أين أمة رسول رب العالمين من كارثة هايتي

أين أمة رسول رب العالمين الرحمن الرحيم

من كارثة هايتي؟!

زهير سالم*

[email protected]

ومر يوم سادس وأموات تحت الأنقاض، وأحياء فوقها، وفريق بين بين، لا أحد يدري عنه خبراً. أجساد الموتى بدأت تتفسخ، ورائحة الجسد الإنساني بدأت تفوح، دون أن تجد غراباً يعلم قابيل القرن العشرين المبادرة ليواري سوأة أخيه القتيل.

في عصر (السرعة) يبدو العالم غير متعجل للمشاركة في تكريم الموتى، وإنقاذ الهلكى!! فإنسان هايتي الملون والفقير، لا يستحق من العالم المتخم بالصواريخ العابرة للقارات، وبالطائرات العملاقة التي تسبق سرعة الصوت مبادرة إنقاذ حقيقية وجادة تخفف المعاناة وتتدارك بعض ما يمكن تداركه.

 وحين تتفهم مضطراً أبعاد تراخي رأسمالية جشعة خالية من أي معنى إنساني حقيقي عن الإقدام على إغاثة اللهفان في الوقت والأسلوب الأمثل؛ لابد أن يلح عليك السؤال: وأين أمة رسول رب العالمين الرحمن الرحيم مما يجري هناك!! .. على مدار أسبوع وكلنا يسمع صوت النواح في الإعلام العالمي، وكلنا يشاهد صور الدمار وقد قام في الإنسان والبنيان. تحركت بعض طائرات عجاف من بعض الأقطار تحمل على متنها بعض المساعدات...!!

ومع حاجة القوم هناك إلى هذه المساعدات وإلى أضعافها المضاعفة، نعلم أيضا أن الإنسان هناك بحاجة إلى (ساعد) أخيه الإنسان يرفع معه حجرا، أو ينقذ مردوما، أو ينتشل جثة، أو يحفر قبرا، أو يدفن جثمانا. الإنسان هناك بحاجة إلى سواعد الشباب، ولمسات الأطباء، وجهود المهندسين، وفي عالمنا العربي والإسلامي قدرات وطاقات وإرادة وعزيمة؛ فلماذا لم نر دولة عربية واحدة تفتح باب العمل التطوعي الإيجابي ليمد الإنسان يده لأخيه الإنسان؟! لماذا لم تبادر الاتحادات الشبابية والطلابية والنقابية العربية إلى مبادرة من هذا النوع تثبت من خلالها للعالم أن هذه الأمة بحق هي خير أمة أخرجت للناس؟!

 وكانت المبادرة تستحق لأن في شريعة خير أمة أخرجت للناس أن بغيّاً قد غُفر لها بسقيا كلب أجهده العطش، فكيف بسقيا الإنسان؟!

 وكانت المبادرة تستحق لتصحيح صورة نمطية رسمها أعداء هذه الأمة لأبنائها، وأعانهم عليها قوم آخرون من بني جلدتنا وهم يشعرون أو لا يشعرون...

 وكانت المبادرة تستحق أيضا لأنها أنموذج من نماذج المبادرة المغيَّبة في عالمنا بفعل فاعل، وقرار صاحب قرار. أنموذج للعمل التطوعي الذي بات مفقوداً في جيل من أبنائنا تعود أن يسال دائماً عن الذي له دون أن يعرف الذي عليه.

 وكانت المبادرة تستحق لأنها ستكون مناورة تدريبية حية على التصرف في مواجهة أمثالها، فهي تجربة حية تفيد الشاب والطبيب والمهندس بعض الخبرة الواقعية الحية، وقى الله أهلينا وديارنا من كل سوء..

 وكانت المبادرة تستحق لأنها درس بالغ في العظة والعبرة ومواجهة أمر الله، وتمثل معنى مصغر لأبعاد قوله : " إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا .. ".

كانت المبادرة تستحق بكثير من المعاني والأبعاد الإسلامية والقومية والإنسانية والأخلاقية، ولو استنفر مستنفر ممن أمسكوا بزمام أمور هذه الأمة، لو استنفروا أبناءها لأجابهم إليه من الوفرة والعدد أكثر مما يتوقعون، دون أن يرزؤوهم نفقة أو مالاً..

 وتعود للسؤال ولكن لماذا يُحال بين شباب الأمة وبين الخير الذي يريدون، ثم تتذكر، يوم زلزال الإسكندرية وكيف مُنع الإخوان المسلمون من مواساة أهليهم المنكوبين، وتتذكر واقعة شباب (داريا) حين بادروا إلى حملة تطوعية لتنظيف بلدتهم الصغيرة، فكان من أمرهم ما لا يمكن أن يكون!!!

              

(*) مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية