أم النكبات

إيمان حامد الوزير

أم النكبات

إيمان حامد الوزير

[email protected]

أربعون عاما مضت على أخطر هزائم العرب في القرن العشرين إن لم تكن أخطرها منذ الحملة الصليبية الأولى ، لولا أن ما يميز الماضي الوسيط الذي حدثت فيه الحروب الصليبية هو قدوم صحوة كفاحية عربية جاءت بظهور الزنكيين ثم صلاح الدين الذين نجحوا في كبح جماح الهزيمة عن وطننا العربي ، فيجوز  لنا أن نسمي تلك الحملة الصليبية (  بالنكسة ) . أما نكستنا التي تحمل العام الأربعين من عمرها فلا أخالها إلا نكبة ولاّدة لمزيد من الهزائم التي تلتها، ولست أنكر هنا انتصارات العرب في أكتوبر لكن المؤمنين بها لا يستطيعون إنكار محدوديتها وضآلة المكاسب التي حققتها مقارنة بالهزيمة التي سبقتها ، فضياع القدس ليس كضياع طابة أو القنيطرة ، وبالتالي تحريرها سيكون حدثا له صداه في العالم كله ، وبقاؤها تحت نير الاحتلال العنصري الصهيوني لا يعد نكسة بل نكبة كبرى أكبر من سابقتها ، حتى في المفهوم اللغوي فإن النكسة بلغة أهل الضاد تعني إعياء ولابد أن يليها استفاقة وكأن هذا الجسد كان صحيحا ثم أصابته انتكاسة ، لكن هذا الجسد الذي واجه حرب 67 لم يكن سليما أصلا وبالتالي زادته تلك الحرب مرضا على مرض حتى أصبح ( الرجل المريض ) الذي لا يرجى شفاؤه .

لم تترك حرب 67  آثارها على الأرض فقط بمفهوم الانتصار العسكري أو القداسة الدينية للمدينة أو تشرد الإنسان وحسب ، بل في المزيد من النكبات سواء على المستوى السياسي فيما يحدث على الأرض الفلسطينية والعراقية والعربية بشكل عام ، أو على المستوى الاقتصادي من تفشي الفقر والبطالة والأمية المستفحلة في الوطن العربي ، مرورا بالفكر الديني  والثقافي المتمثل في الذيولية وغياب الثوابت والقيم الأصيلة وتمزق الانتماء وتعاظم الطائفية .

فالفكر الديني في العالم العربي بات متخبطا ما بين الإرهاب وفتاوى الموضة التي انتشرت في ظل غياب شبه كامل لدور المجمع الفقهي عن القيام بدوره  

الديني ، وصولا إلى الثقافة الأدبية من شعر وقصة ورواية يسعى خلالها أصحابها إلى شهرة عالمية حتى ولو جاءت عن طريق لغة جسد ضحلة تمثل انحطاطا إبداعيا في عالم الأدب سعيا وراء شهرة لا يقف حدها حتى في  قدح الذات الإلهية تحت شعارات ( الحرية الفكرية ) التي لا تختلف عن ثقافة

 ( الواوا ..... ) التي تحظى بقبول جماهيري في عالمنا العربي يدل على هبوط الذائقة العربية إلى أدنى مستوياتها الأمر الذي جعلها تستحق بجدارة لقب ( أم النكبات )