما لغتان. طَمَثَ يَطْمُثُ، ويَطْمِثُ. والقُرّاء

أَكثرهم على: لم يَطْمِثْهُنّ، بكسر الميم. أَبو الهيثم: يقال طُمِثَتْ

تُطْمَثُ أَي أُدْمِيَتْ بالاقْتضاض. وطَمِثَتْ على فَعِلَتْ إِذا حاضَتْ؛

وقولُ الفرزدق:

وَقَعْنَ إِليَّ، لم يُطْمَثْنَ قبلي،

فهنَّ أَصَحُّ من بَيْضِ النَّعامِ

أَي هُنَّ عذارَى غير مُفْتَرَعاتٍ. )) ( لسان العرب ج 4 ص 2701 ) .

والسؤال من أين أتى هذا الجهول بمعنى " اللذة " ؟؟

هل ورد هذا فى لسان العرب لا بن منظور الساكن فى كوكب المريخ ؟!

لم يطمثهن خاصة بالحور العين أى لم يفتضهن أحد ، وكلمة " قبلهم " تدل على أن هؤلاء الحوريات لم يطمثهن أى إنس أو جن فى أى وقت من الأوقات ، بل هن مخلوقات عذارى لأهل الجنة ، فلا يتبادر إلى ذهن إنسان أنهن قد طُمثن من قبل فى أى زمن .

 

أما حديثك عن الفاكهة وأنها هى الحور العين واستشهادك بقول الحق سبحانه وتعالى : " إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ " ( الإنشقاق : 14 ) . على أنها وصف لرجوع الخيرات ، فهذا يرجع لقصور فهمك واختلال عقلك واتباعك للشيطان ، فشتان الفرق بين الاسم " الحور " وبين الفعل " يحور " ، فالحور تعنى نساء أهل الجنة ، و " يحور " تعنى الرجوع .

ويُواصل الجهول بذاءاته :

" لقد فهم البعض " قاصرات الطرف " على أنها الحورية التى تغض بصرها حياء فالطرف عندهم هو حاسة البصر مع أنه فى القرآن الكريم جانب الشئ : " وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ " ( من الاية 114 من سورة هود ) "

ونقول : فماذا تقول أيها المجهول فى قول الحق سبحانه وتعالى : (( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ )) ( النمل : 40)

فهل تعنى الآية الكريمة قبل أن يرتد إليك جنبك ؟!! فأين كان جانب سليمان عليه السلام ؟!

فلماذا تُلبّس وتدلس وتأتى بكلمة تُستخدم فى موضعها بمعنى لتطبقها على موضع آخر يحمل معنى آخر ؟؟

لقد أجمع مفسرو الأمة على أن " قاصرات الطرف " أى اللائى لا ينظرن إلى غير أزواجهن ، فمن أين أتيت بهذا الفهم الشاذ ؟!

وماذا تقول فى استخدام كلمة طرف بمعنى العين فى الأشعار العربية :

فغض الطرف إنك من نمير                        فلا كعبا بلغت ولا كلابا

هل كان يقصد : غض الجنب ؟!

ويقول الأفاق :

(( ولذلك نرى أن " حور عين " مكان خاص فيه مفهوم الرجوع وشئ ذو مظهر أملس يُشبه ملاسة العين وأنها تشبه اللؤلؤ المكنون فى المحار ، وهى مكان لتجديد الطاقة التى تسمح بالخلود فى الجنة يدخل فيها الإنسان دون خوف " !!

ونقول : من أين جئت بتلك الفرية الشنيعة ؟ وما هو دليلك من القرآن الكريم والسنة المطهرة ؟

هل هناك آية فى القرآن الكريم تقول أن " حور العين " هو اسم مكان ؟ !

هل هناك حديث صحيح أو ضعيف أو حتى موضوع يقول أن " حور العين " اسم مكان ؟!

هل وعد الله أهل الجنة بأن لهم " حور عين " خالدين فيها أبداً " ؟!

هل قال الله : لهم جنات " حور عين " تجرى من تحتها الأنهار ؟!

من أين إذاً أتيت بهذا التفسير العقيم الذى لا يقبله معنى الكلام على الإطلاق ؟؟

قبّحك الله أيها العابث بآيات الله .

ويواصل سخفه قائلاً :

" أما عن القول بأن القرآن يصف افتضاض العذارى فلنقرأ : " إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ " ( الواقعة : 35-38) .، ونسأل على من تعود نون " أنشأنهن " ؟ إن لم تعد إلى الوصف الذى فى الآيات السابقة على هذه الآيات " فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ وَمَاء مَّسْكُوبٍ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ " ( الواقعة 28-34) ، أما أن يُقال إن النون تعود على كائنات جنسية اسمها " حور عين " فأين هى فى الآيات التى تصف نعيم أصحاب اليمين ؟ إننا أمام أفكار لا تنظر فى الآيات ولا تهمها الألفاظ ولا السياق " .

ورداً على سؤال الجهول " على من تعود النون ؟ نقول أيها الجهول : النون تعود على الآيات التى لم تذكرها لحاجة فى نفسك الأمارة بالسوء ، إذ يقول الحق سبحانه وتعالى :

(( أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ وَمَاء مَّسْكُوبٍ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ )) ( الواقعة 11- 40 ) .

يتبين لنا أن النون تعود على الحور العين ولا تعود على الفاكهة كما يزعم المخبول .

ويُواصل إسفافه قائلاً :

" ومن هذه الأفكار جعل بعض المفسرين " أبكارا " هى جمع البكر أى العذارى ولو كانت " الحورية " هى متاع جنسى أنشئت إنشاء لسكان الجنة فما سبب إضافة " فجعلناهن أبكارا ؟ " هل يمكن أن نشك فى كونها ثيبا حتى توضحه الآية ؟ ، إن البكر فى القرآن الكريم من البكور أى الشئ فى بدايته فهو ليس باليا ولا يابسا ، كما جعلوا " عربا " المتحببات "  إلى أزواجهن مع أن أقرب مشتقات " عربا " هى " عربى " والمقصود بها كمال الخلقة والصنعة كما هو حال القرآن فى وصفه بالعربى لكمال لسانه وأيضاً جعلوا " أترابا " نساء من نفس السن مع أن أقرب المشتقات فى القرآن الكريم لأتراب هى " التراب " ، ومن وجهة نظرى أن العديد من المفسرين لا يتحاكمون للقرآن فى بنيته لمعرفة دلالة ألفاظه بل يتحاكمون للشعر وآراء محصورة فى التاريخ لا يمكن أن تتعداه "

ونقول : وكأن هذا السفيه يُريد قرآنا وفق مزاجه المريض ، فتارة يقول لماذا لم يقل الله كذا !؟ ، وأخرى ما هى فائدة إضافة كذا ؟ وثالثة على من تعود كذا .... إلخ وقاحاته .

يقول الحق سبحانه " إنا أنشأناهن إنشاء " أى أنه أنشأ نساء الجنة نشأة أولى يقصد ( الحور العين ) ونشأة ثانية وهن نساء الدنيا يُصبحن فى النشأة الثانية حورا عينا .

" فجعلناهن أبكارا " أى عذارى .

ولهذا السفيه الذى يقول كلمة بكر تعنى الشئ فى بداياته نقول له ما رأيك فى قول الحق سبحانه وتعالى :

((عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا )) ( التحريم : 5 ) .

فماذا تعنى كلمة " أبكارا فى الآية " ؟

هل تعنى الشئ فى بداياته ؟!

ثم ما دخل كلمة " عُربا " بكلمة " عربى " ؟ !

" عُربا " جمع عروب وتعنى المتحببة إلى زوجها .

وما دخل " أترابا " ب " التراب " ؟! وهل نقدر أن نقول أن " أترابا " مشتقة من " الترائب " " يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ " ؟! ما هذا العبث والاستخفاف ؟؟

وتأتى بعد ذلك لتدعى أن مفسرى القرآن الكريم هم الذين لا يتحاكمون إلى للقرآن فى بنيته لمعرفة دلالة ألفاظه !!

قلت : صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال " إذا لم تستح فاصنع ما شئت "

ويواصل الأفاق طرح عفن فكره قائلا :

(( وأخيراً أرى أن القرآن الكريم هو رسالة الله تعالى للإنسانية المرتقبة نحو معرفته جل جلاله ، وأن القرآن الكريم ليس كتابا يشترى إيمان الناس بوعودهم بوعود جنسية فى الآخرة ، ولكن ليُطهرهم ويُرقيهم إلى مرتبة تسمح لهم بالاستعداد للآخرة ولدخول مرحلة جديدة لا يدخلها إلا من اتقى وفاز فى هذا الاختبار الدنيوى ، ولذلك أرى أن الجنة ليست مكانا للأفعال الجنسية بل مكانا أرقى للخلود نجدد فيه طاقاتنا اليومية بالأكل والشراب ونستقى طاقة الخلود فى " حور عين " وأن نعيم الجنة ليس فقط شرابا وأكلا دون عناء وتعب ، ولكن ليفسح لنا المجال للارتقاء الحقيقى فى الوجود مع الله تعالى ))  أ.ه

قلت : هذه هى مضمون دعواه الآثمة وهى بعينها دعوى النصارى " لا جنس فى الجنة لأن الجنة أرقى من الجنس " وهكذا ردّد هذا المأبون من خلفهم وادعى أنه أتى بمالم تستطعه الأوائل !

من قال لك أيها الوقح السفيه أن الإسلام أتى ليقول للناس : من يعتنق الإسلام سيمارس الجنس فى الآخرة ؟

ومن قال أن الجنة مكان للأفعال الجنسية ؟

هل معنى أن يضع الإنسان كتابا فى بيته هل معنى ذلك أن بيته تحول إلى مكتبة ؟!

وهل معنى أن يُمارس الإنسان الجنس مع زوجته هل معنى ذلك أن منزله تحول إلى بيت للدعارة ؟!

بالمثل : هل يعيب الإنسان أن يُمارس الجنس فى الجنة ؟؟

الإجابة : لا .. لأن الجنة خُلقت للصالحين الأتقياء الذين وعدهم الله بمالا يخطر على قلب بشر .

بئس ما ذهبت إليه أيها المأفون .

يقول الحق سبحانه وتعالى :

(( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ )) ( آل عمران : 14 )

يصف الله متاع الحياة الدنيا ويذكر أول شئ " النساء " ويقول أن عنده حسن المآب :

(( قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )) ( آل عمران : 15 ) .

فماذا تعنى " الأزواج المطهرة " فى الآية الكريمة ؟!

تعنى نساء الجنة الذين هم خير من نساء الدنيا .

ونورد لهذا السفيه آية صاعقة وردت ضمن آيات تتحدث عن جزاء المتقين ، والآية تنسف جميع ما قاله من أكاذيب وأراجيف :

(( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا وَكَأْسًا دِهَاقًا لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَابًا )) ( النبأ : 31- 36 ) .

ومعروف أن الكواعب الأترابا هم الحور العين

ونسأله : ماذا تعنى " كواعب أترابا " ؟؟

هل ستقول أن " كواعب أترابا " اسم مكان فى الجنة مثل مكان " حور العين " المزعوم " ؟!!

إن الحور العين هم نساء أهل الجنة دل على ذلك القرآن الكريم والحديث الشريف ، يقول الحق سبحانه وتعالى :

(( وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )) ( البقرة : 25 ) .

(( قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )) ( آل عمران : 15 ) .

(( وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِـلاًّ ظَلِيلاً )) ( النساء : 57 ) .

(( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ )) ( الرعد : 23 ) .

(( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ )) ( يس : 55- 56 ) .

وكذلك فإن الله سيحشر الكفار مع أزواجهم :

(( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ )) ( الصافات : 22 ) .

لقد حاول هذا السفيه إقامة دعوة نصرانية فى الإسلام ألا وهى " الملكوت بلا جنس " أو " جنة بدون جنس " عن طريق اختراع معانى للكلمات وعن طريق تأويل آيات الله وفق هواه وعن طريق كتابة أفكار شيطانية على أنها عين اليقين وغاية الكمال ! وفى مثل هذا المجرم نزل قول الحق سبحانه وتعالى :

(( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )) ( فصلت : 22 ) .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.