وقفة ضرورية حول واقعنا وختان الإناث
وقفة ضرورية حول واقعنا وختان الإناث
عبده مصطفى دسوقي
باحث تاريخي وطالب ماجستير في التاريخ الحديث
[email protected]
لعل اختلاف الليل والنهار وحرب التراشق السياسى أنسانا واقعنا المأساوي المرير، وضياع الأخلاق فى مجتمعنا، فكل يوم تخرج علينا الصحف والإذاعات بما يحدث بين النظام والإخوان، وماينتشر من فساد سياسي فى معظم مؤسسات صناعة القرار، كما أنها لاتهتم إلا بأخبار هامشية.
لقد سيطرت الأمور السياسية على حياتنا وواقعنا، وتجاهلت الصحف والدولة الظواهر الاجتماعية التى فشت فى المجتمع وأودت بانهياره دون الانتباه إليه ، وانشغلت الصحف القومية بمتابعة أخبار سيدة مصر الأولى وحملتها ضد ختان الإناث والتضامن مع أهالى الطفلة بدور، كما انشغل المجلس الأعلى للطفولة، والمجلس الأعلى للمرأة، وكل مؤسسات الدولة الإعلامية والدينية والأمنية لمحاربة ختان الإناث، وكأن منع ختان الإناث سيعيد الأمان المفقود إلى الشعب المصرى، وسيوفر لقمة العيش للكادحين، وفرص العمل للعاطلين من أبناء هذا الوطن، أويقضى على الفساد المستشرى داخل مؤسسات الدولة، أويحمى المواطن من بطش الكبار ورجال الشرطة دون وجه حق.
ولا أدرى ما الفائدة التى عادت على الدولة من جراء هذه الحملة الضخمة ضد ختان الإناث ؟!!
كما لا أدرى ما يعود على الدولة من تقدم أو تاخر من كون الإناث أختتن أم لم يختتن ؟!!
ولا أدرى ما أهمية أن تنشغل السيدة سوزان مبارك بمثل هذه القضايا التى لا تفيد المجتمع وتترك القضايا الكبرى كاإغتصاب الفتيات الذى انتشر، وكالزواج العرفى الذى أصبح يهدد كيان المجتمع، وكدور الخمر والكباريهات ودور الدعارة التى أصبحت تغزوا شوارع مصر، أوكالذى يعرض من عرى متعمد ودعوة إلى الفجور من داخل مؤسسة الإعلام التى يسيطرة عليها النظام الحاكم فى مصر ويراقبة؟!!
ولنفترض إن الختان عادة فرعونية وليست اسلامية فلماذا تخلينا عن الحضارة الفرعونية فى هذه القضية ؟!!
ولماذا أقحم شيخ الأزهر والمفتى نفسه فى قضية لا تعود على الأمة أو الدولة بمنفعة أو ضرر، كما لا تعود على الدين بشىء ؟!!
فمنذ الفراعنه حتى دخول الإسلام حتى عصرنا هذا ومعظم النساء يختتن ، ومنهن من لم يختتن، كلها أمور شخصية لم نسمع عنها، ولم تقدم جديد فى اقتصاد الوطن.
لكن الواضح من هذه الحملة دون غيرها هى اتباع للغرب الذى يريد أن ينشر الفاحشة وسط نسائنا بالرغم من كونه يعرف أن الأمة الإسلامية لا يفيدها كون الختان من عدمه ، وأن الأثر الطبى موكول للطبيب الثقة ، لكن من الواضح أن الغرب يريد أن يؤكد على عدة نقاط جوهرية:
1- تأكيد تبعية مصر والعالم الإسلامى له فى كل شئ وأن ما يريده الغرب هو ما سيكون حتى لو كان الأمر لا قيمة له.
2- تفريغ طاقات المجتمع المصرى والعالم الإسلامى بهذه القضايا الجزئية والفرعية والانشغال عن قضايا النهضة والرقى واللحاق بركب التقدم.
3- شغل مصر خاصة والعالم الإسلامى عن الجرائم التى ترتكب من قبل الأمريكان أو الصهاينة أو الهندوس أو غيرهم ضد أى مسلم فى بقاع العالم بمثل هذه القضايا.
الغرب حاول أن يغرس فى مجتمعنا تهميش القضايا والظواهر التى تؤدى إلى انهيار المجتمع –وهو أولى بالعناية من قبل المسئولين من الختان- ولذا انتشرت ظاهرة اللامبالاة والسلبية التى أصبحت تسيطر على أفراد الشعب، فأصبح الفرد لا يعرف ما هو حلال وما هو حرام، وما هو فى صالح الوطن وما هو ضار به.
وأصبح الرجل يجلس أمام التلفاز مع أبنائه ليشاهد الإباحية والعرى وهو لا يستشعر النتائج الوخيمة التى تترتب على ذلك.
لقد انتشر زنا المحارم، والإغتصاب من جراء ما يراه الشباب عبر شاشات التلفاز من التهوين من الإباحية وتقديم الأعذار للخيانة، فأصبح الشاب لا يبحث عما هو مفيد عبر شاشاته لكنه يبحث عما يطفأ شهوته، فتحدث الكارثة من اغتصاب وترويع للأمنين.
إن ما يحدث علانية فى الكباريهات والمولات يعد رجعه بالأخلاق إلى عصور الظلام، فأصبحنا نرى الراقصة توزع السيديهات الجنسية على رواد الكباريه دون خوف أو حياء، وأصبحت فتياتنا يقلدن كل شئ يرونه فى التلفاز ، واصبح هم الشاب البحث عمن يقضى معها ليلته دون خوف أو رقيب، وأصبح الإغتصاب شئ عادى وأصبحت الصحف تطالعنا عن جرائم الإغتصاب وذلك لضعف الرقابة الأمنية ولضعف القوانين الرادعة، أليس هذا أولى بعناية الدولة ومؤسساتها من كون الختان سنه أم غير سنه؟.
ولا أدرى على أى دليل أفتى المفتى وشيخ الأزهر بأن الختان حرام.. هل لكون الطفلة بدور توفيت أثناء إجراء عملية ختان ؟!! فالكل يعلم أن كمية البنج الزائدة كانت هى السبب فى الوفاة.
لقد تكلم فيه كل ائمة الفقة كالشافعية والمالكية والحنفية وقالوا هو جائز ومكرمة للفتاة فهل هؤلاء الأئمة مخطئين والمفتى وشيخ الأزهر هم على صواب؟!!
نحن لا نجحد الإجتهاد لكن الإجتهاد القائم على دليل.
لقد انتشرت موائد الميسر والقمار فهى ممدودة لكل مقامر يجلس اليها عامر الجيوب ويغادرها خاوى الوفاض، ولا يتم ذلك الا على حساب الأب الهرم العاجز عن الكسب، والأم المنكوبة، والزوجة المسكينة، والأطفال الأبرياء فأين حماية الشرطة لهؤلاء.
أهيب بمن يريد إصلاح الوطن أن يتذكر حديث رسول الله (ص)القائل فيه:" خصال خمس إذا ابتليتم بهن ونزلن بكم وأعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم 0 ولم يمنعوا زكاة مالهم إلا منعوا القطر من السماء ، ولولا لبهائم لم يمطروا 0 ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونه وجور السلطان 0 ومالم يحكموا بكتاب الله إلا جعل بأسهم بينهم0 ولم ينقضوا عهد الله ورسوله إلا سلط عليهم عدو من غيرهم فأخذ بعض ما في أيديهم".
إن الجبين ليندى مماشاع من فساد وإنحلال وانتشار الملاهى الليلية،والكباريهات وفتيات الليل، واللفتات المعلقة عليها مصرح عليها بتقديم الخمور فى شوارع بلد الأزهر الشريف مثل الهرم وجامعة الدول العربية وغيره من الشوارع، فقد أصبحت كل هذه الأماكن مرتعا للمفسدين، وأبوابها مفتوحة لكل طارق وزائر، ومازالت محلات بيع الخمور تستقبل فى الليل والنهار روادها ليجرعوا السموم التى تذهب بأثمن ما من الله على عباده وهو العقل.
فياشيخ أزهرنا ويامفتى دولتنا إن لكل دعوة أئمة يهدون إليها، وينهضون بها، وإنما ينجحون اذا امنوا هم بدعوتهم وعملوا بأحكامهم، وكانواأنفسهم أول المنفذين لها، وبدون هذه القدوة لاتفيد العظة، ولاتتمكن الغيرة، ولاتنجح الدعوة فكونوا مثالا حيا لتعاليم الدين الحنيف ولا تغرنكم المناصب فإنها إلى زوال.
قال صلى الله عليه وسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس , ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها , وإن ريحها توجد من مسيرة كذا وكذا )
إننى أهيب بالإخوان المسلمين والمصلحين فى هذا الوطن أن يعملوا على معالجة هذه الظواهر والإباحية التى انتشرت بصورة مفزعة وسط المجتمع، وأقول لهم لانظن أن الشعب المصرى ضعيف إن وجد القائد، لكن لو سرتم به فى طريق الفضيلة والخلق والاسلام الصحيح لوجدتم منهم شعبا هو أبسل الشعوب، يجود بالنفس والمال فى حماية عقيدته، والذود عنها، والسير وراءكم الى النهاية فى سبيل هذا الاصلاح، وأذكركم بقول الله تعالى:" وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ "
كما أهيب بنظامنا الحاكم ووزرائه العمل على التفكير فى الرقى بالوطن ولا تشغلكم قضايا لا قيمة لها، فإن كنتم لا تريدون الإسلام فى السياسة وتريدون الحكم بالعلمانية فهذه أمور لا تحتاج الى سياسة لكنها تحتاج الى بعض الخوف على مصلحة أبناء الوطن ولا تأمنوا على أبناءكم أن يحدث لهم ما يحدث للمجتمع فاغضبوا من اجل أبناءكم وأبناء وطنكم.
اللهم اهدنا إلى الصراط المستقيم .