مآذن المساجد

محمد فاروق الإمام

هل موقف تركيا يوقظ نيام أمتنا؟!

محمد فاروق الإمام

[email protected]

سويسرا لم تعر كل هذا أية قيمة، وضربت عرض الحائط بكل مصالحها مع العرب، وأجرت الاستفتاء العنصري الذي صوَّت فيه 57.4% من السويسريين في استفتاء عام الأحد الماضي لصالح اقتراح قدمه اليمين السويسري المتطرف بحظر بناء المآذن باعتبارها مؤشراً على التمدد الإسلامي في سويسرا".

وجاء الرد الحاسم والقوي من دولتين إسلاميتين غير عربيتين هما أندنوسيا وتركيا، ففي أحد أقوى ردود الفعل الرسمية القليلة الصادرة من العالم الإسلامي إزاء التصويت بمنع بناء المآذن في سويسرا، وصف الرئيس التركي عبد الله جول الثلاثاء 1/12/2009 الاستفتاء ونتيجته بأنه (عار على سويسرا، وعلامة أخرى على تنامي الإسلاموفوبيا (الخوف من الإسلام) في أوروبا، مطالباً باتخاذ ردود فعل سريعة إزاء هذا التطور الجديد من فصول (كراهية الإسلام) في الغرب.

وبحسب ما نقلته صحيفة (زمان) التركية الأربعاء 2-12-2009 قال (أجامان باغيش)، وزير الدولة ورئيس فريق التفاوض مع الاتحاد الأوروبي: (بعد استفتاء الأحد 29-11-2009 فإنني أدعو المسلمين إلى إعادة التفكير في خياراتهم المصرفية، وأنا على يقين من أن هذا الاستفتاء مناسبة لإخواننا في الدول الإسلامية الذين يودعون أموالهم في البنوك السويسرية لأن يعيدوا النظر).
ووسط عدد من الصحفيين الذين كان يتحدث إليهم في العاصمة السويدية أستوكهولم حث باغيش المسلمين على (أن ينظروا إلى تركيا كبديل أبواب بنوكنا التي نجت من عاصفة الأزمة المالية العالمية الضخمة تفتح ذراعيها لاستقبالهم).

وقارن الوزير التركي بين الوضع في سويسرا بعد هذا الاستفتاء، التي ينظر العالم لها على أنها واحة الديمقراطية والتسامح، وبين (مستوى الاحترام والتسامح الذي توليه تركيا التي يصل عدد مسلميها إلى 99% للأقليات من اليهود والأرمن واليونانيين المسيحيين الذين يمارسون شعائرهم بحرية تامة في الكنائس والمعابد).

وتعد دعوة باغيش المستثمرين المسلمين لسحب أموالهم من سويسرا وتوجيهها إلى تركيا انعكاساً مباشراً لسياسة حكومة حزب العدالة والتنمية منذ قدومها للحكم عام 2002 الخاصة بتقوية علاقاتها مع كل دول العالم الإسلامي، واضعة بذلك حداً لسياسة الدولة التركية الحديثة في تقليص علاقاتها بهذا الجزء المهم من العالم، والتي وضعها مؤسس الدولة مصطفى كمال أتاتورك منذ عشرينيات القرن الماضي.

كما تتلاقى دعوة باغيش مع القلق الذي يضرب كلاً من الحكومة والبنوك السويسرية من ردة فعل بعض هؤلاء المستثمرين على التصويت بحظر بناء المآذن، خاصة مع إعراب مسلمين عن قلقهم من أن يكون الحظر مجرد خطوة لحظر بناء المساجد ذاتها، وما يعنيه هذا من سحب كثير من الحقوق والمزايا التي يتمتع بها المسلمون في هذا البلد.

ومن علامات تعويل سويسرا بقوة على الأموال الإسلامية في حماية اقتصادها من عواصف الأزمة المالية العالمية إعلان بنك (ساراسين) - أحد أكبر بنوكها الخاصة- قبل عدة أيام من إجراء الاستفتاء أنه أدرج نظام التمويل الإسلامي ضمن خدماته المالية كأول بنك سويسري يقدم على هذه الخطوة.
وتعد تصريحات باغيش أحدث ردود الفعل الرسمية التركية إزاء الاستفتاء السويسري، فقبيل زيارته إلى الأردن، وفي موجة غضب واضحة قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إنه (ما كان يجب البتة إحالة قضية تمس حرية المعتقد الديني لاستفتاء شعبي)، معتبرا أن الوصول لهذه المرحلة هو (انعكاس لتصاعد العنصرية ضد الإسلام في أوروبا).

ويعيش بسويسرا حسب الإحصاءات الحكومية الأخيرة نحو 400 ألف مسلم من أصل تعداد سكاني يبلغ 5.7 ملايين نسمة، ما يجعل الإسلام الديانة الثانية بعد المسيحية في البلاد، ولا يوجد في سويسرا سوى 4 مساجد لها مآذن.