تجزئة الإسلام
رضوان سلمان حمدان
أن الإسلام نفسه يرفض تجزئة أحكامه وتعاليمه، وأخذ بعضها دون بعض.
وقد اشتد القرآن في إنكار هذا المسلك على بني إسرائيل، فقال تعالى في خطابهم: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة:85].
ولما أحب بعض اليهود أن يدخلوا في الإسلام بشرط أن يحتفظوا ببعض الشرائع اليهودية، مثل تحريم يوم السبت، أَبَى الرسول عليهم ذلك إلا أن يدخلوا في شرائع الإسلام كافة.
وفي ذلك نزل قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة:208].
وخاطب الله سبحانه رسوله فقال: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [المائدة:49].
فهنا يحذر الله رسوله من غير المسلمين: أن يصرفوه عن بعض أحكام الإسلام، وهو خطاب لكل مَن يقوم بأمر الأمة من بعده.
والحقيقة أن تعاليم الإسلام وأحكامه في العقيدة والشريعة والأخلاق والعبادات والمعاملات: لا تؤتي أكلها إلا إذا أخذت متكاملة، فإن بعضها لازم لبعض، وهي أشبه (بوصفة طبية) كاملة مكوَّنة من غذاء متكامل، ودواء متنوع، وحِمْية وامتناع من بعض الأشياء، وممارسة لبعض التمرينات ... فلكي تحقق هذه الوصفة هدفها، لا بد من تنفيذها جميعا. فإنَّ تَرْك جزء منها قد يؤثر في النتيجة كلها.